No Script

من زاوية أخرى

ما بين مونديال 2022 ومدينة الحرير

تصغير
تكبير

عندما اقترح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فكرة زيادة عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم، التي تستضيفها الشقيقة قطر عام 2022، من 32 منتخبا - كما هو معمول به في النهائيات السابقة - إلى 48، اقترح أن تشارك قطر دول قريبة منها في التنظيم لضخامة عدد المنتخبات وجماهيرها، مقارنة مع حجم دولة قطر، فطرح اسم الكويت وسلطنة عمان لاستضافة بعض المباريات، وهو الاقتراح الذي نوقش يوم الجمعة الماضي في نيويورك، ولم يصدر فيه قرار بعد. إلى هنا والخبر جيد، وفيه مكاسب للكويت مادياً ومعنوياً.
ولكن ما أن طرح اسم الكويت لاحتضان المباريات، حتى تعالت الأصوات حول أهلية الكويت لهذا الحدث، ولا سيما من ناحية الشروط التي يجب أن تتحقق في الدولة المنظمة، من السماح للجمهور بتناول المشروبات الكحولية «الخمر»، وهو ما يتعارض مع نهج البلاد ونظامها الذي يحظر تداول المشروبات الكحولية ويجرم مروجيها. ومروجو هذا الكلام، ربما يكون همهم فتح ثغرة في جدار القيم والعادات التي جبل عليها مجتمع الكويت، ولا سيما أن إقامة مباراة على أرض الكويت، لن تستغرق سوى ساعات معدودة، لن تتجاوز 24 ساعة على أبعد تقدير، ما بين قدوم الجمهور وحضوره المباراة ثم مغادرته، وقد ينتقل الجمهور من المطار للملعب ثم للمطار، ولا أعتقد أن هذا الجمهور يمكن أن يكون مدمناً إلى درجة لا يستطع البقاء بعض ساعات من غير كحول، وهذا غير معقول، ولا سيما أن الجمهور الزائر في أي بلد يعمل على احترام قوانينها وأعرافها، بما يعكس تحضره وثقافته، وأغلب الجماهير التي تتنقل مع منتخباتها بين دول العالم تتمتع عادة بالثقافة والوعي، وستحترم قانون الكويت عند قدومها. ولكن البعض ممن يتصيد الفرص للاصطياد بالماء العكر، لا يفوتون أي فرصة لتسويق أفكارهم وتوجههم لعلهم يستطيعون تحقيقها.
والشيء بالشيء يذكر، فقد تابعنا الأسبوع الماضي ما طرح عن مشروع الكويت المقبل، المتمثل بمدينة الحرير، و»كويت 2035» والحديث عن إعطاء المنطقة ما سمي بـ»استقلال ذاتي» بإدارة منفصلة وقوانين خاصة، حتى كأنها دولة داخل دولة، كما هو الوضع مع إمارة موناكو، أو هونغ كونغ. والسؤال هنا هل مساحة الكويت تتجاوز مليون كيلو متر مربع حتى نقتطع منها عدة آلاف من الكيلومترات، تكون ذات حكم ذاتي؟ وهل فعلاً نحن بحاجة إلى منطقة حرة أو منطقة استقلال ذاتي؟ أم أنها أحلام من يسعى لتغيير المجتمع وتغريبه؟ ولا سيما ما طرح عما يستتبع إعلان مدينة الحرير ذات استقلال إداري، من وضع قوانين خاصة بعيداً عن قوانين الكويت، بما يسمح بإنشاء دور اللهو والأندية الليلية من كازينوهات وصالات قمار، مع إباحة الخمور، فهل فعلاً هذا المشروع الاقتصادي الضخم الذي ينظر إليه على أنه يمثل مستقبل اقتصاد الكويت، حيث يربط الشرق بالغرب، لن يتم إلا إذا ارتكبت على أرضه المنكرات وأبيحت المحظورات؟ وألا يمكن أن ننشئ مدينة اقتصادية عالمية من دون أن يدنس مواردها المالية دولارات الخمر والميسر؟.


شخصيا أرى أن ما يطرح لا علاقة له برؤية الدولة، التي يفترض بمسؤوليها أن يتحركوا في المشاريع ضمن المساحة الدستورية وفي حدود القوانين، وهذا لا شك فيه، أما ما يطرح من أمور تنافي العقيدة والعادات والتقاليد، لا يعدو أن يكون أضغاث أحلام بعض ضعفاء النفوس الذين هللوا ورحبوا للفكرة فور طرحها، لتحقيق غايات في نفوسهم تقوم على تغريب المجتمع والطعن في ثوابته، بل إن أحدهم أعلن ترحيبه بإباحة الخمر في مدينة الحرير، معللا ذلك بأننا نجعل الراغبين في تعاطيه يصرفون أموالهم في الكويت بدل أن يأخذوها معهم إلى الدول الأخرى ويصرفونها على المتعة الحرام، فبربكم هل هذا طرح منطقي وعاقل يحترم قيمنا وعاداتنا وتعاليم ديننا؟
ولعل ما يثلج الصدر ويريح النفس ما تابعناه من ردود فعل حادة من نواب الأمة برفض مثل هذا التوجه، والوقوف بوجهه حفاظاً على ثوابتنا. وهذا الموقف أعتقد أنه هو موقف الحكومة بكل أعضائها، ولا سيما أنها تعمل وفق القانون الذي أقسمت على احترامه وتطبيقه.

h.alasidan@hotmail.com
@Dralasidan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي