ببساطة

الآيلتس والسياسة والتنمية!

1 يناير 1970 07:29 م

لم يمض شهر على إعلان نتائج الثانوية العامة التي جاءت لتؤكد تردي مستوى التعليم في الكويت، بعد أن انخفضت نسبة النجاح عن العام السابق من 80.25 في المئة إلى 69.84 في المئة، وهي مؤشر خطير لتدهور التعليم في الكويت، خصوصاً أنها أتت بعد تطبيق لائحة الغش الجديدة التي تقضي بحرمان الطالب «الغشاش» من جميع الاختبارات، أي أن نجاح لائحة الغش كشف سوءة النظام التعليمي، حتى انبرى نوابنا بعد أقل من شهر من هذه الفضيحة يطالبون بإلغاء شرط اجتياز اختبار «الآيلتس» للطلبة المبتعثين للمملكة المتحدة، وهو اختبار القدرات في اللغة الانكليزية.
 لم أستغرب مطالب النواب وتهديدهم لوزير التربية بالاستجواب، ما لم ينصع لتلك المطالب الشعبوية، فإلغاء شرط اجتياز ذلك الاختبار يعني سهولة الابتعاث ورضى الناخبين، فليس من المهم بالنسبة لهم أن يكون المبتعث لبريطانيا متمكناً من اللغة الانكليزية، بل ليس مهماً إن أكمل ذلك الطالب المبتعث دراسته، المهم أصوات الناخبين ورضاهم. ومن المؤسف أن يتم طرح مثل هذه القضية في وقت وافق فيه النواب على برنامج عمل الحكومة، وهو المشروع الذي يعتمد على الاقتصاد المعرفي والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، فكيف سيتم كل ذلك وهم يريدون ابتعاث الطلبة لبريطانيا من دون معرفة مستواهم باللغة الانكليزية؛ الذي يبدو لي من نتائج الثانوية العامة بأنه كارثي!
 هذه السياسية المتبعة من أغلب نواب الأمة على مر السنين تقاس عليها جميع القضايا وليس التعليم فقط، فالنائب يضع المصلحة الانتخابية فوق كل شيء، والناخب يرى النائب كمندوب مخلّص للمعاملات، وهذا ما صنعه النظام الانتخابي الفاشل والمنظومة السياسية التي تعتمد على العمل الفردي وتحارب كل أشكال العمل الجماعي، سواء إشهار الأحزاب والهيئات السياسية أو حتى تشكيل الكتل البرلمانية، وحيث إن النائب يعلم جيداً عدم قدرته على الانجاز منفرداً، لذلك نراه يبحث عن الاقتراحات الشعبوية التي تضمن له النجاح في الانتخابات والاستمرار في البرلمان فقط.
 هذه المنظومة السياسية التي أوصلتنا لهذا المستوى المتدني في المجالات كافة، فالكل يبحث عن مصالحه الخاصة، بينما يعاني الوطن والمجتمع... لذلك نقول دائماً أن الإصلاح يبدأ من المنظومة السياسية، أو على الأقل وضع نظام يسمح بتشكيل كتل برلمانية، كما كان الحال في الماضي، فما حدث في الكويت من طفرة جعلتها تتصدر دول المنطقة في كل المجالات، جاء بسبب وجود وعي سياسي لدى النخب الوطنية التي تكتلت وقدمت مقترحاتها ورؤاها، وضغطت عبر الشارع لتمرير مشاريعها، فكان طموحنا في ذلك الوقت أن نتحول من دولة نامية إلى دولة متقدمة، بينما وصل بنا الحال اليوم أن نتمنى أن نصل لمستوى دول الجوار التي سبقتنا في المجالات كافة... عدا الديموقراطية.
 في النهاية، يجب على النواب أن يعوا خطورة مطالبهم على التعليم، فبدلاً من إفساد أجيال المستقبل عبر تلك المقترحات غير المدروسة، عليهم محاسبة الحكومة على تردي النظام التعليمي وسوء النتائج، والعمل على تطوير المنظومة التعليمية لتواكب العصر، وهذا ما أتمناه... لا ما أتوقعه، كما أتمنى أن تتحمل القوى والتنظيمات السياسية الكويتية مسؤوليتها في توجيه المجلس والحكومة، لاسيّما وأنها تعتبر الشكل التنظيمي السياسي الجماعي الوحيد في الكويت، لذلك يجب أن تتقدم تلك التنظيمات برؤيتها وبرامجها التنموية، أو أن تقدم ملاحظاتها وتعديلاتها على البرامج المعلنة من الحكومة، فلا يصح أن تطالب تلك التنظيمات بتعديل المنظومة السياسية وهي لا تملك رؤية أو برنامج.
 
dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari