No Script

رؤية ورأي

قانون مخاصمة القضاء

تصغير
تكبير

في مقال له في جريدة «القبس» بتاريخ 19 مارس 2019، أشار المحامي مصطفى الصراف إلى أن كل قوانين الدول العربية الدستورية المنتمية إلى المجموعة اللاتينية، ومن بينها قانون المرافعات المصري رقم 77 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، منبع قانون المرافعات الكويتي؛ جميعها تتضمن «كتاباً أو باباً أو فصلاً خاصاً بمخاصمة القضاة وأعضاء النيابة، ما عدا قانون المرافعات الكويتي رقم 38 لسنة 1980 الصادر بمرسوم إبان كانت البلاد في حالة فراغ دستوري، بسبب حل مجلس الأمة سنة 1976، وقد حذف من هذا القانون موضوع مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة الموجود في قانون المرافعات المصري في الفصل الثاني من الكتاب الثالث منه». المراد أن خلو قانون المرافعات الكويتي من موضوع مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة لم يكن بسبب عدم اطلاع أو قصور من طرف إدارة الفتوى والتشريع بل كان قراراً متسقاً مع محاذير حكومية.
ومما يؤكد وجود «فيتو» حكومي أمام تشريع قانون مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة، ما صرح به الأستاذ الصراف في المقال نفسه، حيث جاء فيه «ناديت ومنذ اليوم الأول لصدور قانون المرافعات الكويتي بوجوب تلافي هذا النقص التشريعي في القانون الكويتي، حرصاً على الحفاظ على نزاهة القضاء وهيبته، ولكن - بكل أسف - كان الجميع إبان مجلس 1981 منشغلاً بالمراسيم الأميرية التي صدرت في فترة حل المجلس، وتلا ذلك أزمة سوق المناخ فأصبح الجميع من حكومة ونواب ومحامين وقضاة منشغلين في إيجاد السبل لعلاج تلك الأزمة، ثم حل المجلس الذي تلاه ودخلنا في أزمة أخرى، حتى حدثت كارثة الغزو الصدامي للكويت. وبعد التحرير وبعد انعقاد أول مجلس أمة تقدمت باقتراح بقانون لبعض الإخوة النواب يحاكي القانون المصري في مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة والمطالبة بإقراره كي يتم لمرفق القضاء تكامله تشريعياً، إلا أن الأوضاع السياسية لم يتهيأ لها استقرارها بسبب الصدام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وراح ذلك الاقتراح أدراج الرياح، ثم تكرر مني إعادة تقديمه في كل فصل تشريعي، وكان آخر مرة سنة 2007».
في الضفة المقابلة، هناك مطالبات شعبية بإصلاح منظومة العدالة في الكويت. ويكفي هنا الاستدلال بمقال الأستاذ الدكتور محمد المقاطع المعنون «خطورة التشكيك في القضاء» الذي نشر في جريدة «القبس» بتاريخ 11 مارس 2013 إبان الحراك السياسي والربيع العربي في الكويت. حيث استعرض فيه الحملات المنظمة للتجريح والتشكيك في القضاء بتلك المرحلة، وكان من بينها «مسيرة تطهير القضاء»!؟ الشاهد أن مسألة تطوير القضاء كانت ولا تزال ذات أولوية لدى رموز وجماهير الحراك، فضلاً عن غيرهم من المواطنين والمقيمين.
لذلك عندما صرح رئيس اللجنة التشريعية بشأن إقرار اللجنة قانون مخاصمة القضاء والنيابة العامة، توقعت أن ينتشر تصريحه في وسائل التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم. فمن جانب القانون مطلب شعبي مستحق طال انتظاره، ومن جانب آخر المجلس الأعلى للقضاء كان قد أعلن رفضه للقانون في شهر أبريل الماضي، فضلاً عن المعارضة المبدئية من طرف الحكومة. الغريب أن بشارة رئيس اللجنة تبعتها حملات إعلامية للتقليل من أهمية القانون، وتشويه صورة رئيس اللجنة، كانت جلها مرتبطة بنواب سابقين فشلوا في تشريع القانون ذاته.
أتفهم الدوافع النفسية لدى هؤلاء النواب من هذا الإنجاز التشريعي المرتقب، خصوصاً لدى محترف الاستجوابات الطائشة، ولكنني مستغرب من تجاهل المواطنين للقانون، خصوصاً من يدعي أنه تضرر من أحكام قضائية... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي