No Script

كلمة بعد النقطة

«الموضوع مو موضوع»!

تصغير
تكبير

«اعربي ما تحته خط»؟
تلك الجملة التي ترتعد منها فرائصي، وتصطك أسناني وترتبك أمعائي، عندما كنت أسمعها من معلمة اللغة العربية، حينما كنت في المرحلة المتوسطة، وهي تكتب على السبورة السوداء بـ«الطباشيرة» البيضاء أحد الدروس المنقولة من كتاب القراءة أو النصوص الأدبية، ثم تخط على الكلمة المراد إعرابها، ولا أدري لماذا يقع عليّ الاختيار دائماً!
- أنت اللي هناك !


- نعم... حسنا... طيب... فعلاً ! أقصد... فاعل... مفعول به... مجرور... حال بأي حال من الأحوال... أقصد صفة، لا، لا موصوف... منسوف وعلامة نسفه اللحمة... أقصد الضمة!
هنا تستل «الطباشيرة» الحمراء من العلبة الصغيرة، وتخط خطوطاً كثيرة باللون الأحمر بكل غضب: هااااي شووو يا...!
أنظر إلى الخطوط الحمراء، أرتعب وأنسى موضوع الكلمة، إنه اللون الأحمر... لون الدم... لون «الكف الأحمر» المطبوع على جدران الساحة الخلفية من المدرسة، الذي نتلصص عليه كل يوم، ثم نفر هاربات من شكله، أنظر إلى كف يدي التي بدأت تتعرق استعدادا لتلقي الضرب من «المساطر»، التي جمعتها المعلمة من زميلاتي العزيزات، أتذكر الحناء التي تصبغ أيدينا باللون الأحمر، إذاً ممكن أن تكون تلك اليد من لون الحناء!
تصرخ المعلمة في وجهي: «وجع يخلع نيعك».
نيعي... شنو يعني؟
ترفع المعلمة يدها استعداداً... لتنهال على كفيّ بالضرب، أفز من حلمي وقلبي يضرب كطبول الحرب، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أحمد ربي أنني في عام 2019 وذاك زمن ولى.
أتناول كأس شاي حارا جداً، وأدير التلفاز، يظهر لي أحد المرشحين للانتخابات التكميلية لمجلس الأمة: «أسمي... عندي موضوعين... الموضوع الأول مو موضوع... أقصد مممم، الموضوع الثاني موضوع بس مو على الطاولة... أقصد ليش وششحقه وحق منو...إي تذكرت، وبعد شنوو؟... وبس ماعندي شي أقوله».
فجأة أتذكر اعراب الكلمة ودخان الغضب يخرج من أنفي، فاعل وتحته خط أحمر، «وين الكف... أقصد وين المساطر»؟!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي