No Script

تقرير / إذا اتّخذتْ أميركا القرار فماذا عن سورية و... روسيا؟

أيّ حرب مستقبلية بين إسرائيل و«حزب الله» ... مدمّرة للطرفين

تصغير
تكبير
«حزب الله» خسر 1600 مقاتل و8 آلاف جريح في سورية والصيف المقبل هو الوقت المناسب وفرصة جيدة لضربه!
«سورية ستكون شريكة لحزب الله في أيّ حربٍ مستقبلية تهدف الى ضرب ذراع إيران في المنطقة الشرق أوسطية، لأنهما شريكان ويتقاسمان المصير نفسه».

هذا ما قاله احد صنّاع القرار في دمشق لـ «الراي» عندما سئل عن السبب وراء التصعيد الكلامي والتهديد ضد اسرائيل الذي صدر عن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي حذّر من استهداف حاويات الامونيا في حيفا ومفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب بصواريخه البعيدة المدى - التي زوّدته بها ايران - اذا قرّرت اسرائيل شنّ الحرب على «حزب الله».

ويحافظ «حزب الله» على حضور عسكري مهمّ في سورية التي أسّس فيها فروعاً لمؤسساته العسكرية المختلفة بسبب وجود عشرات الآلاف من مسلّحيه منذ العام 2013 على الأراضي السورية. وتشكّل الجبال الشاهقة المتمثلة بالسلسلة الشرقية على الحدود اللبنانية - السورية ملجأ ممتازاً لاستضافة وحماية صواريخ «الفاتح 110» من الجيل الرابع المعدَّلة وصواريخ أخرى تعمل على الوقود الصلب قادرة على حمل بين 250 و500 كيلوغرام من المتفجرات وتغطية كامل الجغرافيا الاسرائيلية. وانهمك «حزب الله» في الاعوام الماضية في بناء صوامع تحت الأرض لصواريخه وملاجئ ضمن الجبال المتعدّدة بموافقة دمشق تحسباً لنشوب حرب مستقبلية بين الحزب واسرائيل او بين سورية واسرائيل.

وتملك اسرائيل أكثر من 200 قنبلة نووية في مركز البحوث النووية في النقب التي يشار اليها بمفاعل ديمونة.

وهذا المفاعل بني في أواخر الخمسينيات بمساعدة فرنسية وفق بروتوكول «سيفرز». ورغم ان اسرائيل لم تعترف يوماً بامتلاكها للقنابل النووية، الا ان موردخاي فعنونو، المهندس الذي عمل داخل هذا المفاعل، هرب العام 1986 ليفشي أسراراً وأدلة سرية حول هذه المنشأة النووية الاسرائيلية.

ويعتقد كل من إيران وسورية و«حزب الله» ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يهدف الى شلّ إيران في الشرق الأوسط عبر تصعيد تهديده الكلامي في الوقت الراهن مع تَمتُّعه بدعمٍ كامل من دول الشرق الأوسط. وهذا الهجوم اللفظي - حتى يومنا هذا - قد يُترجم الى هجوم جدّي ضدّ وكلاء إيران في الشرق الاوسط بدل مهاجمة إيران مباشرةً لما تحمله اي مجابهة عسكرية مباشرة من مخاطر وأضرار من الممكن ان تطال بلداناً عدة في الشرق الأوسط.

ولهذا فمن المحتمل ان مهاجمة «حزب الله» - الذراع الرئيسية الأقوى لإيران في الشرق الاوسط - تحمل مخاطر أقلّ ضرراً. ويُعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية وبلدان شرق اوسطية متعدّدة، إضافة الى جامعة الدول العربية. ولهذا فإن أيّ هجوم على الحزب سيُنظر اليه ايجابياً من الدول الرئيسية في المنطقة التي لن تتلكأ عن دعم اي ضربة لهذا التنظيم.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في سبتمبر الماضي امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان «العديد من الدول العربية تدرك ان اسرائيل ليست عدواً لها بل انها حليفتها وأن أعداءنا المشتركين هم إيران وداعش».

دول عدة في المنطقة تؤيد تحجيم «حزب الله» الذي أفسد الخطط في لبنان وسورية واليمن. فقد مَنعت قوات «حزب الله» سقوط دمشق العام 2013 عندما وصل تنظيم «القاعدة» (جبهة النصرة) والمتمردين الى قلب العاصمة. وكذلك كان «حزب الله» رأس الحربة في الهجوم على القصير والقلمون والزبداني وحمص وحلب واللاذقية ودرعا ومناطق اخرى على امتداد الجغرافيا السورية. وها هي الحرب لا تزال مستمرة بين «القاعدة» و«داعش» وهي أبعد من ان تكون شارفتْ على نهايتها. ولهذا فإن أيّ ضربة لـ «حزب الله» ستكون ضربة مباشرة لسورية. ولا شك ان دمشق ستكون جزءاً لا يتجزأ من اي حرب محتملة بين اسرائيل و«حزب الله» اذا حصلت.

ويقول احد صنّاع القرار في العاصمة السورية لـ «الراي»: «لقد هاجمتْ اسرائيل أكثر من 15 مرة أهدافاً داخل سورية. ولهذا فإن لسورية حق الرد بغض النظر عن العواقب. واستهداف حزب الله يعني استمرارية الحرب في سورية وليس إنهاؤها».

وتعتقد سورية و«حزب الله»، ان أي حرب مستقبلية ستجبر روسيا على التدخل - ليس لمصلحة طرف ضد آخر - لوقف الحرب، لأن دخول سورية في الحرب يعني القضاء على اي احتمال لاستقرار البلاد ما سيزعزع خطة روسيا التي تهدف الى إنهاء الحرب وتعزيز وجود قواتها وقواعدها في الشرق الأوسط للخمسين سنة المقبلة على أقلّ تقدير.

اما بالنسبة لـ «حزب الله»، فهو ليس مستعداً ليبدأ الحرب من جانبه. فكلامه عن «خطوط حمر» واحتمال «استهداف حيفا وديمونة» يهدف الى ايجاد توازن استراتيجي ليوصل رسالة مفادها ان الدمار سيكون شاملاً على الجميع وان من الافضل الابتعاد عن الحرب وتجنيب خسائر الأرواح والممتلكات والبنية التحتية، وكذلك من الأفضل تجنّب الحرب حتى لو دخلت الولايات المتحدة مباشرة من خلال أساطيلها او طائراتها او استخباراتها.

وكان موضوع «حزب الله» على رأس جدول الأعمال في لقاء نتنياهو - ترامب في البيت الابيض الاسبوع الماضي. ويعتقد السيد نصرالله ان الرئيس الأميركي يريد دخول التاريخ بتركيزه على مهاجمة إيران. وباعتبار ان «حزب الله» يمثل قوة وذراع إيران في المنطقة وهو قد خسر أكثر من 1600 مقاتل و8000 جريح في سورية وهو مثخن بالجراح وتحت ضغط في مجتمعاته، فان الصيف المقبل هو وقتٌ قد يكون مناسباً وفرصة جيدة لضربه اذا كانت الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة شركاء في الضربة.

هذا سيناريو محتمل افتراضي ولا تأكيد له لدى «حزب الله». الا ان المنظمة تعمل على أسس افتراضية واقعية وعلى ان هذا تهديد حقيقي تشارك فيه ايران بنفس الرؤية، ولذلك تم تحديث بنك الأهداف واستدعاء بعض من الوحدات الخاصة التابعة لـ «وحدة الرضوان» من المناطق حول دمشق حيث انتفى وجوب وجودها بعد مصالحات عدة حصلت بين النظام السوري والمعارضين المسلّحين ليتم نشر هؤلاء ذوي الخبرة القتالية العالية في الأماكن التي يعتبرها «حزب الله» في خط المواجهة المقبلة.

ان الحرب السورية الطويلة ووجود رئيس جمهورية في لبنان غير معادٍ لـ «حزب الله» - الرئيس ميشال عون - خفف من احتمال عدوانية الحزب ضد البيئة المعادية التي تعمل ضدّه في لبنان جهراً وعلانية. انها منظمة غير نظامية ولكنها تملك عدداً من الرجال والعتاد يفوق قوة الجيش اللبناني وأي قوى غير حكومية في الشرق الاوسط. وحتى اليوم يمارس «حزب الله» ضبط النفس وسيطرة ذاتية في شرق أوسط يشوبه صراع طائفي عنيف وقاتِل، وكل شيء حول لبنان في غليان خطير. ان الحبل السري الموجود بين «حزب الله» وايران يجبر المنظمة على التصرف كدولة وليس كتنظيم او جماعة تملك قوى عسكرية هائلة وخبرات قتالية عالية جداً وشاركتْ في حروب مستمرة منذ إنشائها.

في 7 مايو 2008 استطاع «حزب الله» السيطرة على العاصمة اللبنانية في ساعات قليلة وبخسائر محدودة جداً ليُظهِر براعة التخطيط والتنفيذ والسيطرة. فإذا خرج الحزب مجروحاً في اي حرب مقبلة مع اسرائيل - من المستحيل القضاء عليه لانه جزء من النسيج المتأصل في مجتمعه الحاضن - فهل سيستمر بالسيطرة على نفسه مثلما يفعل اليوم؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي