No Script

ضغط الاختبارات والدراسة كابوس يلاحقهم

الكآبة تسيطر على طلبة الجامعة !

تصغير
تكبير
حصة الجويهل: كنت أتناول 18 كوب قهوة في اليوم حتى أتمكن من التركيز أكثر في الدراسة

جراح القزاع: القلق من الامتحانات سببه الخوف من الإخفاق في تحصيل الدرجات

سلطان العنزي: الدراسة الصحيحة تبدأ من أول يوم دراسي

مريم الفهد: الطالب يعاني من تقارب وقت الامتحانات وأحياناً يخوض أكثر من امتحان في يوم واحد

أحمد السليمي: الوسائل التكنولوجية في شرح المواد الدراسية تسهل فهم المادة

الهنوف العجمي: عطلة كافية قبل الامتحانات و«بريك» بين الاختبارات

حسن عرب: على الأهل مراعاة الفروق الفردية بين أبنائهم والأقران

خضر البارون: الطالب الذي يتفانى في المذاكرة وبذل الجهد لتحقيق التفوق يشعر بقلق
الكآبة... التوتر... القلق... قلة النوم... تناول مفرط لمشروبات الطاقة والقهوة، كل تلك المظاهر تعكس في الوقت الراهن حالة الطوارئ التي يعيشها طلبة الجامعات، المتأهبون لخوض غمار اختبارات نهاية العام، والتي تمثل صفحة مهمة في حياتهم قد تطوى بنجاح وانتقال إلى مرحلة أخرى، أو أنها ستعيدهم خطوة إلى الوراء حيث إعادة المواد والتأخر عن التخرج.

فترة الاختبارات التي يعيشها طلبة الجامعة حالياً تمثل أكثر الفترات التي تشهد ضغطاً عليهم تجعل الكثير منهم يعتزلون الحياة العادية فتجدهم ما بين الدراسة الذاتية أو الدراسة مع «القروبات» أو الدراسة من خلال المعاهد والدروس الخصوصية.

ورغم هذا الضغط والاجتهاد والمثابرة في الدراسة والمذاكرة من الطلبة، نجد في المقابل بعض الحالات، لاسيما بعض الطلبة المقبلين على التخرج، وصلوا إلى مرحلة من التهاون أو كما يحلو للعديد منهم القول بأنها حالة عدم تأنيب الضمير في المذاكرة، وعادة ما يرضون بأقل الدرجات، فالمهم هو أن ينهوا رحلتهم الدراسية ويحصلوا على الشهادة لبدء حياتهم العملية.

ويرى متخصصون أن الضغط في فترة الاختبارات ناتج عن إهمال الطالب للدراسة أولاً فأول للمقررات الدراسية وبالتالي تراكم الكمية في نهاية الفصل، بالإضافة إلى الضغط الاجتماعي وضغط الوالدين لأبنائهم للنجاح وحصد أعلى الدرجات، في المقابل يتذمر الطلبة من عدم منح الجامعة لهم مجالاً كافياً للمذاكرة قبل فترة الاختبارات النهاية والتي عادة لا تتجاوز مدتها اليومين، علاوة على نظام الامتحانات والتكاليف الذي يقدم للطالب طوال الفصل الدراسي ما يجعله متوتراً ليس فقط في فترة الاختبارات النهائية.

«الراي» سلطت الضوء على هذا الموضوع من خلال التحقيق التالي:

بداية رأت طالبة الطب البشري في جامعة الكويت حصه الجويهل أن طلبة الطب هم أكثر الطلبة الذين يعانون من ضغط الدراسة، لاسيما مع كمية الدراسة الكبيرة التي يجب علينا دراستها، ففي السنوات الأربع الأولي غير الإكلينيكية نعتمد على دراسة المذكرات التي يقدمها الأساتذة والتي غالباً ما تكون كثيرة في محتواها بحيث لا يسعفنا الوقت لدراستها كلها خاصة وأنها تعتمد على الحفظ وصعوبة حفظها خلال يومين فقط قبل الامتحان، لافتة إلى أن الطلبة يضطرون إلى الدراسة بعد انتهائهم من الدوام اليومي مباشرة وهي عملية مرهقة لنا، أما بالنسبة للسنوات الاكلينيكية فإن الدراسة تعتمد على الكتب والعمل في المستشفى، بحيث تكون نصف امتحاناتنا في المستشفى عمليا والنصف الآخر نظريا، وحقيقة في السنوات الإكلينيكية نجد أن ضغط الدراسة أقل بكثير لأن الكتب مرتبة ومنظمة ولدينا كمية معينة للدراسة، والشرح والتفصيل في الكتب يفهمنا أكثر من المذكرات «النوتات» التي يضعها الاساتذة.

وأضافت: لحل مشكلة ضغط الدراسة بالنسبة للسنوات غير الإكلينيكية فإن على الطالب ضرورة تنظيم وقته لاسيما وأن لديه في نهاية المطاف وقتا ضئيلا لنفسه، وباقي الوقت يخصص للدراسة، مع أهمية التركيز في المحاضرة وتدوين الملاحظات، والحرص على المذاكرة بعد الدوام في الكلية أو البيت يومياً، وبالتالي نجد أن الطالب لن يعاني في فترة الاختبارات النهائية.

وزادت: حقيقة من الصعب التعامل مع الضغط بالنسبة للذين يحصرون أنفسهم في آخر أسبوعين من الفصل الدراسي، ويضطرون للدراسة من الساعة 7 صباحاً وحتى 11 مساء مع صعوبة إنهاء كمية الدراسة المطلوبة.

وذكرت أن طلبة الطب لا يعانون من عدد الاختبارات بل يعانون من توقيتها، مبينة أن مستوى الامتحانات غالباً يكون تعجيزيا وأحياناً يكون سهلاً.

واعترفت جويهل بأنها كانت في إحدى سنواتها الدراسية في السابق تتناول ما يقارب 18 كوباً من القهوة في اليوم الواحد حتى تتمكن من التركيز أكثر في الدراسة وإزالة الإرهاق الدراسي، مؤكدة أنها بدأت في الآونة الأخيرة التقليل منها كونها مضرة على الصحة خصوصاً إذا تجاوزت جرعات معينة، وهو الأمر الذي ينسحب أيضاً على مشروبات الطاقة، لافتة إلى أن تناول مثل هذه الأمور غير صحي وأحياناً تعمل القهوة على جعل الإنسان ينام بشكل أسرع بدلاً من منحه القدرة على المواصلة.

ولفتت إلى أن هناك ما يقارب ثلاثة أرباع طلبة الكلية يدخنون، وهناك من لم يكن يعرف التدخين لكن خلال دراسته بدأ التدخين، وهذا الشيء غير صحي، مشددة على أن الماء هو أفضل مشروب من الممكن أن يتناوله الطالب في فترة الاختبارات كونه يعمل على تنشيط خلايا المخ وبالتالي يمنح الشخص القدرة على استيعاب معلومات أكثر.

من جهته، قال عضو هئية التدريس في قسم الهندسة الكهربائية الدكتور سلطان العنزي: من المهم أن يعلم الطالب أن الامتحان النهائي وحسب قوانين الجامعة يجب ألا يقل عن 40 في المئة ولا يزيد على 60 في المئة وبالتالي قد تكون درجة الامتحان النهائي مقاربة لنصف الدرجة الكلية للمادة وهذه درجة عالية جداً ما يعني أن الامتحان النهائي مهم جداً بل هو أهم مرحلة في الفصل الدراسي ولكن لا يعني هذا أن يقوم الطالب بالدراسة فقط في فترة الامتحانات النهائية بل عليه أن ينظم وقته ويضع نقاطا زمنية منتشرة في الفصل الدراسي لمراجعة المادة بصورة دورية.

وتابع: برأيي الشخصي فإن أساس الدراسة الصحيحة تبدأ من أول يوم دراسي، وعلى الطالب الالتزام بالحضور للمحاضرات بشكل منتظم وفي حال غيابه عن محاضرة لظروف طارئة عليه الاستعلام من زملائه أو أستاذ المحاضرة عن الكمية التي فاتته حتى لا تتراكم عليه الدروس الذي تغيب عنها، كما أن الطريقة الصحيحة للدراسة خاصة في الكليات العلمية تتمثل في حل المسائل يدوياً وعدم الاعتماد على الأجوبة النموذجية.

وزاد بقوله: كما نتوقع من الطلبة تنظيم وقتهم والدراسة بشكل روتيني، على الأساتذة أيضاً أن يدركوا أن الهدف من الامتحانات سواء الفصلية أو النهائية هو فهم المادة بصورة عامة، فلا ينبغي على الأساتذة أن يضعوا امتحاناً تعجيزياً أو امتحاناً يحتوي على أفكار جديدة، بل يجب أن يحتوي الامتحان على بعض الأسئلة المباشرة والبسيطة ثم بعض الأسئلة التي قد تحتوي على أفكار مشتقة من الأفكار الرئيسة التي نوقشت طوال الفصل الدراسي.

من جهته، أوضح الطالب في كلية الآداب جراح القزاع أنه من الطبيعي في نهاية الكورس أن نلمس معاناة الطلبة من مشكلة الضغط النفسي لدى العديد من الطلبة بسبب كثرة الالتزامات وتعدد الاختبارات في العديد من المواد وأحياناً نجد عدة اختبارات في نفس اليوم والقلق يترتب من خلال الخوف في الاخفاق في الدرجات وهذه أسباب ملازمة لدى العديد من الطلبة.

وأضاف «ليس كل الأساتذه يبالغون في تكليف الطالب بالمهام والواجبات الكثيرة لكن البعض منهم يحمل الطالب فوق طاقته وهذا أمر مرفوض، لاسيما وأن في نهاية الكورس نجد الطالب مرهقا جداً».

بدورها، قالت طالبة اللغة الإنكليزية في كلية التربية الأساسية مريم الفهد: وصلنا إلى مرحلة أن بعض الأساتذة يتنافسون بوضع الكمية الأصعب والأكثر وهذا الشيء سبب من أسباب الضغط والقلق لدى الطلبة، مبينة أن الطالب يعاني من تقارب وقت الامتحانات وأحياناً تصادف أكثر من امتحان في يوم واحد، وهذه الظروف يجب أن يتعود عليها الطالب ويتكيف معها.

من جهته، أشار الطالب في قسم الخدمة الاجتماعية حسن عرب إلى أن مسببات القلق كثيرة ومنها الفرق بين التوقعات الشخصية وتوقعات الأهل، وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، بالإضافة إلى دخول الطلبة لتخصصات لا تستهوي اهتمامهم بل اهتمامات الأهل والمجتمع، علاوة على كثرة الامتحانات والفروض وتداخل أوقاتها.

وقال: يمكن حل المشكلة بدخول الطلبة لتخصصات يرغبونها، ومراعاة الأهل للفروق الفردية بين أبنائهم والأقران، ووضع توقعات منطقية للعلامات النهائية توازي المجهود، وأخيراً التخطيط السليم بين الأساتذة والعمادة لأوقات الامتحانات والفروض، ووضع جدول نموذجي يلائم الأغلبية.

وأكد عرب أن هناك بعض الأساتذة ممن يبالغون في وضع الواجبات والامتحانات، مع عدم مراعاة فترة الشباب التي يمر بها الطلبة والتي تسترعي اهتمامات شخصية للطالب ونشاطات خارجية وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية جديدة، فالامتحانات هدفها الأساسي قياس مجهود الطالب ومدى فهمه للمادة، فزيادتها غير ضرورية، وكذلك الفروض وضعت للطلبة الذين لا ينشغلون خلال الفصل الدراسي ولقياس مدى استفادتهم من الدرس المقدم، والمبالغة فيها غير مجدية فمن يود الانتباه والاستزادة من العلم استزاد بلا فروض، ولكن وجودها لا يعتبر جوهريا، ولا نقلل من شأنه، ولكن التخفيف منه عقبة في التخفيف عن الطلبة.

بدوره، شدد الطالب في كلية العلوم الاجتماعية أحمد السليمي على أهمية الاعتماد على الوسائل التكنولوجية في شرح المواد الدراسية الأمر الذي سيسهل على الطالب فهم المادة وبالتالي اختصار وقت كبير من الدراسة وتقليل الضغط.

وبين السليمي أن الاختبارات يجب أن تكون اختباراً لمستوى الطالب ومدى فهمه لا أن تكون تعجيزية وكأنها تأتي تحدياً للطالب، مؤكداً على أهمية تقليل كمية الاختبارات القصيرة وتبسيطها ومراعاة ظروف الطلبة الدراسية كون الطالب قد يكون مرتبطا بأكثر من مادة دراسية قد يصل البعض إلى 5 أو 6 مواد، بالإضافة إلى تحفيز الطالب بوضع الشروح المبسطة والدرجات الإضافية للأعمال التي يقوم بها.

من جانبها، أكدت الطالبة في تخصص الصيدلة الهنوف العجمي أن محاولة الطالب للموازنة بين الدراسة وحياته الاجتماعيه يسبب القلق، مشددة على أهمية وضع عطلة لفترة كافية قبل الامتحانات أو «بريك» بين الاختبارات.

وحول رأي علم النفس في ظاهرة قلق الطلاب أثناء الامتحانات، يقول أستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون إن الطالب الذي تحتاج قدراته العقلية إلى المزيد من التمارين والمذاكرة وبذل الجهد الكبير للوصول إلى درجات عالية نجده يشعر بقلق، ينتج في الغالب بسبب ما يتصوره العقل من تهديد على مكانة الشخص وسمعته ومستقبله، حيث يقع على بعض الطلبة ضغط نفسي كبير يكون تحدياً لقدراتهم وهم يحاولون أن يثبتوا جدارتهم أمام زملائهم ولا يرغبون في أن يسبقهم أحد في الحصول على أفضل الدرجات.

وتابع بقوله: كما نجد أن هذا القلق قد يأتي نتيجة ضغط الوالدين الذين يعقدون عليه الآمال في ألا يخيب ظنونهم وأن يتخرج من الجامعة ويحصل على وضع اجتماعي أفضل، وبالتالي نجد أن مصدر هذا القلق ملتصق بالطالب طوال دراسته ويزداد بشكل كبير في فترة الاختبارات.

وحول الصعوبة التي يجدها الطلبة في التعامل مع كثرة الواجبات والاختبارات من قبل الأساتذة أشار البارون إلى أن المهام التعليمية التي تعطى للطالب تختلف من مدرس إلى آخر، والمدرس بدوره هناك من يراقب عليه وهو يطمح لأن يحسن تقييمه وأن يكون متميزاً وبالتالي وجود مثل هذه المهام تستهدف تطوير العملية التعليمية وإفادة الطلبة وليس الضغط عليهم.

وبين أن الطالب المجتهد الذي يستطيع تقسيم وقته ولا يترك دراسته تتراكم حتى آخر الفصل بإمكانه أن يتعامل مع هذا الضغط بشكل إيجابي، لافتاً إلى أن المذاكرة أولاً فأول تخفف الضغط على الطالب في ليالي الامتحانات وإن كان يوجد هناك قلق بسيط، إلا أنه كلما استعد الطالب جيداً قل هذا القلق.

وأضاف البارون: كذلك يجب على الأهل والمدرسين ألايضغطوا على الطالب وتكليفه بواجبات أكثر من طاقته.

وشدد على أهمية توفير الجو الدراسي المريح للطالب بعيداً عن الازعاج وعدم تكليفه بأعمال أخرى، كما يجب أن يحرص الطالب على تناول الأطعمة الصحية وتجنب الأكل الذي قد يسبب له ربكة، مع تجنب تناول مشروبات الطاقة، على أن يهتم بأخذ القسط الكافي من النوم وعدم مواصلة ليله بنهاره، خصوصاً وأن النوم يساعد على بلورة الذاكرة وعندما يستيقظ الطالب صباحاً تكون المعلومات التي درسها في جهوزية عالية، بعيداً عن الربكة وتوتر الاعصاب أو عدم التركيز.

وأوضح أن بعض الطلبة قد نجدهم يهربون من الدراسة في وقت الاختبارات من خلال استخدام الاجهزة الإلكترونية والوسائل الاعلامية المختلفة، مبيناً أن ذهن الإنسان لا يستطيع أن يركز في رسالتين في وقت واحد وبالتالي من الصعب على الطالب أن يذاكر وهو يحمل بين يديه هاتفه النقال، مؤكداً أن التحصيل العلمي للأجيال السابقة كان أفضل من التحصيل العلمي للطلبة في الوقت الحالي.

وقال: في اليابان يتعرض الطلبة هناك إلى ضغط كبير جداً من قبل الأهل والمجتمع لاسيما في فترة الاختبارات، كونهم يدفعونهم لأن يكونوا على درجة عالية من العلم، إلى درجة أن الآباء هناك يقفون عند باب القاعة قلقاً على أبنائهم، علماً بأن الطلبة اليابانيين هم الأكثر انتحاراً على مستوى العالم بسبب الامتحانات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي