No Script

اجتهادات

إلى جدي وجدتي مع التحية!

تصغير
تكبير

لا أزال أتذكر أحضان جدتي الدافئة رحمها الله، وهي تحميني من ضربات والدي عند الصغر، وما زلت أتذكر أنني أحصل على ما أريد وأفعل ما أشاء وكل ممنوع لديها متوافر «غصب على اللي ما يرضى» عكس ما أجده في منزلي!
ولا أزال أيضاً أتذكر جدي - رحمه الله، وهو الذي كان يصطحبنا يومياً بعد صلاة العصر إلى الجمعية لشراء كل ما لذّ وطاب من المحرمات في منزلنا - بحكم الوالدة أطال الله في عمرها - من «الحلاو والكاكاو»، ولا ننسى كذلك الأيس كريم (بوصاروخ).
وبعد كل صلاة عشاء، يجمعنا كأحفاد للعب الورقة «الجنجفة»، حتى وقت العشاء وهي لحظات لا يُمكن أن تُمحى من ذاكرتي، فياليتها تعود من جديد...


ورغم كل هذا وذاك، لا أزال أيضاً وأيضاً أتذكر امتعاض و«تحلطم» كل من الوالد والوالدة على تلك التصرفات، وأنهما سبب «خرابنا» وضياع أوقاتنا وإلهائنا عمّا هو أهم وهو الدراسة والحفاظ على صحتنا، وكأن الدنيا ستنتهي بسببهما!
تدور الأيام وتمضي السنون، لنكبر ويكبر من حولنا لنصبح نحن آباء وقرناؤنا من بنات حواء أمهات، ويصبح لدى الجميع أبناء وبنات لنعود بالذكريات من جديد، ولعل المفارقة العجيبة أن ما يحدث لنا مع أبنائنا هو بالضبط ما كان يحدث لآبائنا معنا.
وكأن شريط الذكريات يعود من جديد، فرغم التحديات التي نواجهها في تربية أبنائنا، ومحاولة حمايتهم من محدثات العصر وعجائب هذا الزمان من وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الالكترونية الحديثة، إلا أننا نلاحظ أنه وفي كل زيارة لبيوت آبائنا، فإن كل تلك القيود والممنوعات والمحرمات على أبنائنا تصبح، وبحكم القوة والواقع، مسموحة «غصب طيب» لصالح الأبناء...
يقول لي أحد الأصدقاء، إنه يواجه الأمرين مع زوجته في كل زيارة لبيت والده، بسبب الدلع الزائد للجد والجدة، والعكس صحيح بالنسبة لزيارة بيت أهل الزوجة، وأنه وبعد كل «زوارة» يدور حوار وكما يقال «حامي» عن تصرفاتهم وكيف أنهم «يخربون اليهال» بتصرفات بسيطة بعد هذا الجهد الذي يبذلونه في تربية أبنائهم، ليؤكد ذلك كل من كان متواجداً وحاضراً أثناء هذا الحديث الشيق في الديوانية...
كان ردي ببساطة أنه وبعيداً عن أي انعكاسات سلبية لما يحدث، فقد صدق مَن قال: «ما أعز من الولد إلا ولد الولد»، كما أنني ما زالت أتذكر كلمات والدي وهو يقول لي: «استمتع في كل لحظة مع أبنائك لأنها لن تتكرر أبداً، وما تصرفاتي مع أبنائك إلا لتعويض ما فاتني معكم»، فدعوا آباءكم وأمهاتكم وشأنهم مع أبنائكم، فهذه سنة الحياة عشناها مع أجدادنا وإن شاء الله نعيشها وتعيشونها مع أحفادكم!
رحم الله جدي وجدتي وأدخلهما فسيح جناته! والله من وراء القصد!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي