No Script

لا يشكر الله مَن لا يشكر الناس

No Image
تصغير
تكبير

عنوان مقالي اليوم هو حديث صحيح الإسناد للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، أحببتُ أن يكون بوابة الدخول لعالم الشكر الجميل وأثره في حياتنا وحياة الآخرين. قال الله سبحانه وتعالى: «...ذرية مَن حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً»، وقال عز وجل: «فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون». وقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل عباد الله تبارك وتعالى يوم القيامة الحمادون».
ويأتي تحقّق الشكر بطاعة الله عزّ وجل، وحسن العبادة، والثناء عليه تبارك وتعالى، وإظهار النعمة، والتقرّب إليه بالدعاء. ونحن ندرك بأنّ الإسلام يقوم على منهجية الحب، وينطلق من القاعدة المحورية للحب وهي حب الله عز وجل، ثم حب حبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وحب الوالدين وحب الناس في الله، وهكذا يستند الكون على قاعد الحب. وإن دخلنا إلى زاوية الحديث عن قيمة الشكر وعلاقته بالحب، وأثر الشكر في حياتنا فإنّ الحديث فيها يطول، ولكن في كل أحوالها هي قيمة أخلاقية عظيمة تنطلق من الحب وهو أسمى كلمة في الكون. ويأتي الشكر في باب الثناء على من أحسن إليك بقول أوعمل. ولنتأمل معاً حديث حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه: «إنّ أشكر الناس لله عزّ وجل أشكرهم للناس».
وقد قال الإمام الخطابي في شرحه «هذا يُتأوّل على وجهين: أحدهما: أنّ من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله تعالى، وترك الشكر له. والوجه الآخر: أنّ الله سبحانه لا يقبل شكرَ العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبدُ لا يشكرُ إحسان الناس ويكفر معروفهم». وقال الإمام الخطابي أيضاً: «هذا الحديث فيه ذمُّ لمن لم يشكر الناس على إحسانهم. وفيه حث على شكر الناس على إحسانهم، وشكر الناس على إحسانهم يكون بالثناء عليهم وبالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم». الغريب أنّ كثيرا من الناس لا يُطبّقون قاعدة الشكر في حياتهم، وهو أمر بعيد كل البعد عن قواعد الدين، وهكذا يعيش هؤلاء حياتهم عائمين في مستنقع النكران والجحود لدرجة يصلون فيها إلى حدّ الضيق فيها من رؤية عبارات الشكر والثناء لمن يستحقها من أهل الخير والإحسان، بل ويُفرطون في باطلهم بنكران قاعدة الشكر بالإسلام لدرجة تشويه صورة من يُطبق مبدأ الشكر والثناء في حياته، فيعتبرون شكره ذلاً وعبودية للمحسنين ولفاعلي الخير.
وهذا خلل كبير في فهم الإسلام، وعصيان لنهج خاتم المرسلين، إنها قاعدة أخلاقية إسلامية وسنة نبوية وهم يغفلونها تماماً، ويتكبّرون على تطبيقها، ويغرقون في نظريات نفوسهم الساخطة والناقمة على الحياة والمتذمرة دائما، والباحثة عن الدنيا وملذاتها، والمهمومة بمشاغل الدنيا وحوائجها. ولو علموا قيمة الشكر في حياتهم، لأدركوا كيف ستتحول حياتهم إلى عالم من الجمال والسعادة وراحة النفس. إن شكرَ من أحسنَ إليك مبدأٌ إسلاميٌ أصيلٌ، وهو من مكارم الأخلاق، فلتعتمده قاعدة في حياتك، اشكر الله عزّ وجل، ثم اشكر كل من كان له أثر طيب في حياتك سواءً بالقول أو الفعل، صَغُر إحسانه أم كبُر، وانظر بعدها كيف تتغير حياتك.اللهم اجعلنا من الشاكرين لك والحامدين، وبسنة الحبيب المصطفى مقتدين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي