No Script

رؤى

سينما حواء

No Image
تصغير
تكبير

السينما هي الانعكاس المرئي والتأثير العميق للحياة الاجتماعية في المجتمعات من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال، وبتلون الثقافات والعادات بين الشعوب والأمم، تبقى هي الحاضن الأكبر للمشاهد والكاتب بالدرجة الأولى الذي لا يمكن له أن ينسى المرأة من أدواره البطولية، ولكن أين موقع المرأة من السينما اليوم؟ وهل هي أداة جنسية كما يقول البعض وتدعمها النظريات؟
تعتبر الناقدة السينمائية لورا ميلفي أشهر الكتاب الذين طرحوا نظريات عدة تتكلم عن أدوار المرأة في الأفلام السينمائية، اذ إنها ترى استخدام المرأة في السينما دائما يكون بطابع جنسي اتجاهها، وهذا ما يلاحظ أيضا في الأفلام التي أنتجت قبيل الحرب العالمية الثانية وبعدها، فعلى سبيل المثال فيلم Erin brockovich والذي أنتج في العام 2000، لعبت فيه جوليا روبرتس دور مدقق بيانات في شركة محاماة والتي كان مظهرها دائما يبرز تفاصيل جسدها من الجزء العلوي بطريقة مغرية ويسهل عليها الحصول على المعلومات مقابل ذلك، كما يراها الرجل في مجتمعها والمخرج أيضا.
بالإضافة إلى ذلك، تقديم المرأة الأغنيات الاستعراضية والميلودرامية في مجمل الأفلام. كما تجد ميلفي أن المرأة هي حاملة المعنى وليس صانعته كما تصوره المشاهد التي تجسد قيام الرجال بالبحث والمطالعة وتكفي النساء بالنظر فقط.
وبالطبع لا يمكن تجاوز سيناريوهات شركة ديزني للرسوم المتحركة والتي تميزت بطرحها لفكرة، أن سعادة الأميرة و البيضاء فقط عندما تقع في حب بطلها الشهم والذي يقوم بإخراجها من السجن المحصور في برج عالي، وكأنما سبب السعادة هو الرجل، ومشاكلها لا تحل إلا عن طريقه، وهذا ما ينافي تكوينها الفطري بالطبع.
أما الحال بالنسبة للسينما العربية، فإن الأفلام المصرية هي السباقة بطبيعة الحال، فهي لم تخل من تصوير المرأة الجميلة المدهشة بتفاصيل جسدها الأكثر فتنة ورشاقة، حيث غلب عليها طابع الخضوع إلى «السي سيد» والسلطة الأبوية القاسية، ولربما كان فيلم «الأستاذة فاطمة» عام 1952 بطولة فاتن حمامة، يتناول ولأول مرة فكرة عمل المرأة وأهمية المساواة بين الرجل والمرأة، ومع ذلك ظلت السينما تروج لفكرة إظهار المرأة بصورة سطحية بعيدا عن القضايا السياسية والاجتماعية التي كانت هي الأهم والأجدر بطرحها والتي كانت تشغل تفكيرها وذاتها مع بداية الصحوة الفكرية العربية وانتشار التعليم في تلك الفترة.
من جهة أخرى، يمكننا القول إن أبرز سبب وراء ظهور المرأة بهذا الشكل، النظرة المجتمعية التي لا تزال تراها كائنا ضعيفا يستمد قوته من الرجل، وأنها لا تستطيع القيام ببعض المهمات والأعمال، وهذه النظرة للأسف تهيمن على الدول متقدمة في العالم. كما يدخل ذلك في مجال السينما والإنتاج الفني أيضا، ففي دراسة نشرتها صحيفة الغارديان، أجريت لمعهد Annenberg للإعلام والصحافة في جامعة جنوب كاليفورنيا للعام 2017، أن 1100 فيلم تم إنتاجه خلال السنوات 11 الماضية، ووجد أن 4 في المئة فقط تم إخراجهم من قبل النساء، أي ما يعادل وجود امرأة واحدة في مجال الإخراج مقابل 22 رجلا.
أخيرا، اجتاحات العالم موجة من التغيرات السياسية والتي رافقها هذا التغيير، فقد تصدرت بشكل ملحوظ الأفلام ذات الطابع النسوي شباك التذاكر منها فيلم Hidden Figures والذي يحاكي قصة حقيقية من سيتينات القرن الماضي، لثلاث نساء سود متفوقات في مجال الرياضيات والإحصاء يعملن لصالح وكالة ناسا الفضائية. وطبعا هناك قائمة لا يستهان بها تتصدر في الوقت الحالي على غرار الموضوع ذاته «النسوية».
هذه الأفلام التي تتخطى الحواجز وتقتنص المراكز الأولى جديرة بالتساؤلات الكثيرة، لماذا الآن؟ ألسنا في زمن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع المستويات؟ لماذا هذا الطرح الفكري ولماذا هذه الأصوات التي ما زالت تنادي بالعدالة الإنسانية؟

* كاتبة بحرينية

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي