تنتهج الكويت بقيادتها الحكيمة نهجاً أشادت به دوائر القرار في الدول الكبرى وفي أوساط الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لما لهذه السياسة من انعكاسات على الوضع الإقليمي والدولي، ومن تلك الخطوات التي تقوم بها القيادة الكويتية عقد مؤتمر لإعمار العراق بمشاركة دولية، وبحضور عدد كبير من الدول للمشاركة في هذا المؤتمر، وقد حدد الوقت لانعقاد هذا المؤتمر من الثاني عشر إلى الرابع عشر من فبراير المقبل. فهناك الكثير من المشاريع المشتركة التي يمكن إنجازها بين الكويت والعراق لتكون الكويت معبراً خليجياً وعالمياً لدخول العراق، كما يمكن مد سكة الحديد من البصرة إلى الكويت لنقل الزائرين الخليجيين، وأن تكون الكويت منطلقاً ومقراً للشركات الإقليمية والعالمية التي ستقوم بتعمير العراق، وكذلك الاستفادة من الموانئ الكويتية لاستيراد السلع إلى العراق بعد تسهيل انتقال المواطنين بين البلدين، وتشجيع التجارة البينية بينهما كما كان في السابق، فقد وصل عدد سفن الكويتية الراسية في ميناء البصرة في أوائل القرن الماضي من مئة إلى مئة وخمسين سفينة لنقل التمور من البصرة إلى أفريقيا وآسيا، ليشرق فجر عهد جديد، بعيداً عن رواسب وعقد الماضي التي لا تزال تسكن عقول بعض الناس لكلا البلدين؛ والتي لم تعد قائمة بزوال الحكم الصدامي البغيض.
إن العراق بعد أن يستفيق ويخرج من هذا المخاض العسير الذي يكتنفه ويأخذ بتلابيبه منذ تحريره، سيذكر بالفخر والاعتزاز أن الكويت كانت منطلقاً لقوات التحالف لتحرير العراق، وهذا جميل لا يمكن أن ينسى أو يمحى من ذاكرة التاريخ.
لقد سبق هذا المؤتمر اتفاق بين الكويت والعراق على تزويد الكويت بالغاز المسال، وكنت أتمنى أن يرافق خط الغاز خط آخر للمياه العذبة، وهذا المشروع كان موضوع تداول بين الكويت والعراق منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي، حتى أن العراق عينت حينها المنطقة التي سيجري منها مد المياه - وهي سد القرنة - وحينها اجتمع الكويتيون بناء على أمر المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه ليختاروا بين المياه العراقية أو محطة التقطير. ونظراً لما كان يسود الكويتيين من مخاوف، فقد رجحوا محطات التقطير، وهم لا يلامون على ذلك لما كان يعتري العلاقات الكويتية العراقية من فـتـور وتـوجـس وتـجاذبات بيـن البلـديـن. وأذكـر أنني كنت على اتصال مع بعض من حضر ذلك المؤتمر، وكان لي رأي بعدم رفض المشروع واعتباره كمصدر ثانوي بجانب المشروع الرئيسي وهو محطة تقطير المياه، حتى إذا ما انقطع أو تعطل تبقى الكويت مع مشروعها الأساسي وهو التقطير.