No Script

خواطر قلم

«الأوقاف» ومخدّرات المساجد!

تصغير
تكبير

استوقفني الإثنين الماضي بعد صلاة العشاء، إمام مسجدنا ليهمس لي أن رجال المباحث تمكنوا من ضبط عامل المسجد الآسيوي، بعد رصده لفترة تبين خلالها أنه أحد مروجي المخدرات في المنطقة، متخذا من بيت الله الحرام مقراً لتوزيع السموم البيضاء، وجاعلاً غرفته مخزناً لها ليكون مشاركاً في قتل أبنائنا عبر بيعهم نشوة الموت.
ثم قرأت الخبر في جريدة «الراي» منشوراً في عدد أمس الثلاثاء على الصفحة الأخيرة.
قبل هذا الخبر المحزن كنت أرصد سلوكيات بعض شبابنا من طلبة الكليات، الذين يتغيبون لفترات طويلة عن فصولهم الدراسية، وعند السؤال عنهم أفاجأ بأنهم وقعوا فرائس بين فكي وحش الإدمان، وانتهى الأمر ببعضهم إلى ضياع مستقبلهم وقضى الموت بجرعة زائدة على آخرين.


صحيح أن الكويت مستهدفة من تجار الموت منذ فترة طويلة لكن هجماتهم ضد مجتمعنا الآمن تطورت في السنوات الأخيرة وارتفعت معدلاتها بشكل ملفت ومؤلم، مع تنويعهم لصناعة المخدرات وبيعها بأثمان أرخص مما كانت عليه ما قد يشير إلى أن القضية ربما تحولت من أمن اجتماعي إلى قضية أمن دولة وأمن وطني، وأن الهدف ليس جمع المال وحسب وإنما تدمير المجتمع الكويتي المسالم، تنفيذاً لأجندات خارجية قد تكون من تخطيط أجهزة استخبارات لدول إقليمية، تريد بالكويت وأهلها الشر، ومتى استهدف شبابها لم يبق للوطن ما يفاخر به ويدفع عنه الأخطار.
مشكلة ترويج المخدرات وتعاطيها والإتجار بها تحولت إلى ما يشبه كرة الثلج، كلما تدحرجت ازداد حجمها والتهمت ما أمامها ويصعب إيقافها ما لم تتضافر الجهود ويتوافق أهل الاختصاص على علاجها وتخليص مجتمعنا منها.
إدارة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية بقيادة مديرها المميز الأخ بدر الغضوري، تبذل جهوداً مشكورة في ملاحقة المجرمين ويسعى رجالها إلى تطهير الكويت من هذه الآفة بجهود دؤوبة متواصلة ليلاً ونهاراً، لكن اليد الواحدة لا تصفق، فنحن بحاجة لتوحيد الجهود وتفعيل مفهوم كل مواطن خفير، فكلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته، فعلينا واجب التوجيه والنصح والتحذير بحملات توعوية جادة تلامس وجدان الشباب عبر وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، والتوجيه التربوي في المدارس والجامعات والتوجيه الديني في المساجد وخطب الجمعة والمحاضرات، والأهم من ذلك الحاضنة الاجتماعية الأهم، الأسرة والبيت.
تجار الموت لا شيء يهمهم سوى تحقيق مآربهم، فعمدوا إلى انتهاك أشرف البقاع، بيوت الله التي لم تسلم من عبثهم وإجرامهم، وحسناً فعلت الأوقاف بتصريحها بعد إلقاء القبض على العامل المجرم بأن الوزارة لا تقف إلى جانب المخطئ ولا تجامل أحداً على حساب المجتمع ودينه وأمانه وأن موظفيها سواسية أمام القانون.
نحتاج إلى فزعة اجتماعية لمحاربة هذه الآفة وتطويقها، لحماية شبابنا من الوقوع في براثنها وتطبيق القانون بقوة وحزم على كل من تسول له نفسه الاعتداء على أمن البلد وأبنائه.

‏@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي