No Script

بوح صريح

إغراء السؤال!

تصغير
تكبير

‏«أعرف أنه لا يوجد طريق مستقيم
 لا طريق مستقيم في هذا العالم
 إنما متاهةٌ عملاقة


 من الطرق المتقاطعة»
فيديريكو غارسيا لوركا
المعرفة:
أن تدخل في إغراء من دون أسئلة أو أجوبة، فقط تلاعب الهواء وتطير مع العصافير. تحسن الإنصات، وتغرف من وفرة شجر ينمو في الداخل.
تصبح حلما أو لمحة فرّت في مهب الريح. أن تجد في كل مراوغ وموارب فاتحا لملمح يشدك إليه، فتذهب طواعية إلى مصب الحكمة.
كيف يمكن وصف هذا العصر سوى بعصر الكركبة الفكرية والفوضى والسرقة الخلاقة.
تلك التي ارتمت بأحضان من لايفهم ويحب جهله، ولا يريد أن يفهم معنى السيطرة على النفس والنزوات بالعلم والمعرفة واليقظة الفكرية التنويرية، التي تتولد منها ثقافة المجتمعات المتقدمة الراقية.
لذلك فإن من يعشق السطحيات مرتاح. يعيش بهناء كسله وجهله. أما العارف، فيشقى بالمعرفة. لو تأملنا مفهوم الحرية في الغرب مثلا، فسنجد أنها مدروسة ضمن إطار من الاكتفاء والثقة بالنفس. فكل يمارس حياته كما يشاء ضمن القوانين أو الالتفاف حولها. لكن دون الاخلال بحرية وأمان الآخر.
أما الكبت فلا يقود إلا لتغذية اللاوعي والتخبط الفكري والتلاعب بالقانون، وتنامي الهوس الجنسي المفرط الذي يكنس الحياء بالرذيلة ويمحو أهم مرحلة للنمو البشري، وهي التلقائية والعفوية الأخلاقية التي منها تخلق الأدبيات والفضائل المجتمعية. فإن أهملت، وتم تبديدها، تكون بهذا المبدأ قد أصدرت حكم الإعدام على النمو البشري الطبيعي بكل مضمونه الخلقي السامي.
ولا بد أن تكون لهذه المبادئ أولويات التطور الحديث للمجتمعات الليبرالية الواعية المعرفية. ومحاربة كل محاولة تقوم بها بعض مواقع التواصل الاجتماعي لإبدال البشر بالريبورتات الإلكترونية المشوهة المفرغة من أي قيمة أخلاقية وجدوى إنسانية.
الشك
أن تقف في محاكمة كل ما يثير فضولك، ويسبب لك ارتباكا في الاقتناع.
أن أشك أي أن تقف المعلومة أو الخبر أو اللقطة عند خط المنطق الأحمر في رأسي.
أن اشك أي لست موافقاً أو مقتنعاً أو واثقاً أو راضياً. أشك أي أنني أمارس قدراتي العقلية. أمارس حقي ككائن عاقل.
أشك، أي أقف في قاعة محكمة المنطق. العقل قاضٍ. الحاجب الفضول. والمطرقة هي الاقتناع.
النجاح هو ثمرة خصوبة الذهن والفطنة وقدح النباهة. مما يقود لمصطلح الذكاء.
ثم تسأل: هل يعتبر كل من الحب، إدراك الجمال، الإحساس المرهف أيضا ذكاء؟
ما هو المعنى في السؤال... والقوة ومكوناتها في نهج السؤال. ولماذا لا يتطلب السؤال سؤالاً وليس جواباً كما تعلمنا في المدارس، أم أن السؤال فخ الخديعة؟ أليست الحياة سؤالا. لا يتطلب أجوبة بل خوضا في المزيد من الأسئلة.
ثم أليس العلم دينا؟ والعلماء أنبياء أتوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور.
أليس الحب. الجمال. الحقيقة... الأخلاق دينا أيضاً.
يقسم الانكليزي فرنسيس بيكون (1561 - 1626)، في كتابه «التأسيس العظيم للعلوم» (The Great Instauration oSciences)، مفهوم «العلم» إلى ثلاثة مجالات رئيسية حسب صلتها بالطبيعة الإنسانية وهي:
الفلسفة، الشعر، والتاريخ. فالفلسفة تعبر عن العقل، الشعر عن التخيل، والتاريخ عن ملكة التذكر.
ويشير بيكون إلى إحدى غايات معرفة الطبيعة الجوهرية هي: استخدامها للمنفعة الإنسانية، أو السيطرة على الطبيعة.
أي أن قيمة كل من العلوم الأساسية الثلاث، لابد ان تصب في منفعة الفرد والارتقاء بالإنسانية حتى يكون لها معنى وجدوى. وإن لم يتحقق ذلك أو لو أدى أي منها لضرر للفرد، فسدت وتم تفريغها من قيمتها.
كما أرجع بيكون الأخطاء الشائعة في العلوم إلى ما اعتبره الأصنام (Idols)، أو الأشباح.
وهي تلك الأفكار الجامدة التي نتمسك بها. ثم نتناسى مناقشتها. وفي الحقيقة، كلما تطور المجتمع وتقدمت الأمم. أصبح لزاما على الفرد غربلة أفكاره وتجديدها. وكسر أصنامه من حين لآخر والتخلص من أشباحه التي لا شك تعيق تقدمه وتطوره وقدراته الإبداعية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي