No Script

المزاح... بين الإباحة والنهي

تصغير
تكبير
كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمازح أصحابه الكرام - رضي الله عنهم -، ويمازحونه، ويتمازحون في ما بينهم.

وكان كل ذلك منضبطا بأمرين:

الأول: أن يبقى المزاح في دائرة القول، ولا يتعداه إلى الفعل، ويدل لذلك:

• حديث عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً، فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه).

< وما جاء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يسيرون مع النبي فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً).

الثاني: أن يكون مزاحاً بالحق، لا كذب فيه، ويدل لذلك:

ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: (قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنك لتداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقاً).

ومن صور مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه الكرام:

• عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن رجلاً استحمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني حاملك على ولد الناقة، فقال: يا رسول الله: ما أصنع بولد الناقة!، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وهل تلد الإبل إلا النوق).

• وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا ذا الأذنين، قال محمود[116]: قال أبو أسامة: يعني يمازحه).

ومن صور مزاح أصحابه الكرام معه - صلى الله عليه وسلم -:

عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه- قال: (أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم، فسلمت فرد، وقال: أدخل، فقلت: أكلي يا رسول الله، قال: كلك، فدخلت).

ومن صور مزاح الصحابة الكرام في ما بينهم: عن بكر بن عبد الله قال: (كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال).

والصور كثيرة، وما ذكر غيض من فيض، وإنما المراد التدليل والتمثيل لا الاستيعاب والحصر.

النهي عن المزاح:

ما ورد من الأحاديث في النهي عن المزاح، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تمار أخاك، ولا تمازحه ولا تعده موعدة فتخلفه)، فهي محمولة على فرض صحتها على ما إذا اختل ضابط من الضوابط السالفة جمعاً بين النصوص المختلفة، يقول مناع القطان: (ولا يجوز الإفراط في المزاح والمداومة عليه؛ لأنه يشغل عن مهمات الحياة، دنيا وأخرى، ويؤذي الناس، ويسقط المهابة والوقار، وينتهي إلى الهذر. والمهذار ساقط المروءة، وهذا هو الذي ورد فيه النهي: لا تمار أخاك ولا تمازحه).
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي