No Script

أصبوحة

حرمة التصوير ثلاثي الأبعاد!

تصغير
تكبير

كلما شعرت جماعات التشدد بضعف قبضتها على المجتمع، وتراجع نفوذها عند الناس، لجأت إلى الهجوم الشرس، من خلال التخويف والترهيب الفكري، وحملات لفرض أجندتها المتخلفة للسيطرة على المجتمع.
فبعد أن لاحظتْ ازدياد عدد النساء اللاتي نزعن حجابهن على سبيل المثال، وبعد تنامي الصوت الذي يدعو لعودة الدولة المدنية، قامت بحملة باهظة الثمن، لنشر إعلانات في الشوارع تدعو للبس الحجاب، والتي ساهمت فيها وزارة الأوقاف.
وفي الأمس خرج علينا أحد مشايخ، ليفتي بحرمة التصوير ثلاثي الأبعاد على اعتبار أنه يصنع أصناماً، وشنت هذه الجماعات وتابعوها، حملات مكثفة في وسائل التواصل الاجتماعي، تأييداً لهذه الفتوى وهجوماً على تكنولوجيا التصوير ثلاثي الأبعاد.


لكنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها هؤلاء المتشددون العلم والتكنولوجيا، علماً بأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر انتصار العلم على الخرافة والجهل، وعصر الثورة التكنولوجية ووسائل الاتصال المتطورة.
فقد أفتى هؤلاء من قبل بحرمة التصوير، وقبلها بحرمة السيارة والهاتف والمكيف والساتلايت وقيادة المرأة للسيارة، وغيرها الآلاف من الفتاوى الغريبة العجيبة، وكل تلك الفتاوى الشاذة تم التراجع عنها، ورضخ المتحجرون لمنطق العصر والتقدم العلمي، وبعضهم تراجع عن فتواه بسبب قرار سياسي حازم، وهو دليل جلي على نفاقهم.
بل أصبح المتشددون من أكثر الناس استخداماً، لتلك الأمور التي حرموها، فنراهم من أكثر الناس ظهوراً في وسائل الإعلام، والأكثر استخداماً لوسائل التواصل الاجتماعي، وسيأتي يوم قريب وسيتراجع من أفتى بحرمة التصوير ثلاثي الأبعاد، الذي تعددت استخداماته في جميع فروع العلم، الهندسية والطبية والصناعية.
إن سبب هجمات التشدد، ليس دفاعاً أو نصرة للدين الحنيف، ولكنه بسبب سياسي يعكس بوادر أزمتهم وتقلص نفوذهم في المجتمع، ولولا دعم ورعاية الحكومة لهم، والأموال والاستثمارات الضخمة التي نمّوها، لانتهت استهانتهم بعقول الناس، وتحكمهم في مصائرهم.
ورغم صوتهم العالي لم نسمع فتوى واحدة تحرم الفساد، وسرقة المال العام واستغلال المناصب وعضوية مجلس الأمة، ألا يكفي ما وصلنا إليه من تدهور وانحطاط في التعليم، ومن انتشار الغش في المدارس ومحاولة شرعنته، ألا يكفينا الفساد الذي أصبح سائداً في حياتنا، وفساد الأغذية وتجارة الإقامات، والاسترزاق من عضوية مجلس الأمة والمناصب الوزارية، ألم نكتف من دعوات الجهاد، وتحويل أموال المتبرعين لمنظمات إرهابية، وأخيراً ألا يكفي أننا نكاد نكون الدولة الوحيدة التي تمنع القراءة والإبداع؟
وحتى لا نوغل في العودة لعصور الظلام، فالمطلوب من الدولة الطامحة لكويت جديدة، ومن القوى المدنية التي تطالب بإعادة الاعتبار لبناء الدولة المدنية الحديثة، الدفاع عن منجزات العلم، وعن التقدم والحداثة والديموقراطية.

Osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي