No Script

«غُربة الذكريات»... باكورة أعمال جمال الجمّال

u00abu063au064fu0631u0628u0629 u0627u0644u0630u0643u0631u064au0627u062au00bb
«غُربة الذكريات»
تصغير
تكبير
الروائية اللبنانية جمال الجمّال تطل إلينا بباكورة نتاجها الأدبي عبر مرويتها «غربة الذكريات» الصادرة عن مؤسسة الرحاب الحديثة للطباعة والنشر والتوزيع/‏ بيروت 2015. تنحاز في مرويتها إلى أدب السيرة الذاتية، وهي مغامرة سردية مفتوحةً في مدونات السيرة والتي عرفها تاريخ العالم الأدبي مع فارق سياقها وثقافتها المجتمعية، لم تستطع الكاتبة التملص لتقف كراوٍ محايد، بل بقي صوتها الأعلى، دأبت من خلاله التأثير على متلقيها، ببثه كجمل شعرية ناعسة في آن وآخر تنحى به صوب الأغنية الرومانسية، لتحاذي القارئ بفيروز، تركته تحت سطوة رخيم صوتها، تدغدغ فيه مواطن الحس الكامن: يا حبيبي شو نفع البكي/‏ شو الو معنى بعد الحكي/‏ ما دامها قصص كبيري/‏ وليالي سهر وغيري/‏ بتخلص بكلمة صغيري/‏ حبوا بعضن/‏ تركوا بعضن.

وبين فضائين متصلين منفصلين بيروت وباريس، دونت رحلتها المشبعة بالانكسارات التي تعود مرجعيتها للعادات والتقاليد البائسة التي تعالت على رفعة الحب، حين دلفها القدر في عشق فلاح يتلمس خبز يومه، وهي ابنة الحسب والنسب، لتضيع بين عشقها واسم العائلة المقدس، وفي لحظة تجلي وانكشاف ترمي ببيضة عشقها في كفة ميزان الحب، تنحاز له بتجرد، تعلن قيامته، لتستفيق بعد برهة من غيبوبة حريقها، والذي لم يكن بالمطلق ألا اشتهاء للجسد وأن الحبيب ليس إلا صياد ماهر، وهنا تبدأ المعركة الحتمية بين القلب والعقل، القلب الذي يشتعل تحت ضربات القبل من شفاه حبيب متمرس، والعقل الذي دق ناقوس الخطر من مغبة المغامرة، لينتصر الأخير وقت انقشعت الرؤية: كل الذين أباحوا أجسادهم صبت عليهم غضبها، عندما استبيحت باسم الحب واحتقروا أنفسهم، مقتنعة بقول مايكل كولنز بأن: كل إرادةٍ لا تتغلب على العاطفة تنهار وتفشل. لم تفض بها المواجهة أمام عائلة مركبة وحبيب خان الثقة، إلا بالفرار نحو فضاء آخر تحمل إرثها القديم الجديد بتحدٍ قائلة: أصبحت آلة بلا مشاعر، عندي مهمة صعبة عليّ إتمامها: أولاً دفنك من دون مراسم عزاء، وثانياً قهر ذكرك ورد الصاع صاعين. تُوقف نشيجها بالقول: للكلمات جروح غائرة تركت ندوبا في روحي أقوى من فعلته. وتوقع مقتنعة بمقولة أندريه موروا: الحب يتحمل الموت والبعد أكثر مما يتحمل الخيانة.

وعلى الرغم من انسلاخها من واقعها القديم لم تستطع الخروج من جلباب عائلتها المتعالية، امام زميلاتها، حين كانت تحكي عن مجوهراتها وفساتينها اللندنية ومعاطف الفرو، عملت بجهد جلي في صناعة شخوص مدونتها، لتجعلهم أقرب إلى المتلقي، بكل نزعاتهم النفسية، الأب المتسلط/‏ الخادمة الحنونة/‏ الأم المنشغلة بالإتيكيت لتجاري مثيلاتها، جاء هذا على حساب حرمان المتلقي من متعة الوصف لطبيعة الأماكن التي زارتها أو أقامت مثل الجنوب اللبناني/‏ شوارع لندن وباريس التي سكنتها طويلاً وهي تزور اللوفر والشانزليزيه وغيرهما، لكنها قارئة متمكنة استطاعت تمرير مقولات لعالميين كبار في نصها، من دون أن يشعر القارئ أن هذه المقولات أتت دساً أو حشواً، وهذا يعني أنها أعدت عدتها مسبقاً وعن سابق إرادة وتصميم، قبل ارتكاب معصية الكتابة، قالت الحقيقة في مرويتها، لكنها لم تكتبها كاملة، وكي تغريني دعتني للاستماع إلى أغنيتها الفرنسية المحببة: الصدق هو كلمة وحيدة في عالم ليس فيه إلا المنافقون، وإيجاد الصدق هو شيءٌ صعب في هذا الوقت، وهو أكثر ما أريد منك على الإطلاق، والرواية مشاركة الآن في معرض الكويت الدولي للكتاب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي