No Script

أوباما والعبادي ناقشا هاتفياً «قلقهما المشترك» لإعدام النمر والهجمات على البعثة السعودية

هل يقف البيت الأبيض خلف الهجوم الإعلامي الأميركي على السعودية؟

تصغير
تكبير
• الرئيس الأميركي يعتقد أن مصلحة بلاده في صداقة إيران وأن العلاقة مع الدول العربية والخليجية مرهِقة ومكلّفة
الهجوم الواسع الذي شنه الجزء الأكبر من الإعلام الأميركي ضد المملكة العربية السعودية، على مدى الأسبوع الماضي، دفَع بعض المراقبين إلى التساؤل إن كان البيت الأبيض يقف خلف هذا الهجوم أو أوعز به، لا سيما وأن البيت الأبيض أعلن أمس أن الرئيس باراك أوباما أجرى اتصالاً برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عبرا خلاله عن قلقهما المشترك لإعدام الشيخ نمر النمر والهجمات ضد السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران.

التنسيق بين فريق الرئيس باراك أوباما واللوبيين المواليين لإيران والرئيس السوري بشار الأسد ليس أمراً مستجداً، إذ سبق أن دفع البيت الأبيض اللوبي الإيراني إلى الحشد شعبياً لحضّ الكونغرس على المصادقة على الاتفاقية النووية مع إيران. ووضعت إدارة أوباما حينها اللوبي الإيراني على اتصال مع مجموعات مناهضة الحرب في العراق، وهي مجموعات شَكلّت صلب الزخم الانتخابي الذي أوصل أوباما إلى البيت الأبيض عام 2008.

وتجلى التعاون بين فريق أوباما واللوبي الإيراني في قيام الرئيس الأميركي بتعيين سحر نوريزادة مديرة الشؤون الإيرانية في مجلس الأمن القومي الذي تترأسه سوزان رايس. وقبل تعيينها في منصبها الرفيع في البيت الأبيض، سبق لنوريزادة أن عملت في المجلس القومي الإيراني - الأميركي، الذي يترأسه تريتا بارسي. والأخير يتمتّع بصداقة وثيقة مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف منذ أن عمل الأخير موفداً لبلاده في الأمم المتحدة في نيويورك.

وتعاقب على شغل منصب «مدير الشرق الأدنى» في مجلس الأمن القومي ثلاثة مسؤولين، هم ستيف سايمون وفيل غوردون وروب مالي. وسبق لمالي أن زار دمشق في العام 2007 والتقى الأسد، فيما زار سايمون الأسد الربيع الماضي، بعد خروجه من الإدارة. إلا أنه لا شك أن سايمون نقل رسائل من خلَفه وصديقه مالي إلى الأسد، وعاد محمّلاً بردود الأسد إلى واشنطن.

علاقة طهران ودمشق بإدارة الرئيس باراك أوباما عميقة، وتصل إلى أعلى المسؤولين، لذا، لم يكن مستغرباً حجم هجوم «العلاقات العامة» الذي تعرّضت له السعودية، تزامناً مع تعرّض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد إلى هجمات.

صحيفة «نيويورك تايمز»، الأقرب إلى البيت الأبيض، نشرت افتتاحية وصفت فيها إعدام السعودية لمواطنيها بـ «العمل البربري»، ونشرت في صفحة مقالات الرأي - وهذه غالباً ما تكون الرأي الآخر المخالف لرأي الصحيفة - مقالة أخرى بعنوان «لعبة السعودية الطائفية الخطيرة»، فيما قام مراسلها في البيت الأبيض ديفيد سانغر بتدبيج مقالة حمّل فيها السعودية مسؤولية التوتر في المنطقة واحتمال انفراط عقد المفاوضات السورية المقررة في جنيف. حتى في صفحة «مساحة للنقاش»، قدمت الصحيفة 4 مقالات، بقلم الإيرانية هالة إسفندياري، والمعارض السعودي علي الأحمد، والفلسطيني الذي سبق طرده من الخليج إياد بغدادي. المقالة الرابعة، وهي الأقل عداء للمملكة، جاءت بقلم مسؤول أوباما السابق للملف الإيراني دنيس روس.

وكما في «نيويورك تايمز»، كذلك في «واشنطن بوست»، التي أفرد أكبر المعلّقين فيها، ونائب رئيس تحريرها ديفيد أغناتيوس، مقالته الأسبوعية للهجوم على المملكة، وحملت مقالته عنوان «التخبّط المكلف لقيادة السعودية التي يسيطر عليها القلق».

وفي مراكز الأبحاث وبين الأكاديميين، تحرّك مناصرو إيران، وتصدّرهم عميد كلية الدراسات الدولية الإيراني ولي نصر، ابن آية الله رضا نصر. واتهم نصر في تغريداته السعودية بإثارة النعرات الطائفية. أما المفارقة فتكمن في أن نصر هو صاحب كتاب «النهضة الشيعية» الذي يحضّ فيه واشنطن على استبدال حلفائها الحاليين السنّة في الشرق الأوسط بإيران.

وكتب بارسي مقالة هاجم فيها المملكة في موقع وكالة «رويترز»، وحذت حذوه الباحثة في «مجلس الأطلسي» والزائرة الدائمة إلى طهران باربرا سلافين، التي هاجمت السعودية في مقالة على موقع وكالة أنباء «إن بي آر» شبه الرسمية، وكذلك فعلت صديقتهما لورا روزن عبر موقع «المونيتور»، الذي يملكه السوري المؤيد للأسد جمال دانيال. ولا شك أن الكاتبة في مجلة «نيويوركر» روبن رايت، والتي تزور إيران بانتظام، ستنضم الى جوقة مهاجمي السعودية في المستقبل القريب.

حتى في حلقات الإيميل التي يتبادلها كبار المسؤولين الأميركيين والباحثون، تحرّك اللوبي الإيراني، وكتب نير روزن مقالة يدافع فيها عن سياسات طهران. وكانت إيميلات - سرّبها مهكِّرون تعود إلى الأسد - أظهرت أن روزن كان يستغل عمله صحافياً بين مقاتلي المعارضة في حمص وسط سورية ويزود الاستخبارات السورية بمعلومات حول شحنات الأسلحة الموجهة إلى المعارضين وأماكن انتشارهم.

وإن بعض المقالات - وخصوصاً من اليمين الأميركي المعارض لأوباما - دافعت عن الرياض، كما جاء في مقالة لي سميث في «الويكلي ستاندرد» بعنوان «أوباما ينحاز إلى إيران مجدداً»، كما سلّط فيليب سمايث في مقالة له في «فورين بولسي» الضوء على استغلال إيران موت نمر باقر النمر للتصرف كأنها الزعيم الأوحد للشيعة في العالم وللتغطية على من تبقّى من منافسيها، مثل مرجع النجف علي السيستاني.

هجوم «العلاقات العامة» ضد السعودية، الذي شنّته واشنطن، في الجلسات الخاصة كما في الإعلام، قد يحمل بصمات البيت الأبيض، وهذا ليس بأمر مستغرَب في إدارة أميركية، يعتقد رئيسها أن مصلحة بلاده تكمن في إعادة صداقتها مع إيران، صاحبة الحضارة القديمة، وأن علاقة الولايات المتحدة بالدول العربية - بما فيها دول الخليج - هي علاقة مرهِقة ومكلّفة لواشنطن.

إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء العراقي ناقشا في اتصال هاتفي «قلقهما المشترك» بشأن إعدام النمر والهجمات على السفارة السعودية في إيران.

وقال البيت الأبيض في بيان إن الزعيمين «اتفقا على الحاجة إلى أن تظهر جميع الأطراف في المنطقة ضبط النفس وأن تتفادى الخطاب والسلوك الاستفزازي وتتجنب مفاقمة التوترات الطائفية».

وتابع، أن أوباما والعبادي «اتفقا على أهمية أن تحافظ جميع الأطراف على التواصل الديبلوماسي والحوار».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي