No Script

رؤى

الأدب في الكويت ... إلى أين؟!

تصغير
تكبير

‏الأدب في الكويت هو جزء من الحالة الأدبية في جميع الأقطار العربية، وهذه الحالة هي امتداد طبيعي للأدب العربي منذ العصر الجاهلي مرورا بالحقب المتعاقبة وصولا الى عصرنا الحديث.
وإذا كان الأدب مرآة الخاطر وصورة العقل يتأثر بما ينال المدارك والمشاعر من مدنية محدثة وحضارة مهيمنة وظواهر علمية؛ فإن للأدب أثراً عظيماً في بناء الفرد والأمة، كما أنه يتأثر بقوة اللغة ومدى تأثيرها في المجتمعات، وهذا ينعكس على قيمة الأديب نفسه، فقد تبارى الأدباء في استنباط عيون المعاني وتخيروا شريف الالفاظ مما لم يكن حوشيا أو سوقيا، فتوسعوا في البديع وعنوا بالتنميق والتنسيق، ثم نجد أنهم وعبر تعاقب الأجيال طوروا في رأس الأدب العربي أعني الشعر ففرعوا له فنونا علمية كعلم العروض والقافية وعلم النقد، وتوسعوا في أغراضه الشعرية من فخر وتشبيب الى مدح وهجاء ووصف، وغيرها من الأغراض الشعرية، ولم يكتفوا بذلك فشرعوا للأدب أبوابا جديدة، فبرز أساطين البلاغة وأساتذة البيان بفنون أدبية جديدة كالمقالات النثرية والمقامات والوصايا والخطابة والقصة والأمثال والتوقيعات.
‏وبالعودة الى الحديث عن الأدب في الكويت؛ فإنه من نافلة القول الإشارة إلى أن الكويت هي رائدة الثقافة في دول الخليج العربي، وأن الأدب كان دائماً مقترناً بمغامرة الإنسان للعيش ومنفتحاً على الحوار مع الآخر. لذا برزت نخبة من المبدعين وكبار الأدباء والشعراء التنويرين، فقاد الأدب الكويتي بذلك المنطقة برمتها الى واحات وارفة الظلال يانعة الثمار. لكننا في السنوات الأخيرة ووسط التأثير التكنولوجي المتسارع ودور وسائل التواصل الاجتماعي نسجل تراجعا أدبيا وثقافياً ملحوظين في مقياس الإبداع الأدبي على الرغم من الانتشار الواسع لكثير من الأعمال الأدبية ولا سيما الشعر والرواية.
‏بعد أن اطلعنا على كثير من الأعمال الأدبية تمكّنا من تسجيل بعض الملاحظات التي من أهمها:
‏- ضعف الإبداع الأدبي في العمل وضياع الأسس والمفاهيم الأساسية التي توضّح نسبة الأدبية في النص بحسب معايير Carter في الأدب العالمي عموما.
‏- اضمحلال الوظائف التقنية التي ترتبط بنوع وصياغة اللغة وما يترتب عليها من وظائف تعنى بالمتلقي وبأدبية النص.
‏- الى حد ما هناك اختفاء في الاهتمام بالمنهج الذهني الذي يأخذ بعين الاعتبار علاقة القارئ بالنص ومدى فهمه وتفاعله مع النص.
‏إن تأملاً في حالة الضعف الأدبي الراهن، بالرغم من كثرة المؤلفات، يمكن أن يفضي إلى تبيّن أخطر الأسباب التي أدت الى هذه الحالة، ومن بينها:
‏- ضياع المفاهيم الأدبية الأساسية للإبداع، وبروز جيل يهتم عدد كبير منه بالظهور والشهرة على حساب قيمة العمل نفسه؛ فلم يعد يهتم بفهم تلك المفاهيم الأدبية ولا اكتساب دراية كافية في التقنيات الأدبية.
‏- مساهمة الإعلام بشتى وسائله وخاصة الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر ثقافة الخداع والمجاملات في الأوساط الأدبية على حساب العمل نفسه.
‏- العامل الأهم هو فقدان الثقافة النقدية المتكاملة، فلا نرى أعمالا نقدية كاملة تخص الأعمال الأدبية اللافتة، وفي أحسن الأوضاع نرى احتفاءً في عمل أدبي ما مع ورقة نقدية مختصرة تركز على بعض جوانب الجمال في العمل دون الوقوف على مواطن الزلل والخلل فيه. كما نلاحظ عدم اهتمام أصحاب الأعمال الأدبية في مسألة النقد فلا نكاد نرى أحداً يعرض مؤلفه على ناقد ينتقده في كتابة نقدية كاملة دون مجاملات وتطبيل لا يخدم العمل الأدبي بتاتا.
‏آن الأوان لكي تعود الكويت الى صدارة المشهد الثقافي بعودة النقد التقني الى الأعمال كي يبقى ما كان سمينا ويتلاشى الغث.

* كاتب كويتي
haaies@windowslive.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي