No Script

أصبوحة

قرار كُتب بماء الذهب

تصغير
تكبير

ليس الموضوع هو ما كتبه الدكتور شفيق الغبرا في كتابه «النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت»، وليس دفاعاً عنه أو الكتابة ضده، بل الموضوع الأساس والذي يعنينا ككويتيين، هو قرار النيابة ورأيها في الشكوى المقدمة ضد د. الغبرا، وما كتبه في كتابه، خاصة في موضوع حساس بالنسبة للكويتيين، وهو موضوع الغزو والاحتلال وما حدث خلالهما، وموقف الجالية الفلسطينية من هذا الغزو.
ونحن ندرك جيداً حساسية هذا الأمر، بالنسبة للشعب الكويتي، الذي عانى الأمرين وذاق مرارة الخيانة والاضطهاد والقهر والتشرد، ولقد كنا ممن قرر البقاء في الكويت، رغم الصعوبات والخطر على حياتنا وحياة أبنائنا، وشهدنا وعرفنا جيداً مَنْ وقف مع القضية الكويتية ومَنْ وقف ضدها في الداخل والخارج.
ولا نريد الاستسلام للعواطف فقط، بل نريد تحكيم العقل والمنطق والحق، فمن الجالية الفلسطينية ومنظماتها ومن بعض الجاليات الأخرى أيضاً، مَنْ وقف وقوفاً صريحاً ضد الكويت، بل أقام بعضهم نقاط تفتيش مسلحة، ومنهم مَنْ ساعد وحمى الكويتيين، وحفظ جميل البلد الذي ضمهم على أرضه، ووفر لهم الأمان وسُبل العيش الكريم.
وحتى من الكويتيين مَنْ استغل الكارثة على الشعب الكويتي، وسرق أمواله وهناك من الكويتيين مَنْ سرق المساعدات، التي قدمتها الدول الشقيقة بعد التحرير، سواء من الأغذية أو غيرها، وهناك مَنْ زور في وثائقه، لكي يحصل على المساعدات، التي قدمتها الحكومة للصامدين، أو لمَنْ قرر الخروج والعيش في دول أخرى، وهناك مَنْ حاول اغتيال الرموز الوطنية، مستغلاً حالة الفوضى بعد التحرير، وهناك مَنْ زور ونسب أكاذيب وبطولات لنفسه دون وجه حق، منكراً على الشعب الصامد مقاومته وعصيانه المدني ضد المحتل، وغيرها من النماذج الكويتية وغير الكويتية.
كان هناك الكثير من الإرباك في المواقف والمشاعر، وهناك الكثير من الحقائق الضائعة، كل ذلك لا يعنينا في هذا المقال، بل يعنينا الموقف المشرف للنيابة العامة، وانتصارها لحرية الرأي والتعبير، وهو الموقف الذي جعلنا نشعر بأن الكويت ما زالت بخير، وأن من حق الجميع إبداء الرأي، طالما لا يتضمن فحشاً بالتعبير أو الإساءة الشخصية.
واعتبرت النيابة أن البحث العلمي، الذي نص الدستور على تشجيعه، يستوجب الترفع عن المشكو في حقه، وإن الحرية الأكاديمية تشمل الحق في التعبير، بلا خشية من قمع الدولة أو أي قطاع آخر، ولا يجب نزع العبارات منفصلة، عن سياق الحديث في أي كتاب علمي، فحرية الرأي والتعبير من الدعامات الأساسية في كل بلد ديموقراطي متحضر، وأنه لا نهضة تتحقق بلا استنارة وقبول للرأي والرأي الآخر.
فبغض النظر عن رأينا حول ما كتب، نرى أن القضاء الكويتي ما زال نصير حرية الرأي، بغض النظر عن القوانين المقيدة للحريات، التي فرضتها السلطتان التشريعية والتنفيذية، فهي ليست المرة الأولى التي ينتصر فيها القضاء، لحرية الرأي والتعبير، فقد دافع من قبل عن حرية روائيين كويتيين، منعت الرقابة أعمالهم الإبداعية.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي