No Script

رواق

بلد على كف فنان

تصغير
تكبير

ما أشبه اليوم بالبارحة!
التاريخ اعتاد أن يعيد نفسه وتتكرر أخطاؤنا!
قبل نحو ما يفوق ربع القرن، قدمت نخبة من فناني الكويت المعروفين مسرحية «هذا سيفوه» تنتقد النظام الطبقي في البلد.


انتفض البلد، تكاتف أصحاب النفوذ وتحالفوا، وتم جرجرة الفنانين إلى القضاء، وطعنهم في تدينهم، في قصة معروفة، شهد بعضهم على بعضهم الآخر، اختلف الرفقاء، أحدهم هاجر، أحدهم اعتزل، حتى حصل غزو الكويت، فدفعتهم وطنيتهم للعودة الى العمل من جديد، ليثبتوا أن وطنيتهم لا تقل عن الذين ادعوها بل تفوقهم!
عادوا جميعاً إلى الفن، لكنهم لم يجتمعوا ثانية، فمن الصعب أن يجاملوا أحداً ويقدموا عملاً دون مستوى أسمائهم، ومن الصعب تقديم ما دون ذلك، أوجد غيابهم فراغاً كبيراً في الساحة الفنية، تدنى مستوى الفن في الكويت، انتقد من انتقد، اشتكى من اشتكى، تباكى الجميع على الفنانين المساكين بعد خراب المسرح!
التاريخ يعيد نفسه اليوم، السلطة تكرر أخطاءها، وخطأ السلطة بخطيئة، حتى المتنفذون يعيدون أفعالهم مع «هذا سيفوه» لأن «هذا سيفوه وهذه خلاقينه» يدحرجون كرات الثلج، ويكبرونها، فيهددون ويتوعدون فناناً خرج عن النص الغنائي المعتاد! وأي فنان؟ فنان له باع طويل في هذا المجال ويشهد تاريخه اعتياده على الخروج عن النصوص الغنائية، فأحبه كل الذين عانوا طويلاً من سجن النص الواحد واللحن الواحد والفنان الواحد! فتربع على عرش الفن الشعبي فناناً وإنساناً من الدرجة الأولى، فأوجع ركاب «الفيرست كلاس» في طائرة جامبو يعتقدون أنهم يمتلكونها ولا يريدون تغيير وجهتها، مهما اشتدت رياح الفساد فأنا ومن بعدي الطوفان!
قبل أعوام قام الفنان نفسه بالدور الاجتماعي المطلوب من الفنانين، بالدعوة إلى حملة لجمع تبرعات انتفضوا فأوقفوها بذرائع لا تمت لفعل الخير بصلة، فاستسلم وانسحب.
وقبل أيام ردد أغنية تسخر من الأوضاع المحلية التي ينتقدها الجميع ويتذمر منها الجميع، اهتز البلد الذي لم تهزه احتمالات الحرب، انشغلوا عن الحرب بالفن، فعوقب الفنان وعوقب من استضافه وكي لا يعاقب من استمع اليه على يد الذين لا يقبلون بالسخرية ويرضون بالمسخرة التف حوله جمهوره يدافع عنه، فتحرك الجمهور الآخر، وكي لا يشتبك الجمهور مع الجمهور الفنان اعتذر لجمهوره!
الجمهور الذي رأى في فنانه «البوهيمي» الساخر بصيص أمل، أحبط... وأخشى أن يصل الإحباط للفنان نفسه، فينكسر أو يعتزل فيصمت الى الأبد أو ينطق عن ما يراد له ان يقوله غزلا وغراما وهياما!
بعد اكتشافه أن البلد محتاج إلى حنان وليس فنانا، حتى لو كان اسمه أبو حنان!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي