No Script

كتاب يضم تفسيرات محددة للمادة 19 من قانون تشجيع الاستثمار

المستشار ماهر بقطر بحث ... «المصادرة في عقود الاستثمار»

تصغير
تكبير

مشعل جابر الأحمد الصباح
أثنى على الجهود المبذولة
في إعداد هذه الدراسة



أصدر المستشار القانوني لمدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية والمستشار في هيئة قضايا الدولة المصرية والمفتش الفني بمكتب مساعد وزير العدل في مصر ماهر بقطر، كتابا يحمل عنوان «المصادرة في عقود الاستثمار... عقود البترول والغاز» وهو عبارة عن بحث قانوني ينتهي إلى تفسيرات محددة وواضحة للمادة 19 من قانون تشجيع الاستثمار الكويتي.
وحول تعريف مصطلح المصادرة، يقول بقطر في مستهل الكتاب إنها «فكرة قانونية تعني نزع ملكية الشيء من مالكه»، مضيفاً أن هذه الملكية تؤول للدولة  التي يتعين عليها كذلك أن تبث روح الطمأنينة في نفوس المستثمرين الأجانب على أراضيها؛ لذا فإنها تسن قوانين تهدف إلى تشجيع المستثمر على الاستثمار لديها.
وأهم تلك الآليات القانونية التشجيعية نجدها فى نصوص قانونية تقرر أنه «لا يمكن مصادرة للمشروعات الاستثمارية المملوكة لأجانب على أراضيها، وهو ما يعد مبدأ عاما»، لافتاً إلى أن هذا يدفعنا إلى التساؤل: هل المصادرة في عقود الاستثمار الدولية ممنوعة منعا باتا أو يجوز أن يصدر قرار بمصادرتها وفقًا لأوضاع قانونية معينة؟ وهل المصادرة هي تلك المعروفة تقليديا بصدور قرار سيادي بنزع الملكية للمنفعة العامة أو يمكن أن تأخذ صورا أخرى؟ ومن هنا كانت فكرة البحث «فكرة المصادرة في قانون تشجيع الاستثمار الكويتي رقم 116 /‏2013».
- نص المشرع في المادة 19 من قانون تشجيع الاستثمار المباشر رقم 116 لسنة 2013 على أنه «لا يجوز مصادرة أي كيان استثماري مرخص فيه، طبقًا لأحكام هذا القانون أو نزع ملكيته إلا للمنفعة العامة، طبقاً للقوانين المعمول بها ومقابل تعويض يعادل القيمة الاقتصادية الحقيقية للمشروع المنزوعة ملكيته وقت نزع الملكية، وتقدر وفقًا للوضع الاقتصادي السابق على أي تهديد بنزع الملكية، ويدفع التعويض المستحق فور اتخاذ القرار المشار إليه».
وتأتي فكرة البحث هنا بتحليل هذه المادة وربطها بأهم أنواع عقود الاستثمار الدولية، وهي عقود البترول والغاز وفقًا لما انتهت إليه أحكام التحكيم الدولية في هذا الشأن.
فقام الباحث باستعراض أكبر عدد من أحكام التحكيم عامة ومنازعات البترول والغاز خاصة بهدف التعرف على القواعد الدولية الموحدة في صناعات البترول والغاز في ما يعرف lexPetrolea، خصوصا في موضوع  المصادرة  محل البحث، حيث ثبت أن معظم هذه القواعد اكتشفت عن طريق منازعات بترولية طرحت على هيئات التحكيم الدولية، وكانت تلك المنازعات سببها الرئيسي هو مصادرة هذه المشروعات البترولية من الدول المضيفة للاستثمار. ومن هنا كان الربط بين فكرة المصادرة وlexPetrolea، حيث بات من الواضح أن هناك قواعد دولية في صناعة البترول والغاز موحدة ومستقرا عليها بوصفها مبادئ عامة تعالج إشكاليات المصادرة موضوع البحث.   
كما قام الباحث بتعريف الكيان الاستثماري، كما أوضح المقصود بفكرة المصادرة أو نزع المليكة وعرض المقصود  بالقيمة الاقتصادية الحقيقية للمشروع بوصفها تعويضا عادلاً. وناقش المقصود بوقت نزع المليكة بوصفه توقيتا زمنيا يقدر التعويض بناء عليه وفسر المقصود بالوضع الاقتصادي السابق على أي تهديد بنزع الملكية ضابطا لتحديد القيمة الاقتصادية الحقيقية للمشروع الذي صودر أو نزعت ملكيته، باعتباره زمن استحقاق التعويض، حيث نص المشرع على الدفع الفوري للتعويض عند اتخاذ قرار نزع الملكية ملتزما بما استقرت عليه  القواعد الدولية بأحكام المحكمين الدوليين حيث عرض ما يقرب من 40 قضية تحكيمية عبر تواريخ زمنية مختلفة حيث أوضح أن صور المصادرة في أحكام التحكيم الدولية لم تقف عند الصورة التقليدية لها بأن يصدر قرار بنزع الملكية انما يمكن أن تأخذ أشكالاً أخرى، فوجد أن بعض الأفعال والتدابير التي يمكن أن تقوم بها الحكومات حيال المشروع الاستثماري، وتعد من الأفعال التمهيدية للمصادرة، أو تعد في حد ذاتها مصادرة للمشروع، رغم عدم صدور قرار نهائى بنزع الملكية، مثل منع الموظفين التابعين للمستثمر من دخول الدولة المضيفة للاستثمار أو منع المديرين من دخول الشركة القائمة بإدارة المشروع الاستثماري، بالإضافة إلى اعتراف أحكام التحكيم بأي واقعة تمثل إكراها واقعا على المستثمر من شأنه سلبه حرية الاختيار في تعديل أي اتفاق استثمارى قائم أو إلغائه، وأشهرها الدفع بالضغوط الاقتصادية، وعدتها أفعالاً مكونة لواقعة مصادرة المشروع الاستثماري، وأيضا اعتدت أحكام التحكيم بواقعة تعمد أي الأطراف عدم تنفيذ التزامه بوصفه واقعة تمهيدية للمصادرة، حيث يغلب على العقود الدولية عامة وعقود الاستثمار خاصة مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود.
وبحث السبب الوحيد لقيام المصادرة المشروعة من جانب الدولة المضيفة للاستثمار، وهي المصلحة العامة او السبب القانوني المبيح للقيام بعملية المصادرة وبحث هذه الفكرة في ظل الدفوع التي صارت مرفوضة دوليًا من محاكم التحكيم التي حاولت بها حكومات الدول تبرير أن هناك سببا قانونيا يبيح لها عملية المصادرة ، حيث رفضت تلك الأحكام فكرة القوة القاهرة سببا مبيحا للمصادرة، وقررت أن هذه القوة في حد ذاتها تبيح توقف العقد، وعند زوالها يستأنف العقد الاستثماري، أما إذا طالت مدة القوة القاهرة، فقد يفسخ العقد دون مصادرته من طرف واحد. كما رفضت محاكم التحكيم الدفع بتغيير الظروف التي أبرم فيها العقد سببا يبيح المصادرة، وكذلك رفضت فكرة إنهاء العقد بالإرادة المنفردة بوصفه عقدا إداريا، ورفضت فكرة استناد الدول إلى قرارات الأمم المتحدة بوصفها أسبابا قانونية تبيح لها القيام بعملية المصادرة.
ثم تعرض الباحث في القسم الثاني بالبحث إلى  فكرة التعويض عند قيام المصادرة، حيث لا شك أن الدافع للمستثمر في انعقاد عقد الاستثمار هو تحقيق الربح وفقًا لحساباته التي توقعها بشأن تحقيق الربح عند اتخاذه قراره بالاستثمار في المشروع، حيث يفترض هذا النوع من العقود أننا أمام مستثمر أجنبي قرر أن يذهب برأس ماله إلى أرض دولة أجنبية بهدف تحقيق الربح، وعليه فإذا وقعت المصادرة لهذا المشروع، كان على المحكم الدولي أن يمنحه تعويضا جابرا للأضرار التي لحقت به.
وتعرض الباحث أيضاً إلى تعريف القيمة الاقتصادية الحقيقية للمشروع حيث شرح فكرة الخسارة الواقعية بوصفها أول عنصر من عناصر التعويض الذي يجب أن يشمله مفهوم القيمة الاقتصادية الحقيقية للمشروع.
وتعرض الباحث لبعض دفوع الحكومات التي قامت بالمصادرة في بعض القضايا، حيث دفعت هذه الحكومات بأن التعويض الواجب دفعه من جانبها هو: صافي القيمة الدفترية، إذ تطلب الحكومات أن تدفع الفرق بين نفقات المستثمر على المشروع الذي صودر وما حصل عليه من أرباح أثناء تنفيذ المشروع وقبل القيام بعملية المصادرة، ونجد أن أحكام التحكيم رفضت هذا الدفع، وعدته وجهة نظر متطرفة وغير مناسبة للمشروعات التي ظلت مدة من الزمن ثم صودرت، ووصفته بأنه غير عادل.
وقد لجأت أحكام المحكمين في بعض القضايا إلى استخدام لفظ «التعويض العادل» وهو اللفظ نفسه الذي تستخدمه القوانين الداخلية عند تقدير التعويض حين حدوث الضرر الذي يعبر عن الخسارة المحققة أو الأرباح الفائتة، وعندما أمعنت أحكام التحكيم النظر في فكرة التعويض، وأرادت أن تتجه نحو العدالة النسبية بين الحكومة المضيفة والمستثمر، أخذت بمعيار التعويض في صورة التدفقات النقدية المخصومة، حيث راعت المخاطر التي يتعرض لها المشروع، إذا لم تحدث مصادرته، وخصمت هذه المخاطر من قيمة أرباحه الفائتة.
وتوصل الباحث أن هذا الحل الأخير هو آلية خاصة بحساب الأرباح الفائتة في حالة المصادرة غير المشروعة، وهي تناسب المشروعات التي نفذت فترة من الزمن ثم صودرت، أما المشروعات التي صودرت خلال فترة قصيرة من بدء التنفيذ فلا تناسبها تلك الآلية ، كما استخدمت أحكام التحكيم آلية تقييم الأصول الأساسية، حيث تعتد بقيمة الاستبدال للأصول المادية للشركة وتقدير الأرباح التي حصل عليها المستثمر حتى تصل إلى فكرة التعويض عن الأرباح الفائتة.
وفي خطاب وجهه الدكتور مشعل جابر الاحمد الصباح مدير عام هيئة تشجيع الاستثمار إلى الدكتورة سميرة أحمد السيد عمر مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية، أثنى على الجهود المبذولة في إعداد هذه الدراسة وإلى جملة التجارب المقارنة والأحكام القانونية التي وردت بالدراسة متطلعاً أن يأخذ هذا الإنجاز مكانه الذي يستحقه في المكتبة القانونية والعربية وأن يستفاد من محتواه في التطبيقات العلمية المتصلة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي