No Script

قيم ومبادئ

مرحلة ما بعد الأحزاب العربية؟

تصغير
تكبير

مما اكدته الدراسات الحديثة اليوم، أنه لا توجد أي نظرية سياسية قديمة أو حديثة قادرة لوحدها على تفسير وفهم ما يجري في السياسة الدولية، بسبب مصالح الدول وتسلط القوي على الضعيف. كما يزيد الامر تعقيداً اليوم ان ممارسي السياسة، هم اساطين وملاك رؤوس الاموال والطبقة الارستقراطية في المجتمع وهم قادة الاحزاب أو وكلاؤهم بالعمولة الذين امتهنوا العمل السياسي أو فلول واتباع نظريات عفا عليها الزمن وغيرت مبادءها وآلياتها تبعاً لمصالحها بعيداً عن الموضوعية والعلمية، وبعيداً عن شعاراتها التي طالما اوهمت الجماهير بها؟ أو عبارة عن زعماء فكر قبلي أو طائفي يُغذَّى خارجياً محدود النظرة ضيق الافق ما زال يخوض حروباً داخلية طاحنة وسباقاً لاستحواذ اكبر نصيب من المسؤولية داخل الحزب والا فإعلان الحرب التي لا هوادة فيها؟
والنتيجة التي نعيشها اليوم، ضياع الجماهير العربية بطوفان الشعارات واستمرار التيه في عالم الفوضى والمتناقضات وصراع النخب وانحسار دور العقل والموضوعية في إدارة مشاريع السياسات العامة لنا كأمة إسلامية وعربية؟
 ولا أدري ما تفسير وصول عدد الأحزاب في تونس إلى 8 ناطقة بالفرنسية قبل الثورة، وبعدها أصبحت 121؟ وما زال الحبل على الغارب!


 فالخلاصة تقول، هذه مخرجات الاحزاب العربية اليوم بعد نصف قرن من الزمان من الدوران بحلقة مفرغة ولا بارقة أمل تلوح بالأفق ولاسيما بعد العولمة والذوبان بالآخر الذي يُراد ان نقبله ونحترمه؟
 والشيء بالشيء يُذكر، يمكن الاشارة هنا الى قانون الجمعيات الخيرية الذي أشار الى وجود الاحزاب الصادر في 3 اغسطس عام 1909 في لبنان أيام الامبراطورية العثمانية، الذي اعتبر مثالاً يحتذى في شأن عدم تدخل الدولة في شؤون الاحزاب.
ويؤكد المستشار عصام سليمان في المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة، انه على الرغم من وجود أكثر من أربعين حزبٍا في لبنان إلا انها جميعاً تشكو من ضعف الديموقراطية في داخلها؟ ويحق لنا هنا التساؤل، إلى ماذا انتهى لبنان اليوم؟ ويمكننا القول ان ما يجمع الاحزاب العربية جميعاً هو مبدأ «النفعية»، ذلك المبدأ الانغلوسكسوني بأقطابه الثلاثة المعروفة، وهي:
1 - النفعية الكلاسيكية التي تعتبر المجتمع كفرد واحد.
2 - النفعية المتوسطة والتي تسعى للوصول إلى الرضا التام في اقصى مداه لأكبر عدد ممكن في المجتمع.
3 - النفعية المثالية (الكمال)، وهو المعبر عنه بالمبدأ المعنوي ووفق هذا المعيار يكون هذا المجتمع افضل من غيره من المجتمعات، وهو اشبه ما يكون بالمدينة الفاضلة التي تخيلها افلاطون؟
 يقول عاطف السعداوي: «لو كانت للأحزاب السياسية العربية والنخب التي تديرها رغبة صادقة وإرادة حقيقية في إدارة أمورها في شكل ديموقراطي، لما استطاعت اشد النظم الاستبدادية اثناءها عن ذلك، ولكن ما يحدث غالبا هو ان تتلاقى رغبة النظام في عدم اقامة حياة ديموقراطية مع رغبة نخبة الاحزاب في ادارتها بشكل مستمر ومنفرد وبتركيز عال للسلطة ومن ثم يبرر كل طرف موقفه بموقف الطرف الآخر فالدولة تتهم الاحزاب بأن ممارستها غير الديموقراطية هي سبب حالة التأخر الديموقراطي العامة؟ والأحزاب تتهم الدولة بأنها السبب في انشقاقها وانتكاستها الديموقراطية؟»، هذا اذن التوصيف المبدئي لماهية وآلية الاحزاب في عملها وهو من اسباب تخلفها عن الركب !
 ولكن ماذا عن مرحلة ما بعد الاحزاب؟ هذا ما سنعرف بقيته في المقال المقبل.
 
dr.aljeeran2017@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي