No Script

استعرضوا في الجلسة الأولى على هامش الجائزة بداياتهم وطريق عملهم

الفائزون بجائزة «ملتقى القصة القصيرة» يضعون تجربتهم بين يدي الشباب في «AUM»

تصغير
تكبير
  • شيخة الحليوي:  أحمل معي دفتراً وقلماً وأكتب كل ما ألاحظه... وفي المساء أسرد ذلك في قصة 
  • سفيان رجب:  الإنسان عندما احتاج لمخاطبة ذاته اكتشف الشعر وعندما أراد أن يخاطب غيره أوجد القصة
  •   شريف صالح:  من لديه حس كتابي فليكمل ولا يضع الجوائز معياراً... اكتب لتعبر عن نفسك 
  • محمود الرحبي:  نكتب لنبحث عن أشخاصنا خارج الواقع وعن بيئتنا المحيطة 
  • فاروق مردم بيك:  من خلال عملي  لا أستطيع أن أترجم أكثر من 9 أعمال سنوياً 
  • صموئيل شمعون: ترجمة الأدب العربي ارتبطت بالأحداث السياسية 
  • - جئت للكتابة من القراءة متأثراً بعمتي الضريرة وقصصها التي كانت ترويها لي 
  •  حسن ياغي:  ظلم القصة القصيرة ليس لأن الناس لا تقرأها بل لعدم وجود إنتاج غزير لها 
  • أحمد الزين: عدد قصص «جائزة الملتقى» في 4 سنوات فاقَ عدد روايات «البوكر» 
  • مفلح العدواني:  للإبداع القصصي ثلاثة عناصر تتمثل في الكاتب والمؤسستين النقدية والإعلامية 
  •  حسين درويش: الصحافة في الإمارات ملعب خصب لنشر القصص 
  • جعفر العقيلي:  انتظرت أشهراً طويلة حتى نزلت قصتي  بإحدى صحف الأردن

غداة تكريمهم في حفل «جائزة الملتقى» للقصة القصيرة العربية، الذي احتضنته جامعة الشرق الأوسط الأميركية «AUM» برعاية رئيس مجلس أمنائها، وجّه الكتاب القصصيون في الجلسة الأولى للملتقى، نصائح عدة للشباب المقبلين على صقل موهبتهم الكتابية، مستعرضين تجربتهم التي تفاوتت ما بين الطويلة والقصيرة في كتابة القصة القصيرة، وعرجوا على أبرز ملامح تجربتهم والتحديات التي واجهتهم حتى وصلوا الى ما وصلوا إليه.
في الجلسة الأولى التي حملت عنوان «ندوة حوارية لكتاب القائمة القصيرة» وأدارها القاص والشاعر الاماراتي الدكتور سلطان العميمي، قالت الكاتبة الفلسطينية شيخة حليوي، إنها خلال مسيرتها القصيرة كتبت ثلاث مجموعات قصصية، هي «سيدات العتمة» و«نوافذ على كتب رديئة» ومجموعة «الطلبية C345»، مبينة انها بدأت الكتابة عن البداوة والبيئة التي خرجت منها، «ولاسيما ان الادب الفلسطيني همش الادب البدوي ولم يسلط الضوء عليه، كما أنني أول بدوية فلسطينية تكتب القصة في بلدة ذيل العرب، وقبل خمس سنوات بدأت الكتابة وكانت أول قصة كتبتها هي (حيفا اغتالت جديلتي)».
وأضافت حليوي «بعد ذلك انتقلت الى عوالم اخرى ومدن أكبر، قمت بتدوين كل ما تراه عيني، وذلك بحكم عملي في القدس، حيث أضع معي دفتراً وقلماً واكتب كل ما ألاحظه، وفي المساء أسرد ما لاحظته في قصة، وفي معظم الحالات عندما أبدأ في قصة أنتقل مباشرة الى كتابة النهاية ثم أعود لكتابة التفاصيل».
بدوره، قال الكاتب التونسي سفيان رجب إن مجموعته القصصية الفائزة اليوم جاءت بعد أربع مجموعات شعرية توجت كلها بجوائز، «فحين انتقلت الى السرد صرت غريبا بين الشعراء والقصاصين، حيث اني اعمل على مشروع أبعد من المجموعة الشعرية أو القصصية، وأرى ان الكتابة هي الملاذ الأخير للإنسان».
وأضاف رجب ان «وجودي في القائمة القصيرة للجائزة اتاح لي التواجد في الكويت الحبيبة، فعندما كنت صغيرا بدأت في قراءة مجلة العربي ولم أعِ أن هناك غزوا اجتاح الكويت الا عندما بحثت عن مجلة العربي فلم أجدها، وقيل لي انها توقفت بسبب الحرب». وأشار الى ان «الانسان عندما احتاج الى ان يخاطب ذاته اكتشف الشعر، وعندما احتاج ان يخاطب غيره اكتشف القصة، وهذا هو المنهج الذي فتح للإنسان آفاق السرديات. وأنا عندما كتبت رواية (الغرد الليبرالي) التي وصلت للطبعة الثانية في تونس، تم التعامل معها بتجاهل ورغم ذلك انا مستمر بمشروعي فهو ليس مرتبطاً بجائزة رغم اهميتها». وتابع «كل فن منبعه الطفولة، فكان جدي معلماً وكان يسألني: ماذا تريد ان تكون عندما تكبر؟ فقلت له اريد ان اصبح كاتبا».
من جهته، قال الكاتب المصري شريف صالح «انا فخور بتمثيل مصر في هذه الجائزة، وانا كذلك امثل الكويت لان إقامتي مستمرة فيها منذ اكثر من 16 سنة، وتعلمت الكثير على يد المغفور له بإذن الله الأديب اسماعيل فهد اسماعيل. أما علاقتي بالقصة القصيرة فقد بدأت من مصطبة القش مع ستي بهية، وهي زوجة جدي الرابعة، وهي تقص لنا قصصا خيالية، وبعدها بدأت بتلخيص قصة كل فيلم اراه كقصة قصيرة».
وأضاف صالح «بدأت في بداية التسعينات السعي للجوائز على مستوى مصر، فتركت الكتابة القصصية واتجهت للتركيز على الدراسات العليا وأنهيت الدكتوراه في المسرح، ثم بعد ذلك عدت للكتابة من جديد. فمسيرتي الادبية فيها شيء كبير من القدرية، وبعد ذلك حصلت على ثلاث جوائز من الامارات، ولم يكن لدي خطة لان اكون قصصيا، فمن لديه حس كتابي فليكمل ولا يضع الجوائز معيارا له بل اكتب للتعبير عن نفسك وهواجسك».
أما الكاتب العماني محمود الرحبي، فقال «لا يسعني هنا إلا أن أعبر عن سعادتي لاختياري ضمن القائمة القصيرة للمرة الثانية، وسعيد بوجودي في الكويت، وأشكر المنظمين وبالاخص الاستاذ طالب الرفاعي» مبينا ان «القصة القصيرة هي العودة الى الفن الأصيل في حياة كل الشعوب، فالقصة مرآة صغيرة مثبتة في قرن العين لا يجيد تحريكها الجميع، وهي الراصد الاول لما يجري في حياتنا».
وأضاف «نكتب لنبحث عن أشخاصنا خارج الواقع نكتب عن بيئتنا المحيطة بنا، فكل مجموعة اصدرتها تعكس مرحلة زمنية محددة، فالطفولة تشكل البئر الاولى الذي لا ينضب لدى القصصي».

الجلسة الثانية تناولت تحديات ترجمة الأعمال القصصية للغات الأجنبية

أحداث «11 سبتمبر»
جعلت الأدب العربي مطلوباً في الغرب

| كتب تركي المغامس |

شهدت الجلسة الثانية من الملتقى، التي حملت عنوان «القصة القصيرة والترجمة» وأدارها الدكتور محمد العباس، سرداً للتحديات التي تواجه ترجمة الأدب العربي الى اللغات الاخرى، وكيف يمكن تجاوز هذه التحديات.
وقال مدير دار «اكت سود» الفرنسية فاروق مردم بيك ان «وضع القصة القصيرة في فرنسا لا يسر الصديق، فالرواية تمارس الدكتاتورية على الشعر والقصة القصيرة، رغم وجود انتاج غزير لها، فأكثر ما يكتب من القصص القصيرة لا ينشر، واكثر ما ينشر لا يعرض في المكتبات واكثر ما يعرض لا يباع، فأصبح من الصعب على الكاتب والناشر ترويج هذه المجموعات القصصية».
واضاف مردم بيك «في الموسم الثقافي الفرنسي هذا العام صدر 524 عملا سرديا، عدد المجموعات القصصية القصيرة منها لا يتجاوز اصابع اليدين، هذا بالرغم من شهرة بعض الكتاب لهذه الفنون السردية» ،لافتا الى ان «حركة الترجمة نشطت في السبعينيات، ومن خلال عملي في الترجمة لا أستطيع ان اترجم اكثر من 9 اعمال سنويا».
بدوره، قال الكاتب مازن معروف ان الكتابة تعني حياة أكثر اهتماما، فالعمل القصصي يحاكي جزءاً من الحياة التي يعيشها الكاتب.
من جهته، قال مدير تحرير مجلة «بنيبال» اللندنية صموئيل شمعون ان «ترجمة الادب العربي للغات الغربية مرتبطة بالاحداث السياسية، ومن خلال عملي في المجلة منذ عام 1997 كل ما نقدمه من الأدب العربي، لابد ان يكون مغلفا بالسياسة. وعندما بدأنا عملنا كنا نبحث عن كيفية ترجمة الادب العربي الذي لم يكن موجودا كما هو موجود حاليا».
واضاف شمعون ان «القصة القصيرة أو من تمت الترجمة له من العرب، هو الكاتب المصري احمد تيمور، ولكن بعد ترجمة موسم الهجرة الى الشمال اصبح هناك توجه جديد في الترجمة، اما بعد أحداث 11 سبتمبر أصبح الطلب كبيرا على الادب العربي، وبدأ يطلب منا ان نأتي بكتاب من العالم العربي ورغم ذلك انا منحاز للكتاب الفلسطينيين».
ولفت إلى أن «هناك اهتماماً كبيراً بالقصص القصيرة في العالم العربي في الفترة الاخيرة حيث انبثقت الجوائز العربية تباعا بداية في جائزة البوكر العربية، ثم جائزة الشيخ زايد ثم هذه الجائزة، حتى سمعنا من كتاب غربيين تمنياتهم ان يكونوا كتابا عربا لما رأوه من اهتمام عربي بالكتاب العرب».
من جهتها، قالت المترجمة والباحثة الغربية ميتي غراس ان «القصة القصيرة تحتاج في كتابتها الى إتقان كبير، حيث ازدهرت في أوروبا مع ازدهار الصحافة، وبدأ نشر الروايات بالصحف على شكل فصول وسلاسل، وبعد ذلك نشروا القصة القصيرة في الصحافة»، مبينة ان «القصة القصيرة ازدهرت في المجتمعات الصناعية مع توصل الطبقة العاملة التي ليس لديها وقت فراغ كبير لقراءة الروايات فكانوا يستمتعون في القصص القصيرة».
واضافت غراس «بعد ضمور الصحافة وارتفاع مدخولات القوى العاملة وتحقيقها مكاسب كبيرة، وأصبح لديها وقت فراغ أكبر، بدأت القصة القصيرة بالانخفات وبدأ الاتجاه شيئاً فشيئاً الى الرواية».

ابن بنت جبيل دعا جمهور «AUM» إلى القراءة... ثم القراءة

زاهي وهبي: معتقلات إسرائيل
جعلتني أكبر من عمري... بكثير

| كتب أحمد عبدالله |

صال الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي وجال، على وقع تفاعل جمهور جامعة «AUM» الذي جعله يتحدث كما لم يتحدث من قبل، مستعرضاً تجربته الإعلامية والشعرية والثقافية.
وهبي، الذي نشأ في حضن الطبيعة في منطقة بنت جبيل، كان يتحدث في محاضرة له في الجلسة المسائية لليوم الأول من برنامج الجامعة الثقافي، ارتأى أن يبدأ بما بدأت به آيات الوحي موصياً شباب الحضور «اقرأوا... اقرأوا ما تحبون وما يمتعكم، اقرأوا حتى ولو بداعي المتعة والتسلية، ولاحقاً ستكتشفون أهمية ما كنتم تقرأون، حتى ولو كانت قصصاً بوليسية، فالكتاب يأخذنا سنين طويلة للأمام وأخرى للوراء». وشدد في وصاياه للحضور بأن «آمنوا بأنفكسم، فهذه الحياة لا تقدم الهدايا، ولكنها تعطي الفرص، وعدم تضييع الفرص لا يعني الانتهازية، وإنما الاستعداد، وخير ما تتزودون وتستعدون به هو القراءة»، لافتاً إلى تأثره الكبير بالمفردات القرآنية وخاصة سورتي «يوسف»، و«مريم».
وفيما بيّن وهبي أهمية النشأة التي نشأها، في بيت حجري وسط الماء والعصافير وطيور السنونو، وقف طويلاً عند قدس أقداسه الأم التي كَبُر في كنفها ورعته ودفعته للقراءة، رغم ضيق ذات اليد. وألهب وهبي الحضور، المولود في العام 1964، نافثاً روح التفاؤل والدعم قائلاً «أنتم قادرون على أن تصلوا للمعلومات بسهولة، بينما في جيلنا كنا نجمع القروش المعدودة لشراء الكتب من دور النشر في بيروت».
وهبي الذي كان قد تم اعتقاله قرابة العام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ابن السابعة عشرة، وصف تلك التجربة بالقول «خرجت لكن عمري كان أكثر بكثير من 18 عاماً، لأن لحظات الخوف والقلق تكثف من وعي الإنسان». ودق جرس الإنذار قائلاً «هموم الحياة تصيب الإنسان بالتكلس إذا لم يحاول تجديد نفسه وتجديد أفكاره فليس كل ما نتعود عليه هو الأفضل. العالم يزداد ميكنة ولكن الآلة لن تستطيع منافستنا في الفنون والآداب».
ولم يكتف بالمحاضرة، بل ألقى ما تيسر من أشعاره، وجعل قصيدته الأولى في التغني بأمه التي وصفها بخاتمة النساء، حيث ألقى قصيدة لها حملت عنوان «منديلها البحيرة صوتها السماء»، بينما كانت القصيدة الثانية «دمية روسية» من نصيب زوجته، وحملت القصيدة الثالثة التي ألقاها عنوان «أضاهيك أنوثة»، والرابعة «ضع وردتك هنا».
إلى ذلك، وصف القاص والروائي طالب الرفاعي، الذي أدار الندوة، وهبي بأنه متحدث طلق تحدث في جامعات كثيرة، وله قراءات شعرية متنوعة، مؤيداً إياه في دعوته الشباب للإكثار من القراءة.

متحدثو الجلسة الثالثة من ندوة «AUM» أكدوا أن كتابة القصة لا تجني مالاً

طالب الرفاعي: لا تحلم بأن تجعلك الكتابة غنياً
... ففي بلادنا الفاشينستا «تجيب فلوس» أكثر منك

| كتب تركي المغامس |

استبعد مدير جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية الأديب طالب الرفاعي، أن يستطيع الكاتب العربي أن يعتاش من الكتابة، موجها نصيحة للشباب بالقول «لا تحلم بأن تصبح غنياً من وراء الكتابة في الوطن العربي، فالفاشينستا (تجيب فلوس) أكثر منك».
وقال الرفاعي، في مستهل حديثه بالجلسة الثالثة لليوم الثاني من الندوة المنعقدة على هامش جائزة الملتقى للقصة القصيرة في جامعة الشرق الأوسط الأميركية «AUM» إن «مجال القصة والنشر واسع جدا، فهل المقصور النشر داخل الدول العربية أم الاتجاه للترجمة والنشر في الخارج، وفي كلا الحالين لابد ان نعترف بأنه من الصعب الإلمام بالموضوع كاملا».
وأضاف «أنا جئت للكتابة من القراءة كما اثرت بي عمتي الضريرة من خلال القصص التي كانت ترويها لي، ورغم اني من أسرة بسيطة، والدي إمام مسجد، ووالدتي لا تكتب ولا تقرأ، وليس لدينا مكتبة في البيت، فحينما بدأت القراءة اكتشفت عالما كبيرا وواسعا، وهناك اعتراك مختلف تماما عما هو موجود أمامي. وأؤكد أن القراءة لا تزال هي النافذة الاكثر سلامة للتعرف على العالم، فالقراءات اخذتني الى عالم واسع وبعد ذلك كتبت شيئا ونقلته للراحل اسماعيل فهد اسماعيل الذي فاجأني قائلا: هذه قصة تصلح للنشر».
وذكر ان «اسماعيل فهد اسماعيل طلب مني صورة شخصية لتنشر مع القصة، ونشرت في عام 1978، وكنت حينها طالبا أدرس الهندسة المدنية، حيث نشرت قصتي الاولى في جريدة الوطن، وكانت الكويت حينها منارة ثقافية في الوطن العربي، وكانت القصة القصيرة حاضرة فيه».
وأوضح أن «النشر في ذلك الوقت كان مربكا، ولكن لحظة النشر كان لها جو مختلف، في ظل وجود انظمة ديكتاتورية في الوطن العربي من الممكن ان تقتلك ان خالفتها في كتاباتك، ولكن على الكاتب ان يكون ماكرا وذكيا وهذا أمر ضروري لكل كاتب قصة، لكي تتمكن من قول ما تريد ولا تضع رأسك تحت المقصلة».
وتابع «جنس القصة القصيرة من أصعب أجناس الادب، لذا كانت مرحلة تسعى من خلالها لتكون ما تريد من ديموقراطية وحرية، خلافا لما هو معمول فيه في المجتمع، فهناك أنظمة لا تسمح ان تنتقدها، وهناك كتاب وشعراء ذهبوا الى الموت في الوطن العربي»، مشيرا الى ان «نشر القصة أصبح منعطفا كبيرا لي وولد لدي خوفا من القارئ، وكانت هذه هي معادلة التحدي، كيف تنشر قصة تلفت نظر القراء وتخترق شريحة القراء الواسعة لان القارئ يشكل جزءاً من قصة النشر».
ولفت الرفاعي الى ان «المنعطف الثاني في حياتي كان في عام 1991، حيث كلمني الاخ سليمان الشطي، وقال لي صار لك أكثر من 14 سنة وأنت تنشر القصص القصيرة متى ستنشر كتابا، وكان لي كتاب (ابو عجاج طال عمرك) وهو يعتبر مجموعتي القصصية الاولى، فأرسلت هذه المجموعة مع الاخ هاني الراهب ليسلمها لدار الاداب في لبنان لنشرها، ولكن الاستاذ سهيل إدريس قال للراهب، حسب ما نقله لي الاخير بعد نشر المجموعة: هل تريد مني نشر مجموعة قصصية لكاتب كويتي؟ هذا مستحيل. فطلب منه الراهب قراءتها قبل الحكم عليها ولكنه أصرّ رافضاً حتى قراءتها، وعليه تركها الراهب على مكتب إدريس. وتفاجأت بعد ثلاثة اسابيع باتصال من سهيل إدريس وقال لي (وصلت مجموعتك القصصية وسننشرها)».
ووافق المتحدثون في الجلسة ما ذهب له الرفاعي، بأن النشر للقصة القصيرة بات صعبا في ظل اتجاه الذوق العام للفنون السردية الاخرى، مشيرين الى أهمية ان يتجه الكاتب الى التركيز على فن القصة القصيرة ولا يكون النشر عائقا له، وأن الكتابة لا تجني مالا كثيرا، لأنها إحساس وفن يدفع الكاتب لتدوينه.
وقال الناشر وصاحب دار التنوير حسن ياغي ان القصة القصيرة مادة كثيفة تعبر عن حالة معينة، وتقدم بالشكر للجامعة على رعايتها لجائزة الملتقى والتي نحتاجها لتعزيز ودعم فن القصة القصيرة، مبينا ان «الزمن الاخير شهد تراجعا ملحوظا للقصة القصيرة، ومن خلال تجربتي اعتبر القصة القصيرة تنتمي للإبداع وهي ميزة اساسية فيه، ولكن ما يقتل الابداع هو الاطار الذي يحده».
وأضاف ياغي ان «القصة القصيرة تعطينا الواقع بشكل مكثف، فالإطالة فيها اذية لها، لذلك هي تقف بين الحكاية والشعر، فالابداع يخص القصة القصيرة ويعطيها قيمتها، ولذلك أرى ان هذا الفن لا يطرقه الكثير. والقصة القصيرة ليست مظلومة لان الناس لا تقرأها، بل لعدم وجود انتاج غزير لها، فنحن نشجع الكتاب في هذا المجال الذي يحتاج الى اهتمام لما فيها من قيمة جمالية».
بدوره، قال مدير تحرير مجلة الفيصل أحمد زين، إن «الكثير من كتاب القصة القصيرة يتحسرون على زمن كان صدور المجموعة القصصية حدثا مهما، ورغم ذلك لا يزال هناك اهتمام بالقصة القصيرة، لان طبيعتها عصية لا تستجيب للإعلام ولا تتأثر به كثيرا، ورغم غياب الكثير من المؤسسات الاعلامية عن تسليط الاضواء على هذا الفن، فالقصة القصيرة تزدهر بالعزلة».
وأضاف الزين ان «غياب الآلة الاعلامية يبقي القصة القصيرة مغمورة، ورغم ذلك فالقصاصون لم يهتموا بالانحسار الاعلامي، ونشر القصة في المجلات المتخصصة الادبية كان مميزا في زمن من الازمنة، فمجلة الاداب أصدرت عددا مهما للقصة القصيرة، وكان له صدى وبعد ذلك أصدرت مجلة الجديد عددا كاملا عن القصة القصيرة، ثم اتبعتها بعدد خاص عن الدراسات النقدية ومجلة الفيصل كذلك اهتمت في القصة القصيرة».
ولفت الى ان «السعودية تصدر سنويا ما بين 50 و70 مجموعة قصصية، وهذا عدد لافت للأنظار، واللافت ايضا عدد القصص التي تقدمت في عمر جائزة الملتقى الذي لم يتجاوز 4 سنوات، حيث انها فاقت عدد الروايات التي تقدم لجائزة البوكر العربية، فالخلل واضح ان الاعلام لا يولي هذا الفن اي اهتمام رغم الاهتمام الكبير من قبل الكتاب».
وتابع ان القصة القصيرة تلبي حاجات لا تلبيها عادة الرواية وكان النشر في مجلة الاداب يعتبر جواز سفر لأي كاتب تنشر له في الدول العربية، لافتا إلى ان «هناك ناشرين لا يفكرون في مبدأ الربح والخسارة، بل يطمحون للمغامرة، لأنهم مؤمنون بفن وابداع القصة القصيرة»، مشيرا الى ان الاهتمام النقدي للبوكر يركز على السلبيات، وهذا النقد لا تحتاجه القصة القصيرة.
من جهته، قال مدير وحدة الشؤون الثقافية في الديوان الملكي الاردني مفلح العدواني، «حتى تنتشر القصة القصيرة أصبح الكل يهاجم الرواية، ولكن علينا ان نكون منصفين ونؤكد ان الناشر له دور مهم في هذا الجانب. فالواقع يبين لنا ان هناك ناشرا وهناك تاجر كتب، فالناشر لديه وعي، أما التاجر فليس لديه أي اهتمام في الفن ويبحث فقط عما يبيعه».
وأضاف العدواني ان «النشر الآن غير مقيّد بالصحافة أو الكتاب المطبوع، بل تعددت أدوات النشر بشكل كبير جدا، وذلك في ظل انحسار الصحافة الورقية أصبح الكاتب ليس بحاجة الى مساحة ورقية، فلديه مواقع التواصل الاجتماعي كمنبر إعلامي كبير، وهناك عناصر أخرى ساهمت في النشر وهناك عناصر للابداع القصصي ترتكز على الكاتب والمؤسسة النقدية والمؤسسة الإعلامية. وهذه العناصر لابد أن تجتمع لتحدد العنصر الأهم وهو توجيه القارئ الى القصة القصيرة».

الجلسة الرابعة والختامية تناولت تجارب الكتاب في البلدين

القصة في الأردن والإمارات... مراحل وأطوار

| كتب تركي المغامس |

شهدت الجلسة الرابعة من جلسات ملتقى جائزة القصة القصيرة في رحاب «AUM» والتي حملت عنوان «القصة القصيرة والصفحات الثقافية» وأدارتها ريم الكمالي، تأكيداً على أهمية القصة وما شهدته من مراحل في كل من الأردن والإمارات ودور التحولات الاجتماعية فيها.
وقال جعفر العقيلي إنه «عندما كنت قاصا في الصبا، انتظرت شهورا طويلة حتى نزلت قصتي في جريدة الرأي الاردنية عام 1993، حيث وصل الامر بالشباب ان يخترقوا الاسوار ويصلوا الى العتبات حتى بدأوا بالكتابة»، مشيرا الى أن «المشهد الثقافي في ذاك الوقت كان صعباً، ولم يكن من السهل أن تزاحم الكبار».
وأضاف العقيلي «كان هناك ثورة قام بها الشباب وأجيال سابقة، وخاضوا صراعاً حقيقياً، وكأنهم يقولون افتحوا لنا الابواب، وتم اعطاء فرصة لهم والتحقت أنا في الرأي الاردنية، ثم وجدتني مسؤولاً ثقافياً، واستوعبت المشهد، وعلى وقع هذا التغير وصلت الصحيفة في ذلك الوقت إلى 12 صفحة ثقافية، وكانت تشتمل على القصة والمقال وغيرها»، لافتا الى انه أصبح له ولزملائه رواتب، كما لو كانوا موظفين في الحكومة، حيث ازدهرت الثقافة وهناك وفرة مالية، وأصبح هناك حضور أكثر فأكثر للشباب، ثم حصل تراجع وتقلصت الصفحات والاموال بعد الربيع العربي.
وأشار العقيلي الى «انني كنت أواجه التحديات في القصص الكبيرة وكيفية اختصارها، وكذلك القصص القصيرة جدا، ومشاكل الرقابة في النصوص الابداعية، حيث لا توجد رقابة مسبقة على الكتب، ونمارس رقابة ذاتية، ونقدر المسائل لكي لا تتم المساءلة القانونية، التجربة الاردنية شهدت ازدهاراً واضحاً ونكوصاً وتراجعاً».
من جانبه، قال الكاتب حسين درويش إن نشأة القصة في دولة الإمارات تعود إلى عام 1970 وكانت المرحلة المبكرة التشجيعية من المجلات، حيث كانت الدولة سباقة في اقامة العديد من الملتقيات للقصة، لافتا الى بروز القضايا المجتمعية في القصة من النواخذة، ومن البيئة المحيطة بهم، ومن ثم جاءت بعد ذلك طفرة النفط، وتوقف عدد من الكتاب الإماراتيين لانشغالهم عن كتابة القصة.
وأضاف أن «الصحافة في الامارات ملعب خصب لنشر القصص والانتاج الفكري، حيث كانت حاضرة، وكانت ترافقها صور، ولم نكتفِ بالقصص، وترجمنا القصص ونشرناها وترجمنا لكتّاب كثر، وبعد ذلك جمعنا هذه القصص العربية ووضعناها في كتاب واحد»، مبينا أن «هناك تجربة أخرى رائعة أطلقتها مؤسسة محمد بن راشد، حيث يتم صقل هذه المواهب من الكويت والامارات وتونس والمغرب، حيث أشرفوا على هذه التجربة ما أعطى الفرصة لممارستها».
بدوره، قال الكاتب عبده وازن إن القصة القصيرة عانت حالاً من العزلة والتراجع، معبرا «عن الأمل في أن يؤدي الملتقى إلى إحياء أنشطة عربية ويؤسس مجلة ويقدم نماذج»، مشيرا الى ان «مثل هذه الملتقيات يتيح فسحة واسعة لكتاب القصص لإبراز إبداعهم».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي