شتاء الكويت أرخى سدوله على البر... وعشاق الصحراء هجروا خيامهم

خيام «الهوى»... رماها الهوا!

1 يناير 1970 12:02 ص

من الماء إلى الصحراء، لا صوت يعلو فوق صوت المطر ولا حديث إلا حديث السيول، وعلى أبواب شتاء غير مسبوق وقف المواطنون في الطوابير بحثا عن المؤن، وازدحمت محطات الوقود بالسيارات، واشتد رنين الهواتف على نغمة الخوف والتحذير، وانتشرت الشائعات بين الناس مخلفة الذعر في كل مكان وانتهى المشهد إلى ألف علامة تعجب ترسو عليه.
وعلى أطراف المدن ألقى الشتاء سدوله ليلا على كل البقاع، وحجبت الغيوم في سمائها كل منفذ للضوء، ثم شرع المطر بعزف ألحانه على الأرض، فالأرض التي منذ عشر ليال تشرب المطر لم ترتوِ، «وخيام الهوى التي طارت في الهوا، طارت بلا أوتاد».
عاصفة الأمطار التي أفرغت حمولتها على البر ليلة أمس، اقتلعت أوكار السهارى في المخيمات ذات الخمسة نجوم، وعلى صوت الرعد المدوي تلاشت كل أصوات الطرب وغادر عشاق الصحراء ديارهم إلى أكناف البيوت فلا عاصم اليوم إلا الله. وعلى هذا الحدث الاستثنائي الذي لم تشهد البلاد مثيلا له منذ عقود، نقل مواطنون في بر الصبية شمال الكويت، لـ«الراي» اللحظات الأولى للمشهد، حيث بدأت السماء تخزن غيومها منذ الغروب، وفجرت مخزونها أول الليل بأمطار بدأت خفيفة ثم اشتدت تدريجياً، تدفعها رياح متوسطة السرعة، ولكن لأن منطقة الصبية مكشوفة سارت الرياح فيها بسرعة أكبر من غيرها من المناطق، فيما فرت السيارات مسرعة وإشارات التنبيه تعلن خلفها أن الوضع خطير والموقف لا يحتمل البقاء.
أحمد الشمري وصف لـ«الراي» المشهد في بر الصبية، مؤكداً أن الأمطار كانت خفيفة إلى متوسطة، ولكنها أمطار ديم لا تتوقف وتثار حسب سرعة الرياح الأمر الذي جعل الأرض تلفظ المطر إلى الخارج محوّلة المكان إلى وحول وبحيرات ومستنقعات طينية فيما فجرت أحد مناهيل الصرف الصحي أمام مبنى الحرس الوطني، وهو منهول ضخم حوّل البر إلى «شعيب» كبير ممتلئ بالماء وتفرعت منه جداول الماء يميناً ويساراً، محولة البر إلى بحيرات وخباري تسعد العين برؤيتها.
وقلل حمد الشامان من خطورة الموقف، موضحاً أن كل ما يتردد على مواقع التواصل مبالغات وتهويل للأمور، فالمطر نعمة من الله وإن أحدث بعض الأضرار في المناطق الجنوبية فالوضع هنا آمن ولا يوجد ما يستدعي الخوف. وأضاف «نحن نتابع الوضع لحظة بلحظة وتنبؤات الأرصاد الجوية ليست بالضرورة تصدق في كل مرة وفي كل الأحوال نستطيع مغادرة المكان فوراً إن حدث أي شيء».