No Script

كلمة بعد النقطة

إنها المدرسة العمانية

تصغير
تكبير

سُئلت من أشخاص عدة - على سبيل الممازحة - لو اخترت بلداً لتسكنيه غير الكويت فماذا تختارين؟ أقول على الفور من غير تردد: إنها «سلطنة عمان»، البلد الذي لو عشت بقية حياتي على أرضه... لن أطلب أن أدفن في غيره.
وهذا الكلام لا أقوله مجاملة لأصدقائي في السلطنة، بل لأنني فعلاً وجدت كثيراً من الطمأنينة والسلام الداخلي في تلك البلاد، وأذكر جيداً عندما سافرت للمرة الأولى إلى السلطنة الحبيبة، شعرت بطاقة إيجابية مختلفة... مملوءة بالسكينة، مجرد أن وطئت قدماي أرض مسقط عرفت أنني في مكان آمن، فالمشاعر الطيبة التي أحسست بها وملأت صدري، بدأت مع التعامل الراقي من الموظفين العمانيين في مطار مسقط واستقبالهم لنا بابتسامة ترحيبية وبشاشة وجه، إلى أن خرجت إلى الفندق وتجولت في الأماكن السياحية وتواصلت مع الناس هناك... تأكدت عندها أنني أتعامل مع شعب راق، وهذا الرقي ليس تصنعاً منه، إنما نابع من تربية إيمانية تمتد من الأسرة وأخلاق القبيلة وطبيعة الشعب، فلم يزل الإنسان العماني يحتفظ بالمبادئ الأخلاقية، ويحترم العادات والتقاليد لدرجة أنه يستنكر أي أسلوب خارج عن هذا الإطار الاجتماعي والديني.
فحينما تخرج في شوارع عمان لن تسمع أبواق السيارات إلا نادراً، وإذا تجولت في الأسواق لن تجد الجدال الطويل بين البائع والمشتري، فإن لم يخفض البائع في السعر سيقرر المشتري إن كان سيشتري السلعة أو يتركها من دون تذمر. أما النقطة المهمة - التي ربما لا يعرفها الكثير عن هذا الشعب - أن غالبية شبابه ذو ثقافة عالية، وأحياناً لا تستطيع حتى مجاراته في شغفه للعلم وحبه للتطور الفكري، فإن جالست أهل العلم فسترى عمق المعرفة والاطلاع المستمر، فتتمنى عندها لو كانت الشعوب العربية بمثل هذه الثقافة والفكر، وهذه النقطة المهمة - التي ذكرتها - يشهد عليها كثير ممن خالط المثقفين العمانيين.


مختصر كلامي... أن الحديث عن أخلاق وثقافة الشعب العماني - الذي يعيش بسلام وتقبل للاختلاف بين أفراده - يثير في النفوس الفخر... فتقول في نفسك إنها المدرسة العمانية العريقة، التي لا بد أن تدرس في زمن تغيرت به المبادئ والأخلاقيات، فنحن مع شعب يجمع بين أخلاقه الدينية، التي تربى عليها والارتقاء بالعلم والثقافة من دون التنازل عن أسلوب حياته، ويكفي أن افتخاره بعروبته وعاداته وتقاليده، هي أمور مسلمة لا نقاش بها ولا جدال، فشكراً لعمان قيادة وشعباً، الذي تعلمت منه الكثير خلال زياراتي لأرضه الطيبة، ووجدت ما كنت أبحث عنه من سلام وأمان وسكينة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي