No Script

كلمات عرفات تستعيد المبادرة نحو القدس

روسيا أنجزتْ المهمة في سورية وعقدتْ اتفاقات مع «الجميع»

تصغير
تكبير
  • معلومات لـ «الراي»:
    حلفاء سورية
    سيقلّصون وجودهم
    إلى أكثر من النصف

    آلاف المقاتلين
    من «حزب الله»
    من المرجّح أن يعودوا
    إلى ديارهم في لبنان

تستعدّ منطقة الشرق الأوسط لـ «اشتباكٍ» مع إسرائيل والولايات المتحدة بعد قرار الرئيس دونالد ترامب إعلان مدينة القدس عاصمة لإسرائيل. ولكن الجديد هذه المَرّة هو تَوحُّد قوى المقاومة ومحورها حول كلمات قالها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات واستعادَها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله: «للقدس رايحين شهداء بالملايين».
وجاءت هذه الكلمات لتخلط الأوراق من جديد بعدما ضرب الشرق الأوسط «تسونامي» تنظيم «داعش» وشرّد وفرّق سكانه وأبعد بينهم مسافات طويلة، حيث أخذت المعركة التي دامت لأعوام طوال في العراق وسورية طابعاً مذهبياً في مرحلةٍ ما.
وها قد أنهى العراق احتلال «داعش» وأعلن النصر عليه بعدما كان التنظيم احتلّ ثلث أراضيه. وكذلك أعلنت روسيا على لسان رئيسها فلاديمير بوتين أن «المهمّة قد أُنجزتْ» في سورية، على غرار الإعلان الذي ارتفع خلف جورج بوش عند احتلال العراق العام 2003، إلا أن الإعلان الروسي جاء مختلفاً عن الأميركي.
فقد فرضتْ روسيا مناطق عدم اشتباك واتفقتْ مع الولايات المتحدة على إعطائها «حق التواجد» شرق نهر الفرات، وتفاهمتْ مع تركيا على تواجدها في شمال البلاد كمانِعٍ لدولة كردية وحاميةٍ لمدينة إدلب. وكذلك أَفهمتْ إسرائيل ان موسكو لن تكون جزءاً من الصراع الذي يضمّ «محور المقاومة» (سورية - إيران - حزب الله) ولن تَدعم أي تَقدُّم سوري في اتجاه الحدود لأن هذا شأن سيادي سوري، وذلك بعدما فرَض بوتين بقاء الرئيس بشار الأسد حتى انتهاء ولايته وقَبِل بالأمر جميع المعترضين سابقاً بمَن فيهم أوروبا وأميركا ودول المنطقة.
وخلال عامين ونصف العام، حققتْ روسيا أهدافاً لم تحلم بها قط بعدما دخلتْ من بوابة بلاد الشام إلى العالم من جديد كقوةٍ عظمى على وهج أخطاء «العم سام». وتخلّتْ أميركا عن حلفائها في سورية وكادتْ أن تخسر حليفها التركي. وجّل ما إستطاعتْ الولايات المتحدة فعله هو وقف العمليات العسكرية شرق نهر الفرات مانعةً أي قوى تابعة لدمشق من العبور لقتال «داعش». وتالياً، فإن أميركا أعلنت نفسها قوة احتلال غير مرغوب بها في شمال شرقي سورية وحاميةً لما تبقى من «داعش» في المنطقة الصحراوية التي يستطيع فيها هذا التنظيم العمل بحرية ما دام يصوّب بندقيته نحو الجيش السوري وحلفائه، وليس نحو أميركا و«حلفائها» الموقتين من أكراد الحسكة.
وعلمت «الراي» أن حلفاء سورية سيقلّصون وجودهم إلى أكثر من النصف في سورية بعدما انحصرتْ المواجهة إلى مناطق في البادية وريف حماة ودرعا وريفها وحول الحدود السورية - الاسرائيلية. وهذا يعني أن الخطر على العاصمة دمشق وعلى المدن السورية التي تسيطر عليها الحكومة قد زال، لتبقى اشتباكات وغزوات متوقَّعة هنا وهناك تُحْدِث أضراراً من دون أن تغيّر في الإستراتيجيا.
وفي خضم الوقائع الجديدة، يسأل الجميع عن مصير آلاف المقاتلين من «حزب الله» الذين ساهموا في قلْب الموازين في المعارك السورية والذين من المرجّح أن يعودوا إلى ديارهم، في لبنان، من دون هدفٍ عسكري أمامهم سوى الجهوزية الدائمة لإبقاء التوازن منعاً لتجرؤ إسرائيل على لبنان.
وهكذا أعلن الرئيس ترامب قنبلته التي فجّرها في العالم العربي ظناً منه أن أحداً لا يتحرك لدعم القضية الفلسطينية التي - في إعتقاد المحللين - قضى عليها «داعش». ولكن تبعاً لما ذكرتْ «الراي» سابقاً عن ان ليس من المطلوب من إيران إستراتيجية معقّدة في الشرق الأوسط بل عليها التقاط أخطاء الآخرين لتزيد من نفوذها، ها هو ترامب يقدّم فرصةً جديدة على طبَق من ذهب لتستعيد إيران - ومعها «حزب الله» - البريق في العالم العربي الذي فقدوه أثناء الحرب السورية الطويلة.
فالقدس أصبحت عنواناً جامعاً حَمَله نصرالله بكلمات ياسر عرفات ليدغدغ الشعور الإسلامي والعربي والفلسطيني بكل مذاهبه، في رحلةٍ واضعاً خلفه الاقتتال الذي حصل في سورية وحصد الآلاف من المتقاتلين من أصحاب العقيدة والايديولوجيا المختلفة، وتحمله نحو فلسطين فيَحشر في الزاوية كل مَن تخاذل حيال القضية الفلسطينية نتيجة اعتقادٍ واهم أنه في الإمكان فرْض أي اتفاق على الفلسطينيين المغلوب على أمرهم اليوم بسبب مواقف متذبذبة اتّخذها زعماؤم أثناء الحرب على سورية.
وتلقّفتْ إيران الخطوة «الترامبية» بـ «رحابة صدر» وخصوصاً قائد «الحرس الثوري» – «لواء القدس» - الجنرال قاسيم سليماني، الذي يتولى مسؤولية القدس ودعم الحركات التَحرُّرية في العالم. وقّدم سليماني المساعدة العلنية لفلسطين، معلناً دعمه العسكري المطلق لـ «سرايا القدس» التابعة للجهاد الإسلامي و«كتائب القسام» التابعة لحركة حماس. وكذلك أعلن نصرالله أنه يريد خطة إستراتيجية موحّدة مع خطة ميدانية بالتكافل والتضامن لتحرير القدس. واللافت أنه طلب أيضاً من الجميع وضع الخلافات جانباً (الحركات الجهادية) والتوجّه نحو الهدف الجديد.
ولم يتردّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أخْذ المبادرة لإستعادة الزعامة الإسلامية التي خطفتْها منه سورية وحربها. فها هو يحمل راية القدس من جديد، مستعيداً بعضاً من البريق الذي فَقَده في الأعوام الماضية.
القدس أصبحت البوصلة والملتقى الجامع وعلى جدرانها ستحاول القوى مسح أخطائها وتَقاتُلها في ما بينها لتجبر دونالد ترامب على العودة عن قراره، وتتحضّر لانتفاضة ثالثة تعيد فلسطين من جديد إلى الواجهة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي