No Script

الجلسة الثالثة من ندوة القرين الرئيسية واجهت التحديات وقدمت الحلول

باحثون عرب ناقشوا... اقتصاديات الثقافة الإلكترونية في الدول العربية

u0627u0644u0645u0634u0627u0631u0643u0648u0646 u0641u064a u0627u0644u062cu0644u0633u0629 u0627u0644u062bu0627u0644u062bu0629
المشاركون في الجلسة الثالثة
تصغير
تكبير

تواصلت ندوة القرين الرئيسية في عقد جلساتها لتصل إلى الجلسة الثالثة من اليوم الثاني... والتي أدارتها الدكتورة دلال الحربي من السعودية، وتحدث فيها الدكتور خالد عزب من مصر والدكتور بشار صلاح الدين شبارو من لبنان، وعالجت في بحثيها مجال واقتصاديات الثقافة الإلكترونية أو ما يطلق عليه النشر الرقمي، في الدول العربية مقارنة ببعض مناطق العالم.
جاءت ورق عزب تحت عنوان «التسويق الرقمي للكتاب... تساؤلات؟»، مشيرا إلى اختراع الكتابة الذي كان أهم إنجاز تقني في تاريخ الإنسانية، فهو قد غير علاقة البشرية مع الماضي، وفتح الباب واسعا أمام ظهور كقوة تاريخية.
وقال: «على رغم جاذبية الكتب الورقية، فإن القراءة أصبحت تجربة رقمية على نحو متزايد. تتزايد مبيعات الكتب الرقمية بوتيرة متسارعة في حين تراجعت مبيعات الكتب التقليدية، وقد تجاوزت الكتب الرقمية مبيعات الكتب المطبوعة للمرة الأولى في الولايات المتحدة في العام 2012».
وفي السياق نفسه، أضاف: «أدركت المكتبات أن المعلومات هي أساس بناء المجتمعات وعماد عمرانها في عصرنا، لذا فإن تداولها والقدرة على استثمارها وتنميتها أهم ما يميز الإنسان، هناك طرفين لمعادلة المعلومات المصدر والمتلقي، وكلاهما البشر طرفا فيهما، بينهما الوعاء الذي ينقل ويخزن المعلومات الغزير تصبح المكتبات مصدر الثقة في المعلومات»:
وأشار عزب إلى انقسام النشر فئات عدة؛ فئة معنية بتوزيع الكتاب المطبوع عبر شبكة الإنترنت، والفئة الثانية من النشر الرقمي فهو توزيع الكتب بصيغ رقمية، وفئة ثالثة تسعى إلى بناء قواعد للمعلومات وتسويقها.
وأكد أن معظم دور النشر العربية تمتلك الآن مواقع على شبكة الإنترنت تقوم من خلالها بتسويق كتبها، لكن هذه المواقع في معظمها يعوقها عجز المصارف العربية في عدد كبير من الدول العربية عن تقديم خدمات الدفع على شبكة الإنترنت، كما أن مشاكل الشحن وارتفاع تكلفته عائق آخر، إضافة إلى عدم فاعلية برمجيات التحميل التي لا تسمح بالنسخ من النسخة الرقمية المباعة بطريقة تقنع الناشر بأنه لن يتم النسخ من النسخ المباعة.
وقال شبارو في ورقته البحثية: «يصعب على شخص مثلي، وعلى معظم من ينتمون إلى جيلي، أن يتكلم اليوم عن النشر الرقمي، نحن الذين تربينا وكبرنا وكبرت مخيلتنا وتوسعت مداركنا مع الكتاب الورقي... لقد تشكلت علاقة من نوع خاص مع رائحة الورق وشكل الكتاب وتلك الحركة، ونحن نقلب صفحة وراء صفحة، نكتب كلمة هنا على الهامش ونترك ملاحظة هناك حين تستوقفنا فقرة مثيرة».
وأضاف: «أشعر بأنني أمارس خيانة ما تجاه الورق والطباعة وأنا أبشر بعصر النشر الرقمي. ولكن هل من مفر من التطور الكاسح الذي لا يعرف حدودا، هذا التطور الذي إن لم نستوعبه تجاوزنا، وإذا لم نستفد منه تأخرنا عن ركب الحداثة التي لم تستثن مجالا من المجالات... فإذا كان العالم الحديث كله مدينا لاختراع الطباعة، بداية من الصين إلى أوروبا مع عصور النهضة، وإذا كانت هذه التقنية المدهشة هي التي أتاحت انتشار المعرفة عبر العالم وانتقال العلوم والثقافات، فإننا نعيش اليوم ثورة أخرى في هذا المجال، وهي ثورة النشر الرقمي».
وأوضح أن مزايا النشر الرقمي عدم الحاجة إلى الطباعة، أي توفير تكاليف مالية كثيرة تتطلبها عملية الطباعة. وحماية أكبر للبيئة من التلوث الذي تسببه المطابع والأحبار، بالإضافة لقطع الأشجار. وتجاوز لإكراهات الرقابة وسياسات الحد من انتشار الكتاب... وتجاوز عراقيل الجمركة والضرائب المباشرة على الكتاب الورقي خلال الانتقال من بلد إلى آخر. وسهولة استخدام النصوص الرقمية في عمليات البحث والتوثيق. وإمكانية رقمنة الكتب النادرة والمخطوطات الثمينة التي تُعتبر كنوزا تراثية، لحمايتها من التلف بسبب كثرة الاستخدام وإتاحتها للجميع. وعدم الاضطرار إلى زيارة مكتبات بعيدة في عواصم العالم للاطلاع على مخطوطات نادرة بغرض البحث والتحقيق بعدما أصبحت متاحة رقميا. وتجاوز جميع عقبات التوزيع، وإمكانية الوصول المباشر إلى عدد كبير من القراء في مختلف بقاع الأرض.
وعدد شبارو عيوب النشر الرقمي التي ترتبط بعيوب العالم الرقمي والإلكتروني ومنها الجهل الإلكتروني والقرصنة، وتبديل الجوهر الإنساني التقليدي للكتاب، والوظائف بعدما تخلى العالم المعاصر عن الكثير من الوظائف، والأضرار الصحية.
فيما تحدث الباحث عن عراقيل كثيرة تجابه السياق الثقافي والسياسي والاقتصادي العربي حاليا، فهو محاصر بكل ما يشكل حاجزا أمام انتشار المعرفة والثقافة. فالوضع الاقتصادي يتدهور في معظم البلدان، بل ويستمر في التدهور، ويؤثر هذا سلبا على صناعة الكتاب، التي ينظر إليها كعالة على الدولة، وتعتبر صناعة غير منتجة للرأسمال. وكلما خفت مداخيل الدولة، رفعت يدها عن دعم الثقافة، إضافة إلى العراقيل البيروقراطية والجمركية والضريبية وانعدام شبكات التوزيع وتقلص عدد المكتبات بشكل متسارع، وكذلك الرقابة الصارمة.
وقال: «يبدو النشر الرقمي الحل السحري لمشاكل انتقال الكتاب وحصول المواطن العربي على مصادر المعرفة بشكل أيسر وأسهل». وتناول شبارو تجارب النشر الرقمي في الوطن العربي ليصفها بالمحدودة فاستهلاك الناس لتكنولوجيا الاتصال لم تتم الاستفادة منه في تشجيع قراءة المضامين الرقمية لأسباب عديدة تأتي الأمية وتدهور القدرة الشرائية وانسحاب الدولة من المجال الثقافي على رأسها.
وأشار شبارو إلى ظهورت مؤسسات تعمل على الكتاب الرقمي في الوطن العربي ومنها مؤسسة «النيل والفرات»، ومؤسسة «الكتاب العربي الإلكتروني، وموقع «كتب عربية»، وموقع «شركة المنهل»، و«إي كتب»، ومتجر الكتب العربي «جملون»، وغيرها الكثير.
كما تطرق إلى مبادرات فردية في مجال النشر الرقمي، منها تجربة كويتية مميزة، أسستها الكاتبة حياة الياقوت، بهدف إتاحة كتب مجانية للقارئ العربي، في إطار مشروع رائد اسمه «ناشري»، والذي انطلق في العام 2003، وهو يتيح نحو مئة وعشرين كتابا مجانيا.
وتضمنت ورقة شبارو رهانات الاقتصاد والنشر الرقمي في العالم من خلال الدول المتقدمة تشهد ثورة مذهلة في مجال النشر الرقمي، قلبت رأسا على عقب كل الطرق التقليدية لانتقال المعرفة، مما ألقى بنتائج مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد.
وكشف الباحث الآثار الاقتصادية غير المباشرة لازدهار سوق النشر الرقمي والتي تتمثل أساسا في تطوير عملية نقل المعرفة بأيسر السبل. والتبادل المباشر بين الباحثين والعلماء والمتخصصين من دون الحاجة إلى التنقل. والوصول السريع إلى ما يمكن أن نسميه بمجتمع المعرفة حيث تصبح كل المعارف والعلوم متاحة بكبسة زر ولا تحتاج سوى إلى دقائق قليلة من البحث. وتخفيف الضغط على المكتبات العمومية. وعدم الحاجة إلى مساحات كبيرة لتخزين المراجع والوثائق والقواميس. وانكسار الحدود بين الثقافات واللغات وسهولة التبادل دون الحاجة إلى مترجمين.
وختم شبارو بقوله: «بين مزايا وعيوب النشر الرقمي، يقف الوطن العربي أمام تحد عصري جديد، فإما الانتماء له و اما البقاء على الهامش. واستيعاب النشر الرقمي والاستفادة الكاملة من كل إيجابياته يمر أولا عبر محاربة القرصنة وتشارك الجامعات ومراكز البحث العربية في الاستثمار في هذا المجال... إن الظروف الحالية في بلداننا تعد حالة مواتية للدخول إلى العصر الرقمي، فالثورات العربية استخدمت هذه الوسائل باقتدار واستطاعت خلخلة البنى التقليدية المتكلسة لمختلف السلطات، إضافة إلى وجود غالبية كاسحة من الشباب المتعطشين لكل أنواع المعارف بما فيها تلك التي كانت تخضع للرقابة ومختلف الوصايات سواء الدينية أو السياسية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي