No Script

ألوان

المكنسة الثقافية

No Image
تصغير
تكبير

إن بيت الثقافة الكويتي تم بناؤه من قبل من سبقونا، وقد أحسنوا البناء... فوضعوا الأساس الثقافي الرصين ثم كانت الانطلاقة ثم اجترار النجاحات، رغم أن الظروف لم تكن تساعد على إنجاز تلك النجاحات، بسبب البيئة التي لم تكن تساعد على رؤية هذا التميز الثقافي، بيد أن الإصرار كان عاملاً رئيساً في عملية البناء الثقافي.
ولكن مع هذا البناء الثقافي المميز... فإنه من الشيء الطبيعي أن تكون هناك مثالب توازي الكثير من المناقب، التي نفتخر بوجودها في الصرح الثقافي الكويتي، الأمر الذي يجعلنا نشعر ونطالب بضرورة تنظيف هذا الصرح الخاص بالثقافة الكويتية، وهنا أقصد الثقافة بمفهومها العام وليس محصوراً على مجال معين في الثقافة مثل الادب بفروعه من شعر وقصة قصيرة ورواية ودراسة نقدية وفن المقالة، وهي تحظى بمكانة مرموقة وكذلك الأمر بالنسبة للفن التشكيلي بفروعه كافة: الرسم والنحت والخزف والتصوير الفوتوغرافي.
إن الحكومة لم تقصر في الاهتمام بالثقافة إلى حد كبير، من خلال حضورها في وزارة الاعلام وإنشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في منتصف السبعينات، والذي يترأسه وزير الإعلام، إضافة الى مناهج التعليم التي في أحضانها بعض الإبداعات الثقافية، ولكننا نطمح بالمزيد مهما ارتقينا، إلا ان المثالب تحولت إلى أمور تنغص علينا سلوكنا الثقافي، بل انها باتت تعمل على تقويض الإبداع الثقافي، من دون أن نشعر بذلك بشكل مباشر، وليس نحن فقط في الكويت نعاني من تلك الأمور، إذ ان الكثير من الدول العربية تعاني الكثير من المنغصات التي تغلغت في أروقة العواصم الثقافية العربية العريقة، وكأنه بات أمراً طبيعيا ان نرى مثل تلك الأمور في البيئة الثقافية العربية ومنها البيئة الكويتية.


نعم هذا هو واقعناً وعلينا أن نواجه أنفسنا بحقيقة وضعنا الثقافي، ومتى ما اعترفنا بوجود تلك المشكلة فإنها تمثل الخطوة الأولى نحو وضع الحلول، ثم علينا أن نبحث عن حلول مناسبة، نستطيع من خلالها أن نقوم بتنفيذها، فعلى سبيل المثال إننا لن نستطيع أن نرتقي لنصل خلال عشر سنوات في أن يقرأ كل مواطن كويتي عمره أكثر من ستة عشرة عاما ديوان شعر ورواية ويحضر معرضا تشكيلياً، والأمر نفسه ينطبق على العواصم الثقافية العربية، وتلك النقطة تمثل تحدياً كبيراً، كما أننا لا نستطيع أن نفرض على المجتمع أن يحتوي كل منزل كويتي على مكتبة وهكذا.
نعم نطالب الحكومة بالتحرك في دعوة المثقفين لمعرفة تفاصيل تلك الحالة، لكننا نطالب أيضا وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي بجذب الناس نحو الثقافة، كما نطالب بعض جمعيات النفع العام خصوصاً «ذات الطابع الثقافي» بالعمل على تحريك المياه الراكدة، ومحاربة المثالب الثقافية عبر استخدام المكنسة الثقافية لتنظيف المؤسسات الثقافية، بداية من الشوائب الثقافية. ومن الأمراض الثقافية، التي ابتليت بها الثقافة الكويتية.
وبإمكان جمعيات النفع العام الثقافية أن تقوم ببعض الإجراءات المهمة، مثل شطب عضوية من لا ينتمون الى الثقافة، ومنع من حصل على الدكتوراة من دون وجه حق أن يستخدم لقب «دكتور»، وأن يضع لقب دكتور قبل اسمه في مؤلفاته، لأننا لا نريد ان يظهر لنا على الإعلام أو شخصاً يمثل الثقافة الكويتية، وهو لا يكتب الشعر او القصة القصيرة أو الرواية أو المقالة أو الدراسة النقدية، أو يكون شخصاً يمثل الحركة التشكيلية الكويتية، وهو لا علاقة له بالرسم أو النحت أو الخزف أو التصوير، وعلى الرموز في كل جمعية ثقافية أن تتحرك، مستخدمة قانون الجمعيات النفع العام، لتنظيف تلك الجمعيات، فيكون القانون هو بمثابة المكنسة الثقافية، وهو أمر بحاجة لإعداد وتنسيق يعيد الحياة الى الجمعيات العمومية، التي باتت هادئة كهدوء الخليج العربي، وهناك تفاصيل ثقافية أخرى سنتطرق إليها في مقالات مقبلة ان شاء الله.

* كاتب وفنان تشكيلي كويتي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي