No Script

كانت الألوان التي تستخدم طبيعية تستخلص من نباتات العرفج والعرجون والزهر والفيحاء

السدو ... الحرفة اليدوية ذات اللمسات الفنية

تصغير
تكبير
إعداد : سعود الديحاني نتعرف اليوم على احدى الحرف اليدوي التي تميز بها اهل البادية وخصوصاً النساء منهم وهي حياكة الصوف وهي ما يطلق عليها «السدو» فمن خلال زيارتنا لبيت السدو اطلعنا على جمعية السدو التعاونية الحرفية التي تعنى بالموروث الشعبي ومن خلال احد اصدارتها كان مصدر هذه المادة فلنتركك عزيزي القارئ مع السدو

حرفة النسيج المتعلقة بحياكة الصوف من الحرف التي تعلمها واتقنها الانسان في مختلف الحضارات وكل زمان ومكان في الارض له حرفته وطريقته والصناعات الشعبية شكلت اشكالاً من الثقافات المادية الملموسة لدى الانسان وهي تعتبر موروثاً وفلوكلوراً يشمل جميع انواع التعابير وهي تحفظ وتتناقل لدى الاجيال حفظاً من دون تدوين ومصطلح الحرف والصناعات اليدوية التقليدية من النشاط اليدوي الذي مارسه الانسان من القدم وقد ذكر ابن خلدون المؤرخ الاجتماعي الشهير مصطلح الحرف في كتابه «مقدمة بن خلدون» ودرجت الناس على جعله في حاضرنا اليوم ضمن الثقافة المادية متعلقة بالفنون والعمارة والأزياء وغيرها.

الكلمة

تطلق كلمة السدو على الحرف السائدة عند أهل البادية خصوصاً على عملية حياكة الصوف وعلى نول الحياكة ايضاً وهو من المعاني المستوحاة من البيئة الصحراوية وتراث البادية، كما دللت عليه المصادر العربية القديمة حين تطرقت الى لفظ كلمة السدو التي تدور حول «المد والاتساع» وهو المقصود بها في عرف البدو مد خيوط الصوف بشكل أفقي وحياكتها وهذا يتضح من خلال الصور والنقوش معبرة عن البيئة الصحراوية.

الفن

السدو هو اساساً نسيج مسطح وجه النسيج وظهره متشابهان باستثناء نقوش مثل ضروس الخيل، والعويرجان والمدخر والشجر والتي تميز كل وجه عن غيره... وهذه النقوش التي هي ضروس الخيل، العويرجان، المذخر والشجرة والتي تتميز بكون وجه النسيج مختلفاً عن ظهره، حيث تسقط الناسجة الخيوط التي لا تستعملها في وجه النسيج لتدلى في الخلف، ومن اهم النقوش التقليدية في حياكة السدو هي العين، الضلعة، ضروس الخيل، العويرجان، الشجرة والرقم، والذي يعتبر اسلوبا مختلفاً من الحياكة بحيث يحاك عن طريق ربط أو لف مجموعة من خيوط السدو مع بعضها بخيط اللحمة.

وتستعمل المرأة البدوية الألوان الصارخة كالاحمر والبرتقالي في منسوجاتها لتضفي البهجة من حولها، وهذا قبل شيوع الاصباغ الكيماوية، كان في الماضي الاعتماد على الصوف بألوانه الطبيعية ويستعان ببعض النباتات الصحراوية في تلوين الاصواف مثل العرجون والعرفج وبه زهرة صفراء اللون ونبتة الفيحاء وهي متوافرة في الأماكن الصحراوية حيث تجفف هذه النبات وتستعمل في الصباغة فالعرجون والعرفج يعطيان اللون الاصفر أما الفيحاء فتعطي لوناً وردياً مائلا الى البني، تستعمل المرأة البدوية الألوان الصارخة كالاحمر والبرتقالي في منسوجات لتضفي البهجة من حولها

وكرد فعل على صرامة البيئة الصحراوية وعبوسها، وتعكس بذلك حسا فنيا وذوقا جماليا فطريا. ويعتبر اللون الأحمر من الألوان المفضلة عند البدو في الكويت ويرتبط لديهم بالبهجة واليسر، وقد يعود هذا الى كونه لوناً وبالتالي رمزا للحياة قبل شيوع الاصباغ الكيماوية.

الطبيعة

ويستعمل للحياكة نول السدو الذي هو عبارة عن نول ارضي مسطح وبسيط يسهل طيه ونقله، وكان يتوافق وطبيعة الترحال في البادية قديما كما يستعمل السدو اليدوي للغزل.

الصوف

حياكة الصوف من الحرف القديمة التي عرفت في البيئة الصحراوية حيث ان الصوف هو اساس مكونات بيت الشعر الذي يسكنه أهل البادية وخصوصاً في شبه الجزيرة العربية، فلقد تأقلم الانسان مع البيئة القاسية وانتفع بما تجود به البيئة المحيطة به، فبيت الشعر مسكن الصحراء المتنقل مصنوع من شعر الماعز وصوف الاغنام يتمتع في المنسوجات الزاهية بألوانها ونقوشها الجميلة والتي تختلف عندما نقارنها مع بساطة الامور المادية المتوافرة في تلك البيئة وجمال القطعة التي يتكون منها بيت الشعر وترجع نوعية النسيج من حيث النعومة والخشونة وجودة الغزل والنسيج عند نساء البيت.

الأساس

يعتبر السدو الحرفة الاساسية التي تزاولها المرأة في البادية وهو حرفة يدوية تبدأ المرأة تعلمها منذ الصغر وتظل عليها حتى تتقنها والنساء كن يتولون تعليم بناتهن منذ نعومة أظفارهن في الغزل والصباغة وأجزاء بيت الشعر «الفلجان» وعندما تكبر الفتاة البدوية تكون ألمت بحياكة أغلب النقوش باستثناء الصعبة منها فلا تجيده إلا الماهرات منهن.

الأجزاء

الشعر وهو مسكن اهل البادية في الصحراء ويصنع من الصوف، ويتكون من الفلجان الجزء الذي يغطي بيت العشر من اعلى ويكون بمثابة السقف ويصنع عادة من الصوف الاسود فقط الذرة تلف حول البيت ويتصل احد طرفيها بالفلجان ويثبت طرفها الاخر بالتراب، حيث تكون بمثابة الجدار الفاصل بين البيت الداخلي من الداخل والصحراء من الخارج ويتألف من ثلاثة اجزاء أو فلجان، الاسود مصنوع من الصوف الاسود وفي وسطه خط ابيض ينقشه الضلعة ويستعمل عادة في صنعه صوف الخراف الصغار للونه الاسود الفاحم، الغدير وهو مصنوع من القطن الابيض وفي وسطه خط اسود وابيض بنقشة الضلعة ايضا، الملحة مصنوعة من غزل بني اللون، القاطع او الرواق أو الغرارة يستخدم كقواطع داخل البيت لتقسيمه الى عدة اماكن، وهو يتكون من ثلاثة اجزاء كما هو بالنسبة للذرة، عندما يحتوي القاطع على زخارف ونقوش ملونة يعرف بالبجاد اما السناح فهو اقل زخرفة من البجاد.

الوقت

تبدأ النساء في حياكة السدو بعد فصل الربيع حينما يغزل الصوف الذي يجز في أواخر الربيع ويكون فصل الصيف هو فصل استقرار.... ويستخدم نولاً افقياً بسيطا يسهل تركيبه ونقله تتطلب حياكة الصوف مراحل مختلفة حيث أولاً يجز الصوف ثم يتم تنظيفه ثم غزله ثم صبغه وكل مرحلة لها خطوة ضرورية وحيوية تتعلق بجودة ماينتج... والصوف المستعمل من صوف الغنم الاسود من صنف النجد والعِرب... تفكك النساء الصوف ثم يمشط بواسطة مشط خشبي خاص بالصوف ويتم الغزل بعدها على المغزل وهو يحمل علي اليدين ويغزل حتى يكون جاهزاً.

المنتوجات

من المنتوجات التي تتعلق بسدو حياكة، العدول ومفردها «العدو»، عبارة عن اكياس كبيرة لحفظ الرز، المزاود ومفردها المزودة، عبارة عن اكياس اصغر حجما من العدول واكبر من «الخروج»، وتستخدم لحفظ الملابس وتسمى الحياكة الموجودة في اعلى فتحة الكيس «بالظراس»، السفايف ومفردها «سفيفة» عبارة عن خيوط محاكة بطريقة جميلة وألوان زاهية لتزيين الجمال والخيول، العُقل ومفردها «عقال» عبارة عن عدة خيوط تبرم باليد مكونة العقل، وتستخدم هذه العقل في ربط الجمال والخرفان والماعز، الشف قطعة من السدو من نوع المفرشة مصنوعة من لون واحد وعلى اطرافها نقشة الضلعة بلون مختلف وهي تفرش على الجمل للتزيين.

تضيف المرأة في البادية حينما تحيك السدو لمسات جمالية إلى قطع كثيرة مثل المزاود والخروج والقواطع وتزينها بالدرز والكراكيش أو الجدائل الملونة بنقشة الشجر.

الصناعة

يستخدم في صناعة السدو خيوط صوف الاغنام ووبر الجمال والقطن، ويستعمل الصوف الاسود من أغنام النجد التي كانت متوفرة قديما في منطقة الكويت والاحساء، او من صوف اغنام العرب، في صناعة سقف وجدار بيت الشعر. اما الصوف الابيض والذي يستعمل للصباغة فكان يؤخذ من الاغنام البيضاء التي تسمى بالنعيمي وكانت تستورد من شمال شبه الجزيرة، من العراق وحائل وسورية، اما الآن فيؤتى بها من تركيا وسورية.

وصف الحرفة

تعتبر حرفة النسيج او حياكة الصوف من اقدم الحرف التقليدية المنتشرة بين اهل البادية في الكويت واجزاء اخرى من شبه الجزيرة العربية.

ارتبطت حرفة الغزل منذ نشأتها ببيئتها الصحراوية، فالمادة الاولية وهي الصوف تأتي من الاغنام اما الألوان فيحددها اختلاف اصواف الاغنام او الجمال، وقد استعملت الاصباغ المستخرجة من الاعشاب الصحراوية المحيطة، كما تتوافق الزخارف من خلال تكوينها الغني بواقع البيئة الجغرافية.

تعرف عملية الحياكة أو النسيج بالسدو، كما تطلق هذه التسمية على آلة الحياكة نفسها وعملية الحياكة تشمل صناعة المنسوجات الصوفية المختلفة كالمفروشات والسجاد وبيوت الشعر وصناعة العباءات الرجالية، وباستثناء صناعة العبي تكاد تكون هذه الحرفة مقصورة على النساء.

الغزل

يغزل صوف الغنم وشعر الماعز ووبر الجمل باستخدام المغزل اليدوي ويعتبر من اقدم انواع الغزل المعروفة وفائدته انه يسمح للغازلة ان تنتقل بحرية في ذات الوقت الذي تقوم فيه بعملية الغزل، وتزال الاوساخ واغصان الاشجار التي قد تكون عالقة بالصوف بواسطة اليد وباستخدام امشاط خشبية (على شكل الفرشاة) لها اسنان حديدية، يمشط الصوف كي تصبح أليافه مرجلة متوازنة صالحة للغزل، وتوضع ألياف الصوف الممشط على التغزالة التي قد تضعها الغازلة تحت ابطها او بين قدميها عن الجلوس وتسحب الألياف منها لغزلها.

الفتلة

الفتلة المفردة حينما تغزل يكون لها برمة يمينية Z او يسارية S حسب اتجاه دوران المغزل باتجاه عقارب الساعة او بعكسها، وعدد البرمات في كل سنتيمتر يتحكم في قوة الفتلة ويؤثر في مظهر النسيج، فإذا قلت البرمات في السنتيمتر الواحد، نتجت فتلة غزلها رخو متخلخل وبالتالي نسيج ناعم لين، اما الفتلة التي يكثر عدد برماتها في السنتيمتر الواحد فتعطي نسيجا اكثر قوة وتماسكا يبرز بوضوح جمال النقوش اليدوية.

الأدوات

تستعمل المرأة الناسجة ادوات بسيطة عدة في عملية غزل وحياكة الصوف

التغزالة عبارة عن عصا يلف عليها الصوف غير المغزول، والمغزل يصنع من الخشب ويتكون من عصا ينتهي احد طرفيها بخشبتين طول الواحدة منهما 5 سم تقريبا مصلبة الشكل يتوسطها خطاف لبرم الصوف الملفوف حول «التغزالة» وتحويله الى خيوط يطلق عليها «البرم»، ثم تجمع هذه الخيوط على شكل كرات يطلق عليها «دجة»، النول (آلة الحياكة) ويسمى السدو أيضا وهو عبارة عن خيوط ممتدة على الارض تربط باربعة اوتاد على شكل مستطيل، المنشزة وهي قطعة خشبية مستطيلة الشكل ذات طرفين حادين وتستعمل لرصف الخيوط على «السدو» بعد تشكيلها، الميشع (المكوك) عبارة عن عصا خشبية طولها حوالي 60 سم يلف حولها خيط اللحمة على شكل مروحي، ويفك جزء منه بطول مناسب قبل إدخال لقطة لحمة جديدة، القرن عبارة عن قرن غزال طوله عادة 15سم يستخدم في فصل خيوط السدو بعضها عن بعض ووضعها في ترتيب صحيح اثناء حياكة الزخارف والنقشات، المدرة عبارة عن مقبض خشبي مثبت به ذراع حديدية قصيرة تنتهي بطرف منحنٍ ويعتبر تصنيعا جديدا لفكرة القرن، المدراة أداة مصنوعة من الحديد او الخشب على شكل سن من اسنان المشط وأطول منه ويسرح به الشعر المتلبد.

الصوف

يعتبر الصوف من اكثر الخيوط شيوعا لوفرته ولسهولة غزله وصباغته ونسجه.

يجز الصوف في نهاية الربيع ويباع في صفاة الاغنام في بداية الشهر السادس.

يفضل قص الصوف من الاغنام وهي حية، حيث ان الصوف المأخوذ من الاغنام بعد ذبحها غالبا ما يكون معرضا لانتشار العته فيه بسبب وجود قشور (حلي) من الجلد.

الوبر

يؤخذ الوبر من الجمال حين يتساقط الشعر ومعه الوبر في الجو الحار على هيئة كتل متشابكة، ملمس الوبر انعم من صوف الاغنام، ومن خصائص اليافه انه عازل، يقبل شعر الجمل ووبره الصباغة ولكنه لا يقبل التبييض ولان لونه الطبيعي جذاب بذاته فهذه الخاصية لا تعتبر عيبا.

الماعز

ألياف شعر الماعز طويلة ومتينة ومع صعوبة غزلها إلا انها تستخدم اساساً في حياكة بيت الشعر وبدرجة أقل في المشغولات الاخرى، يستخدم نسيج شعر الماعز في صناعة بيوت الشعر، لونه الاسود الداكن يمتص الحرارة، عندما يبتل النسيج تتفتح الخيوط ويزداد التحامها مع بعضها، ونظرا لخاصية الشعر الزيتية فإن النسيج يصبح طاردا لماء المطر، النسيج قوي لا يرتخي، شديد التحمل.

في الغالب ولدى بدو الكويت يستعمل صوف الغنم الاسود من نوع النجد في حياكة سقف بيت الشعر لميزته التي تشبه صوف الماعز وايضا لتوفره خلافاً لصوف الماعز والذي يندر وجوده في بادية الكويت.

الجمعية

اشهرت جمعية السدو التعاونية الحرفية في عام 1991م وهو قد بدأ كمبادرة خاصة انشئت العام 1978م من قبل مجموعة من الكويتيين المهتمين بحفظ التراث الفني الخاص بالحياكة التقليدية للبادية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي