No Script

استراتيجيته الجديدة تعتمد على جمع شتات مقاتلين من تنظيمات أخرى بعد توقع هجمات برية دولية ضد معاقله

«داعش» مع نهاية 2015 يخترق عواصم آمنة لاستقطاب «ذئاب منفردة» للهجوم على العالم!

تصغير
تكبير
• عملياته ستستمر مادام مؤيدوه يستجيبون لحلم التضحية من أجل خلافة إسلامية مزعومة

• بعض العمليات الانتقامية ضد الدول التي تحارب التنظيم تنفيذها كان عشوائياً أحياناً

• 8 دول ضربها «داعش» في 2015 بفضل توسّع شبكة الخلايا النائمة المؤيدة له

• التنظيم الإرهابي يسعى لخلق الفوضى في دول هشة اقتصادياً وأمنياً
فيما تعم حالة من الذعر في عواصم أوروبا والدول الكبرى المشاركة في التحالف ضد «داعش» خوفاً من أعمال إرهابية انتقامية للذئاب المنفردة على غرار هجمات باريس، لم تستبعد تحذيرات لدول مختلفة أو تلك التي ظهرت ضمن إصدارات سابقة لتنظيم الدولة أن عواصم عربية وأجنبية تكون وجهة محتملة مستقبلية للإرهابيين قبيل نهاية هذا العام مع استغلال احتفالات أعياد الميلاد.

فقد أصبحت وكالات استخبارات دول العالم تأخذ بمحمل الجد تهديدات عناصر أخطر تنظيم دولي، ولا يمكن وفقا للدراسة التنبؤ بتوقيتات أهم عمليات «داعش» في العام 2015، ولا بموعد العمليات الخارجية للتنظيم إلا أنها قد ترتبط بحدث ما أو ظرفية ما، ما يعني رفع حالة التأهب من مباغتة التنظيم لعواصم عربية قبيل الاحتفال برأس السنة الميلادية.

وقد رفعت دول كثيرة تباعاً من حالة التأهب القصوى ابتداءً من موسكو ولندن وروما وأسبانيا وعواصم أوروبية كثيرة فيما زادت واشنطن من تدابير الأمن والتأهب، وعلى ما يبدو أنه بات ملزماً على الدول العربية كذلك رفع قدراتها الاستخباراتية والدفاعية لردع أي محاولة إرهابية قد تتخذ من احتفاليات نهاية العام موعداً لها.

وأظهرت دراسة لعمليات «داعش» خارج معاقله بسورية والعراق وليبيا طيلة العام 2015 أن وتيرة هجماته زادت بعد صيف هذا العام بواقع ثلاث إلى أكثر من أربع هجمات في الشهر الواحد في دول مختلفة بعد أن كانت بنحو عمليتين في بداية العام، أي إن وتيرة عملياته الإرهابية تضاعفت مرتين خلال الثمانية أشهر الأولى من هذا العام.

وكشفت الدراسة أن خارطة عمليات «داعش» توسعت إلى أنحاء كثيرة من العالم بعد أن كانت مقتصرة في العام الماضي في دول الربيع العربي والتي تشهد حروباً داخلية والتي اتخذ التنظيم بعض مناطق فيها كمعاقل لخلافته التي يزعمها.

وأثبتت المعلومات المتداولة عن تحركات تنظيم الدولة «داعش» خلال العام 2015 انه تفوق في منافسة تنظيم «القاعدة» في استهداف دول أجنبية خارج قواعده وخارج الوطن العربي وذلك بإنجاز عمليتين نوعيتين في باريس وتفجير طائرة روسية فوق سيناء، والقيام ببعض العمليات المحدودة في الولايات المتحدة قام بها متعاطفون مع التنظيم وغير مؤكد انه من خطط لها.

كما تميز الفرق بين عمليات التنظيم في عامي 2014 و2015 في كون التنظيم استغل العام الماضي لترسيخ دولته في ثلاثة معاقل هي العراق وسورية وليبيا وأخيراً سيناء المصرية وانتهج سياسة الترويج المرعب للدفاع عن دولته المزعومة من خلال بث مقاطع إعدامات مختلفة لأسرى عرب وأجانب من دول مختلفة أهمها القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وذلك من أجل كسب هيبة بين مناصريه وتخويف الدول المعادية له، وأيضا من أجل كسب تعاطف عالمي مع الحالمين بالخلافة.

ومع بداية 2015 تمكن التنظيم من الدخول على خط المنافسة مع تنظيم القاعدة في استهداف الأجانب في عقر دارهم مع تبني عملية الهجوم على صحيفة «شارلي ايبدو» في باريس وبذلك أصبحت خططه العسكرية موسعة أكثر مع تبني سياسة الذئاب المنفردة والتي تتمثل في تحفيز متعاطفين مع التنظيم في دول أجنبية إلى القيام بعمليات نوعية تستهدف الأجانب في دول يعتبرها التنظيم معادية له وخصوصا تلك التي تشارك في التحالف الدولي لقتاله في سورية والعراق.

وبفضل فتاوى التحريض على الجهاد العالمي من أجل إبقاء الخلافة التي أنشأها التنظيم تحركت خلايا إرهابية كثيرة نائمة كانت في الأصل موجودة داخل الدول التي يرمي التنظيم استهدافها، أو من خلال عودة بعض الجهاديين الأجانب من سورية والعراق إلى دولهم وتكوين خلايا إرهابية تنفذ مخططات التنظيم في توقيتات قد يختارها هو وقد تكون على حسب التيسير والاستطاعة ومن ثم يباركها التنظيم ويتبناها.

هذه الاستراتيجية المخيفة التي تدعو إلى القتل في كل مكان من غير الرجوع بالضرورة إلى الفتوى حولها باتباع (سياسة الذئاب المنفردة) أتقن أساليبها التنظيم وذلك من خلال مباركة كل العمليات خارج معاقله تلك التي تستهدف أجانب أو عرباً أو تكون هجمات عشوائية تستهدف المواطنين في الشوارع.

لكن المتأمل في أهداف هذه العمليات يرى أنها غير بريئة وغير عشوائية بل إنها استطاعت بث الرعب في دول العالم وضاعفت من هيبة قدرة التنظيم، وأصبح الكل يضع له ألف حساب وأصبح بعض المتعاطفين معه في دول العالم يقتنعون أكثر بجدوى الحرب إلى صفوفه بعد قدرة «داعش» على المحافظة على معاقله وترهيب أعدائه.

ومع أن صورة التنظيم بقيت دموية منذ العام 2014 من خلال نوعية هجمات عناصره وطريقة تنفيذها إلا أنه استطاع في 2015 اختراق مناطق آمنة في دول كبيرة مثل فرنسا وتركيا ومصر وتونس والكويت والسعودية، وتمكن من التسلل إلى عمق لبنان واليمن، وهدد الأردن والمغرب والجزائر واستطاع تفريخ جهاديين في دول كثيرة مثل السودان وليبيا وحذر بعمليات نوعية دول كبرى مثل أميركا وروسيا وعواصم أوروبية كثيرة مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا، وبذلك هددت بيانات التنظيم التي يصدرها عقب هجماته أغلب العواصم في العالم، ويبدو أن حجم تهديده أصبح يأخذ على محمل الجد بعد تداول معلومات استخباراتية عن توسع شبكة الخلايا النائمة المؤيدة للتنظيم في دول كثيرة وهو ما يزيد من تعاظم الذراع العسكرية للتنظيم خارج أراضيه.

توسع شبكة الذئاب المنفردة لـ«داعش» أكدتها أشهر الصيف والخريف لهذا العام من خلال تضاعف عمليات التنظيم الخارجية كتأكيد على جدية خطره. حيث ضرب التنظيم أكثر من عاصمة عربية وعالمية بداية من يونيو حتى نوفمبر الحالي، واستطاع تنسيق عمليات خارجية في يوم واحد في أكثر من بلد مثل الهجمات الإرهابية التي ضربت تونس والكويت في يوم واحد. هذا اليوم المميز لعمليات «داعش» الانتحارية عادة ما يكون يوم الجمعة، فقد لا يكون مصادفة حيث إن أغلب هجماته النوعية خارج معاقله نفذت يوم الجمعة.

لكن قد يكون التنظيم وفق رؤية بعض التحليلات المختلفة أنه في أيامه الأخيرة يحرق كل أوراقه وخططه من أجل البقاء، وأن بقاءه مرهون بإيجاد حل في سورية، وهذا ما يبدو أن التنظيم يرفضه ويرفض ربط تواجد الخلافة بحل المشكلة السورية، حيث قام بتوسيع فروع خلافته في أكثر من بلد عربي غضباً وهي ليبيا ومصر، كما إنه يسعى إلى تكوين إمارة في كل من اليمن ولبنان وتونس والمغرب والجزائر.

هذا التوجه القائل باقتراب نهاية التنظيم مع توافق دولي مبدئي حول حل سوري قد يصطدم بانتهاج «داعش» خط توسع آخر وتمدد له في أراضٍ أخرى غير سورية التي تعتبر الرقة إحدى أهم معاقله.

لكن التنظيم سعى إلى تعويض خسائره في العتاد والأرواح بعد هجمات مكثفة له من تحالف توسع من أجل القضاء عليه. حيث يبدو أن «داعش» يحاول زيادة استقطاب متعاطفين معه حول العالم وتهديد الدول المشاركة في ضربه بأي وسيلة، كما يسعى لخلق الفوضى في دول هشة اقتصاديا وأمنيا مثل ليبيا ونوعاً ما مصر وتونس حيث كثف هجماته ضد الأخيرتين من أجل إيجاد موطئ قدم خارج الشرق الأوسط وبذلك إيجاد خيارات البقاء له إذا تم اجتثاثه من العراق وسورية بالقوة العسكرية.

إنها حرب أيديولجية يخوضها التنظيم وقد يكون عنوان استراتيجيته التي اتبعها في 2015 تتلخص في عبارات يستخدمها التنظيم في إعلاناته وهي «قريباً قريباً ترون العجيبة» والتي تعني إدهاش العالم بعمليات نوعية. أما الإستراتيجية المتوقعة للتنظيم في 2015 فقد تعتمد على جمع شتات المقاتلين في التنظيمات الأخرى وقيام مصالحة من أجل توطيد أركانه بعد توقع هجمات برية دولية ضد معاقله، كما لم يستبعد ذلك جنرالات أميركيون، وقد تستمر بذلك عملياته في دول أجنبية وعربية مادام هناك مؤيدون للتنظيم يستجيبون لحلم التضحية من أجل خلافة إسلامية يزعم «داعش» أنه حققها على الأرض وإنها باقية.

في 2015 أخذت عمليات «داعش» الانتقامية من الدول التي تحاربه ضمن التحالف الدولي نسقاً تصاعدياً لكن تنفيذها كان عشوائياً أحياناً ومدروساً أحياناً أخرى وذلك من خلال دراسة توقيتات العلميات وأهدافها ونتائجها ماعدا تلك العمليات المميزة والكبرى التي رتب لتنفيذها في كل من فرنسا وتونس ومصر والسعودية والكويت ولبنان. حيث إن العمليات التي ضربت هذه الدول كانت مركزة واختارت أهدافاً بعينها مثل صحيفة «تشارلي أيبدو» وشوراع ومعالم باريس (استهداف الأمن والحريات وإحلال الفزع) ومتحف وفندق في تونس (استهداف السياحة)، وقتل جنود في سيناء وتفجير طائرة روسية في مصر (استهداف الأمن والسياحة وعلاقات مصر مع حلفائها)، وضرب دور العبادة في كل من السعودية والكويت ولبنان من أجل تأجيج طائفي وإثارة الفزع.

كما كان تنفيذ بعض عمليات «داعش» الانتحارية في بعض الدول مثل تونس كعملية قتل كل من كان على الشاطئ أمام الفندق وقتل الناس في شوارع باريس وضاحية بيروت اتخذ الطابع العشوائي أي إن الهدف كان القتل فقط في أي مكان يتواجد به أكثر عدد من الناس.

لكن ارتدادت عمليات التنظيم إجابية وسلبية. إيجابية بالنسبة للتنظيم ذلك من خلال تزايد قدراته والمتعاطفين معه بعد حصاد عمليات 2015 حيث إنه مايزال مسيطراً على المناطق التي اتخذها معاقل لخلافته، أما التداعيات السلبية على التنظيم عقب هجماته فهي زيادة نسق الهجمات ضد معاقله وبالتالي دفع المتحالفين ضده بعد استفزازهم بهذه الهجمات إلى اجتثاثه من خلال عمليات برية قد ترى النور في العام المقبل.

ومن خلال تسلسل هجمات التنظيم منذ مطلع هذا العام بدا أن «داعش» ركز أغلب هجماته المسلحة والتفجيرات الانتحارية ضد دول الربيع العربي مستغلاً الهشاشة السياسية والأمنية فيها، ومستعيناً بـ«ذئابه المنفردة»، لكنه استهل هجماته بأوروبا عبر بوابة فرنسا من خلال استهدافه باريس.

أهم عمليات «داعش» في 2015 وخارطة تنفيذها

• يناير:

في باريس: يتبنى يوم الجمعة 9 يناير الهجوم على صحيفة «شارلي أيبدو» في العاصمة الفرنسية باريس الذي حدث الأربعاء 7 يناير.

في مصر: تم استهداف نادٍ وفندق القوات المسلحة ومقر الكتيبة 101 في العريش، واستراحة للضباط قرب قسم شرطة العريش ليلاً، بثلاث سيارات مفخخة تحمل 10 أطنان، وقد قُتل في الهجوم قرابة 32 عسكرياً ومدنياً.

في لبنان: التحقيقات الأولية تظهر مسؤولية «داعش» عن تفجير طرابلس الانتحاري المزدوج.

• مارس:

في تونس- متحف باردو- «داعش» يتبنى في تسجيل صوتي على الإنترنت مسؤوليته عن الهجوم الدامي على متحف «باردو» في تونس.

•ابريل:

في ليبيا -المغرب: تفجير «داعش» لسفارة المغرب في ليبيا.

في مصر أعلن «ولاية سيناء» في بيان مسؤوليته عن 7 هجمات استهدفت مواقع للجيش المصري في شمال سيناء، وأدت إلى مقتل 18 جندياً و3 مدنيين وإصابة 15 آخرين.

وفي مصر أيضاً قٌتل 14 شخصاً، معظهم من رجال الأمن، وأصيب أكثر من 45 آخرين في ثلاث هجمات تبنتها «ولاية سيناء».

وبالأردن شن التنظيم سلسلة تفجيرات انتحارية على معبر طريبيل.

• مايو:

في السعودية عملية انتحارية في مسجد بالقطيف تقتل 21 شخصاً.

وفي الجزائر أعلنت مجموعة تحمل اسم «سرية الغرباء» وتنشط في محافظة «قسنطينة» (450 كيلومتراً شرق العاصمة)، انشقاقها عن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ومبايعتها «داعش»، وأعلنت مجموعة أخرى تسمي نفسها «كتيبة أنصار الخلافة» وتنشط في محافظة سكيكدة (550 كيلومتراً شرق العاصمة)، انضمامها لـ «داعش»، في وقت أُعلِن تعيين أمير جديد لـ «جند الخلافة» يدعى بن هني محمد ولقبه «زبير»، خلفاً لخزرة بشير المعروف بلقب «أبوعبدالله عثمان العاصمي»، الذي قُتل في عملية عسكرية للجيش الجزائري في ولاية البويرة في (مايو) الماضي.

• يونيو:

في تونس تبنى التنظيم قتل سياح بريطانيين أجانب على البحر في مدينة سوسة.

وفي الكويت تفجير مسجد الإمام الصادق.

• يوليو:

بمصر- «ولاية سيناء» بعد مبايعته تنظيم «الدولة الإسلامية» يشن سلسلة هجمات دامية في منطقة شمالي سيناء خلفت عدداً كبيراً من القتلى والجرحى.

• أغسطس:

بالسعودية قام انتحاري بتفجير نفسه في مسجد قوات الطوارئ في مدينة أبها جنوب السعودية.

• سبتمبر:

في اليمن «داعش» يتبنى تفجير مسجد في صنعاء.

وفي الرباط تفشل خطة التنظيم بإنشاء «جند الخلافة في المغرب».

• أكتوبر:

بالسعودية يتبنى التنظيم التفجير الانتحاري في مسجد نجران بالسعودية.

وبتركيا منفذو تفجيرات أنقرة تلقوا تدريبهم، على يد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والهدف من الهجوم تخريب العملية الانتخابية والاستقرار السياسي.

• نوفمبر:

بمصر تفجير طائرة روسية فوق العريش.

وفي بيروت تفجير في الضاحية.

وبباريس تبنى«داعش»المسؤولية عن هجمات باريس التي أودت بحياة ما لايقل عن 130 شخصاً

وفي مصر لقي 4 قتلى حتفهم بتفجير تبناه «داعش» في مدينة العريش

وفي المغرب اعتقلت السلطات المغربية شخصاً خطط لتفجير كنيسة بمليليه. هذا «الشخص كان ينشط في منطقة العروي قرب الناظور شمال شرق المغرب، وأنه كان يخطط للالتحاق بصفوف تنظيم داعش».

وبعد تبني«داعش»المسؤولية عن هجمات باريس، وفق ما أورد موقع«سايت» الأميركي المتخصص في متابعة الحركات الإرهابية على الانترنت حسب المجلة الالكترونية لداعش «دابق» ورد تعليق على المجلة يفيد كالآتي: «بعد باريس حان الآن دور روما ولندن وواشنطن». فهل يخترق التنظيم فعلاً حصون الدول الكبرى أم ستعلق عمليات التنظيم لأجل غير مسمى؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي