No Script

قضية / رغم أهميته في التطوير وبناء المستقبل

أدب الطفل... بين الاستسهال والإهمال

تصغير
تكبير

ينظر بعض الأدباء والكتاب إلى أدب الطفل... نظرة غير منصفة حينما يراه أدباً بسيطاً لا يكبّد الذهن التفكير الكبير، ولا يجهد الخيال أكثر مما ينبغي، وأن كتابته لا تحمل في مضامينها ومستوياتها، تلك المكانة التي يصل إليها الكتابة إلى الكبار من شعر وقصة ونص مسرحي وخلافه.
هذه النظرة القاصرة، أدت إلى تأخر تطور هذا الأدب الحيوي في حياة المجتمع الطامح إلى مستقبل أفضل له ولأبنائه، وساهم في ابتعاد الأدباء الكبار في التعاطي معه، أو فلنقل التكبّر والتعالي على مستواه، الذي يراه البعض تهمة في حقه، فقد يحس كاتب ما حينما يشرع في كتابة قصة أو قصيدة أو نص مسرحي موجه للطفل، بأنه يقوم بعمل لا يليق بقامته الأدبية، أو أنه لن يتمكن من مواصلة مشروعه الأدبي الموجه للصغار لأسباب يُرجعها إلى ضيق وقته، وكثرة أشغاله.
ومع هذا فإن بعض الأدباء في مجتمعاتنا العربية تخصص في هذا المجال - أدب الطفل - وكرس كل مجهوداته في الكتابة له، وهذا الاتجاه أسهم بشكل ملحوظ في أن يظل هذا الأدب موجوداً على الساحة، ومن ثم الإسهام في تحسين مدارك الطفل، والوصول به إلى مستويات متميزة من التفكير في الحياة التي تحيط به.
كما أن الأسماء كثيرة في عالمنا العربي، تلك التي حرصت على أن يكون أكبر همها الكتابة للطفل، والاهتمام بالقضايا التي تهمه مثل الطبيعة والتعليم والأخلاق والسلوك والعلم وتطوير الذات وخلافه، وبالتالي طباعة هذه الأعمال في كتب سواء كانت ورقية «تقليدية» أو إلكترونية، أو نشرها على المواقع الإلكترونية التي تهتم بالأطفال، من خلال إبداعات تهتم بجوانب اجتماعية وحياتية وعلمية في حياة النشء والأطفال، وذلك وفق تصورات وأساليب راقية ومفيدة.
والقليل من الأدباء الكبار الذين يأخذون مساحة من أوقاتهم لكتابة من أجل الطفل، في أشكال أدبية مختلفة، وهذه الأعمال تكون في أنساق إبداعية مهمة، وهي تساهم بشكل كبير في التنمية الفكرية للصغار، كما أنها تتضمن معاني وخيالات تساهم في توسيع المدارك لدى الأطفال، وصقل مهاراتهم ومواهبهم، غير أن هذه الكتابات قليلة جداً في عالمنا العربي، ولا تعد ظاهرة حميدة، فهي اجتهادات نادرة، ومحاولات لا تستمر طويلاً فقد تتوقف عند عمل أو أكثر.
والواضح أكثر على ساحة أدب الطفل، تلك الكتابات الباهتة التي لا تؤسس بأي شكل من الأشكال لمفاهيم تتعلق بالخيال والابتكار والحس الأدبي والارتقاء بالتفكير، فتلك الكتابات - للأسف - تمكنت من اختراق المناهج الدراسية للمراحل المختلفة - خصوصاً الابتدائية - كما أنها طغت على النشر في المجلات التي تهتم بالطفل - وهي قليلة لدرجة الندرة - وأصبحت - هذه الكتابات المهترئة - هي النماذج التي يتناولها أطفالنا بالقراءة، مما يفسد من ذائقتهم، ويقلل من إقبالهم في التعاطي مع الخيال، وبالتالي فإننا نعطي لهم أسوأ الأمثلة للأدب الذي يتوجه إليهم.
إننا - في حقيقة الأمر - نحتاج إلى أدب صادق ومخلص، من خلال ما يتضمنه من أسلوب راق ينزل إلى مستوى تفكير الأطفال وفي الوقت نفسه، يرفع من قدراتهم الفكرية، يتعامل معهم على أسس سليمة تكون فيها الرؤية واضحة وغير مبهمة، والخيال خصباً يتماهى مع الفكر ولا يضلله، مع الابتعاد عن الأفكار والاطروحات الأدبية التي لا تفهم عقلية الأطفال، وتجد سهولة في تناولها من دون موهبة أو اقتدار، حتى لا نخسر أطفالنا، ونقدم له النماذج الأسوأ، ومن ثم نكرس في أذهانهم مفاهيم مغلوطة عن الأدب الذي يتوجه لهم.
ولكن الذي يحدث أن كل من لديه إرهاصة كتابة يتجه للطفل، ويعكر صفو طفولته، بكتابات ممزقة، فاقدة لكل المواصفات التي تعتني بالأسلوب والقيمة الفنية، والفكرة الجيدة، والرؤية الثاقبة للحياة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي