No Script

خواطر تقرع الأجراس

لماذا انسحبت يا إبراهيم؟

No Image
تصغير
تكبير

لماذا نهرب أو نتهرب من مواجهة أي صهيوني في أي مؤتمرسياسي أو تاريخي أو ثقافي أو فني؟ الحجة دائماً:لا نقبل الجلوس مع محتل أرضنا، وإرهابي مجرم يرتكب المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
 لماذا لا ينسحب الصهاينة عندما يعلمون بحضور عرب؟ بل تراهم يهرعون إلى الحضور؛ ليثبتوا أنهم حضاريون متسلِّحون بحقائق (التزييف العربي للتاريخ)! وأنهم شعب الأرض التي وهبها لهم «رب الجنود»... حتى ربُّهم الخاص بهم في كتابهم المزوَّر يترأّس جنوداً للغزو واحتلال أراضي الغير.
 يزوِّرون التاريخ، بأن العرب والمسلمين احتلوا أرضهم: أرض شعب الله المختار، بعد أن احتلها الرومان قروناً. حتى جاء يوم تحرير أرض «رب الجنود» 1948
 حتى البريطانيون لم يسلموا من إرهاب «جنود الرب» قبل قيام كيانهم الاستعماري. كان مناحيم بيغن مثلاً مطلوباً للقضاء البريطاني منذ تلك الفترة؛ لأنه شنق جنوداً بريطانيين على أغصان الأشجار في الشوارع خلال «حرب التحرير والاستقلال»! ليجعل بريطانيا تنهي انتدابها الاستعماري فيخلو الجو للصهاينة حتى يتابعوا إرهابهم على الشعب الفلسطيني للتهجير بالإرهاب ونيل «الاستقلال»!
 في كتابهم (المقدّس) اعتراف صريح بأن أرض كنعان فلسطينية قبل مجيء «إبراهيمهم» من حاران موطنه و«بيت أبيه» من العراق، من أُور الكلدانيين... فلنقرأ هذا الاعتراف من رب الجنود بكنعانيةِ- أي بفلسطينيةِ ما يسمونه أرض الميعاد:
 «وقال الرب لأبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك، فأجعلك أمةًعظيمة وأُباركك وأُعظِّم اسمك، وأبارك مباركيك، ولاعِنَك أَلعنُه... فذهب أبرام كما قال له الرب... ومعه لوط وساراي امرأته. فأتَوا ( أرض كنعان)!...وكان الكنعانيون حينئذٍ في الأرض! وظهر الرب لأبرام وقال: لنسلك أُعطي هذه الأرض..» /‏ من الإصحاح الثاني عشر من سِفْر التكوين.
 ألم يقرأ الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله كتابهم المقدّس؟ لماذا انسحب مؤخراً من مؤتمر«الرواية والتاريخ» الذي نظّمته الجمعية الأوروبية لدراسات الأدب العربي في مدينة نابولي؟. هذه الجمعية الأوروبية تضم أساتذة جامعيين عرباً وأوروبيين عاملين في الجامعات الغربية معنيين بتدريس الأدب العربي ودراسته. كان من المقرر أن يقدم نصر الله خلاله شهادة عن تجربته في كتابة الملهاة الفلسطينية في مقر جائزة نابولي وفوجىء نصر الله بوجود محاضِرة إسرائيلية من جامعة بار إيلان، مع أن الدعوة التي وجهت إليه لم تشر لمشاركة إسرائيلية في أعمال المؤتمر ما دفعه إلى إرسال رسالة للجنة المنظمة للمهرجان ورفضه القاطع المشاركة في أنشطته ومغادرة فعالياته.
 لاحظوا تبريره للمقاطعة في رسالته: «هذا أمر لا يحتمله المنطق الأخلاقي والوطني والإنساني... فلا يمكن أن أقبل ممن يحتل بيتي أن يقدم لي رشوة تتمثل في أنه يدرس رواياتنا ويقدم عنها دراسات في الوقت الذي يتمتع فيه بالبيت الذي سرقه مني».
 أيها الشاعر الروائي الكبير، أقول لك إنك تبرر انسحابك لعجزك الباطني عن تحدّي هذه الصهيونية وغيرها! لماذا لم تعتذر هي وتمتنع عن الحضور لوجود فلسطيني «إرهابي» ؟ لقد كان الموضوع مناسباً جداً (الرواية والتاريخ) لفضح تزويرهم وتزييفهم للتاريخ بالأدلة الوفيرة من كتابهم المقدس!
 سياسة دفن الرؤوس في الرمال ولّى عهدها. لماذا لا ندرس رواياتهم كما يدرسون؟ هل هو العجز عن المواجهة، وهم لا يعجزون.؟! إنهم يقرؤون عنا كل شيء ويزوّرون. ونحن عن كل ذلك غافلون أو متغافلون.

* شاعر وناقد سوري

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي