No Script

افتتاح المتحف الذي يجمع أطيافاً من فنون الإنسانية يمثِّل حدثاً عالمياً من الطراز الرفيع

«اللوفر أبوظبي» جسر إبداعي... لاحتضان ثقافات الدنيا!

تصغير
تكبير
«اللوفر أبوظبي» يعزز توجهات الإمارات في ترسيخ التعايش بين مختلف الثقافات

تصميم المتحف يعكس الارتباط بين السماء الهائلة وأفق البحر وأراضي الصحراء

محمد خليفة المبارك: الإمارات تفخر بموروثها الحضاري بالتوازي مع ثقتها بمستقبلها الواعد

مانويل راباتيه: «اللوفر أبوظبي» يمثّل عصراً جديداً في عالم المتاحف بالمنطقة إبداعاً وابتكاراً

جان لوك مارتينيز: «اللوفر أبوظبي» سيكون مركز إبهار للعالم وعلامة فارقة في تاريخ المتاحف

حصة الظاهري: المتحف سيُرسي ثقافة ملهمة... وأعتبره إرثاً نهديه للأجيال القادمة
جسر متين من الحضارة والثقافة ذلك الذي يربط بين متحف «اللوفر» الواقع على الضفة الشمالية من نهر السين في العاصمة الفرنسية باريس، وبين «اللوفر أبوظبي» الذي يقع في تحفة معمارية متفردة الطراز على ضفاف جزيرة «السعديات» في الإمارة التي تفيض حيوية على كل صعيد، وتحتضن ثقافات العالم لتتعايش جميعاً على أرض الإمارات!

224 عاماً تفصل بين افتتاح «لوفر باريس» في أغسطس 1793 وافتتاح «لوفر أبوظبي» للجمهور يوم السبت المقبل، كأن دولة الإمارات الشقيقة تقول للعالم إنها تستزرع ثقافات الدنيا على أرضها، ترسيخاً للتعايش بين الشعوب والدول والحضارات!

كل هذه المعاني الثقافية النبيلة كانت حاضرة في مؤتمر صحافي أقيم قبل يومين في إحدى قاعات متحف «اللوفر أبوظبي» الذي يمثل تحفة معمارية تقع على مساحة 24 ألف متر مربع، وجمع عدداً كبيراً من ممثلي الصحافة العالمية ووسائل الإعلام المتنوعة، بمناسبة التمهيد لافتتاح الصرح الثقافي الكبير الذي يمثل حدثاً عالمياً من الطراز الرفيع، وبهذه المناسبة تحدث رئيس مجلس إدارة دائرة الثقافة والسياحة وشركة التطوير والاستثمار السياحي محمد خليفة المبارك قائلاً: «إن دولة الإمارات تفخر بما تمتلكه من موروث تاريخي وحضاري غني يبعث على الاعتزاز بهويتنا وتاريخنا، بينما تسير بخطى واثقة وحثيثة نحو مستقبل واعد ومزدهر»، مردفاً أن «الإمارات تجسّد نموذجاً فريداً في نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، حيث تضم تحت سمائها المعطاءة أكثر من 190 جنسية وثقافة وحضارة مختلفة تنصهر جميعاً في بوتقة المجتمع لتخلق نسيجاً متماسكاً وقوياً بمختلف أعراقه وأطيافه قائماً على المحبة والتآلف».

وتابع المبارك «إن متحف اللوفر أبوظبي يحتضن بين أروقته أعمالاً وتحفاً من جميع أنحاء العالم، وسيلمس زوّاره روح التعددية الثقافية والحضارية حينما يطالعون معروضاته التي تنتمي إلى مختلف ثقافات العالم»، متابعاً «أن اللوفر أبوظبي هدية للعالم وعلامة فارقة بين المتاحف العالمية في القرن الحادي والعشرين، وإننا نتطلع إلى الترحيب بزوّاره عند الافتتاح... وإنني فخور اليوم بأن نتشارك... واليوم هذه هي رياح الثقافة، وأود الشكر لمن ساهموا في هذا المتحف».

بدوره، قال مدير متحف «اللوفر أبوظبي» مانويل راباتيه: «يمثّل اللوفر أبوظبي عصراً جديداً في عالم المتاحف بالمنطقة، إذ يستقطب المواهب والكوادر الناشئة في قطاع الثقافة، وقد نجح اللوفر أبوظبي في دفع حدود الإبداع والابتكار حول مفهوم المتحف المعهود منذ القرن الثامن عشر، بما يتماشى مع متطلبات ومعطيات زوار القرن الحادي والعشرين، خاصةً وأنه في ظل العصر الحالي وما يشهده من متغيرات وتطورات بات لمفهوم المتاحف دلالات وأبعاد جديدة».

وأضاف: «يُبرز اللوفر أبوظبي طبيعة التواصل بين الحضارات عبر أعمال فنية وتاريخية تضرب بجذورها في ثقافات مختلفة، بما يدفعنا إلى استكشاف الروابط الأيديولوجية والإبداعية والتقنية المشتركة بين الحضارات. ويروي اللوفر أبوظبي أمام زوّاره تاريخ البشرية عبر مجموعة غنية بالتحف الأثرية النادرة والأعمال الفنية الرائعة».

في السياق ذاته قال مدير متحف اللوفر في باريس، رئيس المجلس العلمي في إدارة وكالة متاحف فرنسا جان لوك مارتينيز: «افتتاح اللوفر أبوظبي يُعد صرحاً ثقافياً فريداً من نوعه، وينضم إلى المشاريع الثقافية الأكثر طموحاً في العالم في أوائل الفرن الحادي والعشرين. ويحمل هذا المتحف أسمى المعاني والرسائل المتمثلة في الانفتاح على العالم، وهو ما يُعد ركيزةً أساسية وأولوية مهمة في وقتنا الحاضر. ومع انطلاق هذا المشروع المذهل، كانت لدى الإماراتيين رغبة قوية لتعزيز أواصر التعاون مع فرنسا وإنشاء متحف على مستوى اللوفر الباريسي. واليوم، نفخر بخبرات المتاحف الفرنسية وأعمالها الفنية الرائعة والتي من شأنها أن تسهم في تكليل اللوفر أبوظبي بالنجاح وإبهار العالم وترسيخ مكانته بأنه علامة فارقة في تاريخ المتاحف والثقافة في العالم».

ومن زاويته قال المدير العلمي في وكالة متاحف فرنسا جان فرانسوا شارنيير: «تُعد الأعمال الفنية المعروضة في اللوفر أبوظبي دليلاً قوياً على تاريخ البشرية والحضارات الماضية، حيث إنها تأخذ الزوّار على متن رحلة عبر الزمن لاستكشاف العصور القديمة التي ساهمت في تشكيل أسس مسيرة تطوّر اليوم، وعندما يلتقي الزوّار التحف والكنوز المعروضة بين أركان المتحف التي تنتمي إلى مختلف الثقافات ستُبعث بداخلهم عدة تساؤلات، بما سيجعل من (اللوفر أبوظبي) مكاناً مثالياً للتعرف على تاريخ البشرية وإرثها العريق»، مردفاً: «أنا سعيد بوجودي بعد عشر سنوات من العمل... والآن نجد العناصر الإنسانية داخل المتحف... لذا أتوجه بالشكر لكل فريق العمل طوال هذه الفترة، وكل شيء تم على أفضل وجه، ومعارض الأطفال تعتبر في قمة الأهمية، والمتحف لا يتشكل من كتب فقط، بل يحتوي على معرض وموقع يعرض التاريخ، وسرد تاريخ البشرية بالتمام».

أما نائبة مدير المتحف حصة الظاهري فتحدثت قائلةً «إن تشييد هذا المبنى لابد أن يظهر بالشكل الصحيح... وجميعنا لنا تميزنا، وشرف أن أعمل في هذا المشروع المميز، والمتحف قد استثمر في الكثير للمنطقة... وننجح في إرساء ثقافة ملهمة، وأنا أعتبره إرثاً نهديه للأجيال القادمة، وما نأمله مما نقوم به أن نصنع الاهتمام والإلهام لدى الأطفال، ويشرفني أن بعض العاملين في المتحف من الشباب الإماراتي».

يتأهب متحف «اللوفر أبوظبي في هذه الساعات، بأقصى طاقاته ليقدم أسبوعاً حافلاً بالفعاليات وسلسلة رائعة من العروض الفنية المختلفة بالتزامن مع افتتاح أبوابه للجمهور يوم السبت 11 نوفمبر.

ويعد اللوفر أبوظبي متحفاً عالمياً فريداً من نوعه في العالم العربي... وهو مقام على ضفاف جزيرة السعديات التابعة لإمارة أبوظبي، وسوف يقدم المتحف منظوراً جديداً عن تاريخ الفن عبر مختلف الحضارات والثقافات... كما يرصد اللوفر أبوظبي، أول متحف عالمي في الوطن العربي، بأسلوبه المعماري المتفرّد، محطات تاريخ البشرية عبر مجموعات فنية غنية بالتحف الأثرية والأعمال الفنية المعاصرة... ووسط موقع استراتيجي ومبنى باهر مما يساهم في جذب السائح وزيادة في فكره وتنمية الثقافة... ويضم اللوفر أبوظبي 23 قاعة عرض دائمة، ومساحة عرض خاصة ومتحفاً للأطفال وصالةً كبيرةً للفعاليات والحوارات تتسع لـ 270 ضيفاً، بالإضافة إلى مطعم ومتجر ومقهى.

ويسرد هذا الصرح الذي يفخر بجذوره وهويته الإماراتية تاريخ الفنون من منظور جديد في عالمنا اليوم.. كما يقدم تجربة إنسانية مشتركة تتجاوز حدود الجغرافيا على عكس المتاحف الغربية، حيث سيأخذ زوّاره على متن رحلة تسافر بهم عبر مختلف الحضارات والثقافات من حقب ما قبل التاريخ وصولاً إلى العصر الحالي، من خلال 12 قاعة عرض للمتحف، بما في ذلك القرى الأولى والأديان العالمية، بدايةً من بدايات الحضارات الصناعية وصولاً إلى عالم اليوم.

وضع تصميم اللوفر أبوظبي المصمم العالمي جان نوفيل... حيث صممه بأسلوب ساحر ليبدو وكأنه«متحف مدينة»، ويُعد مظهره العام حصيلة التصميم العمراني العربي المتميّز والهندسة المعاصرة المدعومة بالتقنيات المبتكرة ذات الكفاءة العالية في توفير الطاقة. وسيستمتع الزوّار بالمشي على طول المتنزهات والممرات المطلة على مياه البحر تحت ظلال القبة العملاقة المؤلفة من 7850 شكلاً هندسياً على هيئة نجمة ضمن نمط هندسي معقد. وعندما تتساقط أشعة الشمس على القبة تخلق تأثيراً ملهماً يُعرف باسم«شعاع النور».

وسوف يقدم«اللوفر أبوظبي»، الذي يسعى في سرد روح الانفتاح والحوار بين الثقافات على مر العصور، برنامجاً فريداً من نوعه. ويعبّر تصميم المتحف عن التقارب والارتباط بين السماء الهائلة، وأفق البحر وأراضي الصحراء، كما تخترق قبته أشعة الشمس لتخلق ضوءاً ذا روحانية خاصة به... والصحراء هنا ستكون في ذات يوم مركزا ثقافيا... ولدي بعض الاقتناعات العزيزة منذ بداياتي، ولا يمكنني تخيُّل مشروع يتحقق الا اذا وُجدت في تكوينه الثقافة الروحية.

معروضات المتحف

سيعرض اللوفر أبوظبي مجموعة فنية تضم أكثر من 600 قطعة تتراوح بين المقتنيات الأثرية العريقة والأعمال الفنية المعاصرة، بالإضافة إلى المنحوتات الكلاسيكية الجديدة ولوحات فنية بريشة أشهر فناني اليوم، وغير ذلك من الأعمال التركيبية المصممة من قبل فنانين بتكليف من المتحف، إلى جانب 300 من الأعمال المستعارة من المتاحف الفرنسية، والتي تمتدّ على مساحة 6400 متر مربع من صالات العرض خلال السنة الافتتاحية.

ويسبر اللوفر أبوظبي أغوار التاريخ البشري العريق عبر مجموعة من التحف النادرة بما فيها تمثال «أميرة من باختريا» الذي يعود تاريخه إلى أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد، وينتمي إلى منطقة آسيا الوسطى، وتمثال «أبو الهول اليوناني» والذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد، وسوار ذهب إيراني برأسي أسد. ويدعو المتحف زوّاره إلى التأمل في الأديان العالمية عبر مجموعة من النصوص المقدسة من بينها مخطوطات من «المصحف الأزرق» و«الإنجيل»، بالإضافة إلى تمثال «بوداسف واقفا» والذي يعود إلى الفترة بين القرنين الثاني والثالث الميلادي ورأس «بوذا» المصنوع من الرخام الأبيض من الصين.

وتصطحب صالات العرض... والتي تتمحور حول التصوير الكوني وطريق التجارة العالمية الناشئة... والزوّار في رحلة نحو الاستكشاف والتبادل الثقافي عبر مجموعة من الأعمال الآسرة تضم أسطرلاب تاريخي ولوحة «العذراء والطفل» للفنان جيوفاني بيليني وخزانة عريقة مجهّزة بأدراج من فرنسا معالجة بالطلاء الصيني الأحمر من تصميم المبدع برنارد الثاني فان ريسينبرغ. وتركز بعض القطع المعروضة على فخامة البلاط الملكي بمختلف أشكاله في جميع أنحاء العالم، ومن أبرزها تمثال رأس أوبا البرونزي ولوحة «السامري الصالح» للفنان جاكوب جوردانس.

تبادل الفن والخبرات

ويُعد متحف اللوفر أبوظبي ثمرة لاتفاق بين حكومتي دولة الإمارات وفرنسا، والذي بموجبه تمت إعارة اسم متحف اللوفر الباريسي لمدة 30 عاماً وستة أشهر. وتحت مظلّة هذه الشراكة الاستراتيجية، يستفيد اللوفر أبوظبي من دعم 17 مؤسسة فرنسية شريكة ممثلاً في اكتساب خبرات جديدة وتدريب أفراد طاقم العمل، كما تتضمّن الشراكة إعارة أعمال فنية من 13 متحفاً ومؤسسةً ثقافية بارزة في فرنسا لمدة 10 أعوام إلى جانب التعاون بين الدولتين لإقامة معارض موقتة على مدار 15 عاماً.

وعلى الصعيد المحلي، سيعرض اللوفر أبوظبي مجموعة من التحف الأثرية الإماراتية تضم قلادة يعود تاريخها إلى الفترة الزمنية 2000-1800 قبل الميلاد ومزهرية أثرية تنتمي إلى العصر الحجري الحديث تم اكتشافها في إحدى مستوطنات العصر الحجري التي يبلغ عمرها 8000 عام في جزيرة مروح الواقعة قبالة ساحل أبوظبي (متحف رأس الخيمة الوطني)، بالإضافة إلى أجزاء من الجص المزخرف من الدير المسيحي الأثري في بني ياس بأبوظبي (متحف العين الوطني).

افتتاح رسمي

تحوّل الافتتاح الرسمي لمتحف اللوفر أبوظبي مساء أمس، إلى احتفالية رسمية عالمية استقطبت عدداً من زعماء العالم في الصرح التاريخي - الثقافي، الذي يعد تحفة معمارية. فقد حضر كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترافقه قرينته بريجيت، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل المغربي محمد السادس والرئيس الأفغاني أشرف غني، في حضور نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.

سيف غباش لـ «الراي»: المتحف يسلَّط الضوء على ثقافتنا الخليجية

عقب المؤتمر والملتقى الإعلامي، كان لـ «الراي» لقاء حصري مع المدير العام لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي سيف سعيد غباش الذي بيّن «أن هذا الصرح سيضيف الكثير إلى الإمارة، بوصفه منتجاً سياحياً وثقافياً جديداً وفوق العادة... وسيثري ثقافة السائح في الإمارات، في إطار طموحنا كذلك إلى أن تكون أبو ظبي مركزاً ومكاناً إقليمياً للثقافة ومنصة للتسامح والتعايش وقبول الآخر وهذه استراتيجية أساسية في أبوظبي».

وقال سيف غباش، متحدثاً عن تحقيق هذا الحلم، والخطوات التالية لهذا الإنجاز «إن دائرة الثقافة تشتغل، وكذلك السياحة في أبوظبي، على أكثر من ملف ثقافي، وأهم شيء التراث ونشر الوعي وزيادة ثقافة السائح، ولدينا مشاريع كثيرة، والمهم توفير الكثير للمنطقة، وأن نواصل إثراء الثقافة، ولدينا مشروع قصر الحصن في أبوظبي والعام المقبل الافتتاح ومشاريع أخرى في العين، بالإضافة إلى الفعاليات والمعارض الأخرى»، مردفاً: «من ناحيةٍ استراتيجية مهمٌ لنا تسليط الضوء على الجديد في العالم... وفي اللوفر أبوظبي نسلط الضوء على ثقافاتنا الخليجية، والتحف العربية مهمة ولها تاريخ عريق وقيمة فنية كبيرة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي