No Script

أصبوحة

ثقوب في رئة الحرية

تصغير
تكبير

فجّر الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم، لجورج فلويد وهو يقول للشرطي القابع على رقبته: «لا أستطيع أن أتنفّس»، غضباً عارماً في المجتمع الأميركي، خرج على إثره الآلاف في معظم المدن الأميركية، في مظاهرات ضد عنف رجال الشرطة، وقتلهم للملوّنين من المواطنين في الولايات المتحدة بدم بارد.
ولا يعتبر جورج فلويد الأميركي من أصول أفريقية، هو الأول من ضحايا الشرطة الأميركية، الذي يعامل بعنف مفرط أو يقتل، لا دفاعاً عن النفس ولا عن جُرم خطير ارتكبه، ولكن لمجرد كراهية وعنصرية الرجل الأبيض للملوّنين والمهاجرين من أعراق وأديان أخرى.
فالعنصرية متأصلة في المجتمع الأميركي، منذ ما قبل الحرب الأهلية وتحرير العبيد على يد الرئيس إبراهام لنكولن، بل استمرت العنصرية الشديدة تجاه الآخر، على شكل منظمات عنصرية متطرفة أمثال «كي كي كي» والنازيين الجدد والميليشات المسلّحة وغيرها، وهذه المنظمات تمارس العنف وحرق المنازل والقتل ضد السود تحديداً والملونين بشكل عام.
وهذه العنصرية والكراهية بدأت منذ بداية الهجرات الأولى، التي قامت بإبادة وحشية للسكان الأصليين، كما أصبح العنف سمة من سمات المجتمع الأميركي، عززها سماح الإدارات الأميركية باقتناء وحمل السلاح، بناء على التعديل الثاني في الدستور الأميركي.
كما أن الولايات المتحدة ابتليت برئيسها الحالي دونالد ترامب، وهو يميني متعصب يكره الأعراق والإثنيات والمهاجرين، ويمثل شريحة البيض المتعصبين في أميركا، فخلال فترة وجوده في البيت الأبيض، اتخذ قرارات عنصرية ضد كل ما هو غير أميركي، حاملاً شعار «أميركا أولاً» و«أميركا قوية»، ولاقت تصريحاته وتغريداته استياء داخلياً وخارجياً.
وازداد الاستياء الشعبي من إدارته، التي أظهرت عجزاً فاضحاً في المنظومة الصحية، وإدارة أزمة من أصعب الأزمات التي مرّت على العالم، وسبّبت بطالة تجاوزت الثلاثين مليون عاطل أميركي عن العمل، ورفعت نسبة الفقر والجوع وتسبّبت في نسبة وفيات ضخمة، بالأخص بين الأفارقة الأميركيين والأقليات، بسبب عدم وجود تأمين أو ضمان صحي، وهو ما أدى إلى عمليات النهب والسرقة وتكسير واجهات المحلات.
ومما زاد الغضب الشعبي تصريحاته الهوجاء وغير المسؤولة بل والمخالفة للدستور الأميركي، حين هدّد بإنزال الجيش والكلاب وطالب باستخدام العنف على المتظاهرين السلميين، وهو ما أفقد الشعب الأميركي ثقته بالديموقراطية الأميركية المزعومة.
هذه الأزمة والأحداث المصاحبة لها، هزت مكانة الولايات المتحدة، ومزاعمها حول الحريات وأرض الفرص، كما كشفت عورة النظام الرأسمالي وضعفه البنيوي، وأصبح كثير من الناس على يقين بأنه بعد أزمة «كورونا» لن يكون كقبلها.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي