No Script

رمضان بعيون ديبلوماسية / القائم بأعمال السفارة اللبنانية يرى أن «الشهر الكريم يُعلِّمنا كيف نبيّض أرواحنا»

ماهر خير لـ «الراي»: رمضان في الكويت له جاذبيته المتفرّدة

تصغير
تكبير
  • يعيدني رمضان  إلى مدينتي طرابلس... مدينة الآثار الإسلامية والأسواق القديمة  والمساجد وأصوات المآذن تصدح في الآفاق

رمضان له ألف وجه!
فهو احتفالية روحانية سامية تطوف كل بلدان العالم الإسلامي المترامي الأطراف، وكلما حط رمضان رحاله في بلد امتزجت ملامحه الأصيلة والراسخة بعادات هذا البلد وتقاليد شعبه... ومن هنا صار الشهر الفضيل نافذة مفتوحة على مروحة الثقافات الإسلامية المتباينة في تفاعلها العميق مع جغرافيا الشعوب والمجتمعات في العالم الإسلامي.
«الراي» سعت، بمناسبة الشهر الفضيل، إلى الحديث مع سفراء لدى الكويت لدول متماسّة مع الإسلام والمسلمين، وسألتهم عن «رمضان في عيونهم»، وكيف تختلف مظاهره من بلد إلى آخر، ويوحد بين شعوبها في وقت معاً، وكيف تسهم «ثقافة رمضان» في تعزيز التسامح والتعايش العالميين؟ وكيف يرون خصوصية هذا الشهر العظيم في الكويت؟



متقدماً بالتهنئة إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد والشعب الكويتي الكريم بحلول شهر رمضان، امتدح القائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى البلاد السفير الشاعر ماهر خير الشهر الفضيل، بأسلوبه الأدبي المتميز، مسترجعاً ذكرياته عن جميع أمسياته المخزونة في الذاكرة والتي لا يمكن أن تُنسى.
 خير أشار إلى أنه قد شهد رمضان الفائت في الكويت، ملاحظاً «أن له جاذبيته المتفردة، إلى حد أن من يعِشه هنا، فسيتشوق إليه وينتظره كلّ عام».
وتابع أن كل أمسية رمضانية مرسومة في البال، حيث يجتمع الأقرباء والأحباء والأصدقاء في الديوانيات، ويعمّ البياض ويعبق البخور وطيبُ العود، وتقدم العصائر والحلوى والتمور، فتبتهج الأمكنة تحاكي الأعراس السعيدة.
 وأردف خير: «تحلو الديوانية، هذا الصرح الاجتماعي الثقافي الإنساني الذي تتفرد به الكويت، وهي تحلو أكثر في شهر رمضان، حين تتوثق العلاقة الطيبة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وتكبر المودة والمحبة ويسود الوئام، ويزيد رمضان بالغبقة الفرحَ والألفة بين كل الناس».
وذكر «أن رمضان في لبنان بالنسبة إليه مرتبط بذكريات الأهل والطفولة والبيت العتيق، وأيام زمان»، مضيفاً: «يعيدني رمضان إلى مدينتي طرابلس، مدينة الآثار الإسلامية والأسواق القديمة، والمساجد والمدارس القرآنية وأصوات المآذن تصدح في الآفاق»، مكملاً: «أذكر الأسواق التي تصخب بعجقة الناس، والمأكولات الخاصة بهذا الشهر الفضيل، أرغفة الخبز الصغيرة المزينة بحبات البركة، وأنواع كثيرة من الحلويات مثل الكربوج المحشي بالجوز والمغطى بالكريمة والمزين بمربى الزهر الأحمر، فضلاً عن أنواع مختلفة من المشروبات، كشراب الخرّوب، والتوت، وعرق السوس والجلّاب».
 وأضاف خير: «كم كانت الأسواق جميلة وبهيّة حين تزدان بالزينة الخاصة برمضان، وكانت تبهج أنظار العابرين، وهي عبارة عن ورق ملوّن يُقصّ بشكل (مكشكش)، وخيوط تعلّق ُعليها حبّات كبيرة من التفاح الأحمر الذي يغطى بعض أطرافه بالورق الذهبي اللمّاع ويثبّت بكبش القرنفل الذي يثير حاسة الشمّ حين تعبق رائحته الزكية في الأرجاء».
واسترسل خير قائلاً: «أما في البيت، فجميع أفراد الأسرة ينشغلون بتحضير مائدة الإفطار، على صوت أهازيج الأولاد الصغار ينتظرون بترقب كبير مدفع الإفطار الذي يطلق من قلعة طرابلس، وتفوح رائحة المأكولات الشهية من على النار: الشوربة بالعدس والبصل، ويعلو صوت المدقة تدقّ في الجرن الحجري اللحمة الهبرة مع أوراق الحبق والبصل، وتثير اللعاب في الأفواه الجافة رائحة السمن الحموي حين ينسكب فوق طبق (فتة الحمص) قبل موعد آذان الإفطار بلحظات».
وعن ذكرياته في هذا الشهر يقول: «كنا نتلصّص نحن الصغار على جميع أصناف الطعام والحلويات منتظرين بفارغ الصبر التحلق حول المائدة لتلاوة البسملة وبدء التلذذ بما لذّ وطاب، وهذه الأيام الرمضانية لا تُنسى، فهي أوقات التلاقي الروحاني بين كل أفراد الأسرة والأقرباء حيث كل قريب يستضيف أقرباءه على مائدة إفطار في بيته، وتَجهَد كل عائلة في تقديم الأشهى، وكأن الجميع في مباراة لأفضل وأجمل مائدة، ولا أنسى وقت السحور حيث كنت أستفيق بفرح وحماسة على قرع طبل المسحراتي وهو ينادي النيام: يا نايم وحّد الدايم... وأفيقوا على سحوركم. هذا الصوت كم أحبه وأشتاق إليه، فهو يشعرني بدفء أهلي وحلاوة الليل الرمضاني المشع بالتقى والنقاوة والخير والبركة والهداية»
وتابع خير: «تمضي الأيام، والحمد لله أن رمضان يطل علينا كل عام، لنتعلم أكثر كيف نبيّض أرواحنا ونغذيها بالقيم الإنسانية النبيلة، وكيف نحب لأنفسنا ما نحب لغيرنا، وندرك أن الإنسان هو أخ لأخيه الإنسان».
وأضاف: «إنه ليسعدني مع حلول شهر رمضان المبارك أن أتقدم من الجميع بأطيب التهاني وأصدق الأماني، مبتهلاً إلى الله عزّ وجلّ أن يعيده على دولة الكويت وسمو أميرها وعلى الشعبين اللبناني والكويتي باليمن والأمان والبركات وينعم على المسلمين وشعوب العالم أجمع بابتهالات المحبة وأنوار السلام».
واختتم خير حديثه الرمضاني الجميل بقوله: «ها قد عادَ، والعودُ أحمدُ... ها قد عادَ وتفتحت أبواب السموات... وتفتحت القلوب ووسعت الصدور برعشة الخشوع والصلوات... يا شهر النور أشرق علينا وانثر بيننا وردَ الرحمة والغفران... كم عزيز رمضان، وكم يحلو هنا في هذا البلد الكريم، الكويت».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي