No Script

رواق

السيف والمنسف

تصغير
تكبير

الغرب لديهم سياسة العصا والجزرة، يضرب ويطعم من خلالها.
العرب لديهم سياسة السيف والمنسف، يقتل ويقتل، فمن لم يمت بالسيف مات من التخمة... يأكل حتى «يغص» ويموت. تعددت الأسباب والموت واحد.
نحن شعوب تحب الموت إذاً، حتى الحب وصفناه بالموت: «أموت فيك»، ولا نعرف بهجة الحياة في الحياة. منذ تاريخنا السحيق كان الوالي يصيح: «اقطع رأسه يا غلام» إذا غضب. وإذا رضي قال: «اعطه مئة درهم».


هذه الدراهم اشترينا بها منسفاً وقلنا «أطعم الفم تستحي العين»، وصرنا لا نستحي ولا نشبع وقطع الأعناق تمخض عنه قطع الأرزاق، لننتهي من حيث بدأنا بالدراهم!
لا عصا ولا جزرة لدينا، لا نضرب ولا نطعم، فنحن قوم لا توسط عندنا، لنا الصدر دون العالمين أو القبر. اخترنا بملء إرادتنا أن نظل مقبورين، عندما خسرنا الصدارة فلا حلول وسط لدينا: «يا طخّه... يا اكسر مخه»!
مناسفنا كالسيف قاطعة للأنفاس، ناسفة وقاتلة والموت إما سريع أو بطيء. لا حياة لمن تقاتل على ما قال الأبنودي: «إذا جاك الموت يا وليدي موت على طول، اللي اتخطفوا فضلوا أحباب صاحيين في القلب كأن ما حدش غاب واللي ماتوا حتة حتة حتى سلامو عليكم مش بتعدي من بره الأعتاب»!
ونحن لا صبر لدينا حتى على الموت، فكيف يكون لدينا صبر على الثواب والعقاب؟ على العصا والجزرة؟ بل سيف ومنسف، وانسف على طول، والمهم من يمسك السيف؟ وإذا تقابل السيفان، فإن لم تقطعه، قطعك!
سياسة السيف والمنسف صنعت سياسات وشكلت حكومات ونجحت وتفوقت حتى على نفسها، فنحن شعوب اعتادت أن تلثم ثغر سيوفها ومنسف واحد لا يكفيها ولا يشبع شراهتها التي لا يحدها إلا حد السيف.
معادلة عجيبة غريبة تفوقنا في وزنها والحفاظ على توازناتها عبر الأزمنة وتفوقنا فيها حتى على الغرب المحدود الإمكانات، لم يتجاوز حدود العصا إلى السيف والجزرة إلى المنسف.
سبقناه إلى الحد الأقصى عملاً بوصية «إن سرقت اسرق جمل، وإن عشقت اعشق قمر». وصرنا في ليلة «ما فيها ضو القمر» لا نرضى بغير الجمل بما حمل سيفاً كان أم منسفاً، لا فرق... ولسان حالنا يقول «طبخ طبختيه يا الرفلة اكليه».
reemalmee@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي