No Script

نسمات

جدد حياتك! (1 من 2)

تصغير
تكبير

لا يشك عاقل في أننا نعيش في عصر القلق والتوتر، ولا يكاد يصحو الإنسان في الصباح الباكر إلّا وتمر عليه عشرات المنغصات، التي تكدر عليه صفو حياته وتشتت أفكاره وتدفعه الى الحزن واليأس!
سطر الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - كتاباً مفيداً يتناول طرق التعامل مع منغصات الحياة اسماه «جدد حياتك» استوحاه من كتاب ديل كارنيجي المشهور: «دع القلق وابدأ الحياة»، وقد سطر فيه نصائح قيمة تعين الانسان على التعامل مع مشاكله وحل المعضلات اليومية التي يواجهها، وذلك بربطها بتعليمات الدين الاسلامي ونصائحه وتوجيهاته، أذكر بعضاً منها:
أولاً: «عش في حدود يومك»... يقول فيه: «من أخطاء الانسان أن ينوء في حاضره بأعباء مستقبله الطويل، لماذا تخارك الريبة ويخالجك القلق؟! عش في حدود يومك فذاك أجدر بك واصلح لك»، ثم ذكر خلاصات عدد من التجارب التي خاضها رجال ناجحون، رجال لم يقلقوا من الغد المرتقب، بل انغمسوا إلى الأذقان في حاضرهم... يواجهون مطالبه ويعالجون مشكلاته، فآمنوا بهذا المسلك الراشد يومهم وغدهم جميعاً، ولخّصوا تجاربهم في كلمات «ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا بهتاً من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيّن».


وهذه النصيحة متسقة مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
إنك تملك العالم كله يوم تجتمع هذه العناصر كلها في يدك، فاحذر أن تحقرها.
وصدق الشاعر إذ يقول:
سهرت أعين ونامت عيون
في شؤون تكون أو لا تكون
إن رباً كفاك بالأمس ما كان
سيكفيك في غد ما يكون
ثانياً: «الثبات والأناة والاحتيال»، يقول الغزالي:
«إذا دهمتك شدة تخاف منها على كيانك كله، فما عساك تصنع؟
تدع الروع ينهب فؤادك، والعواصف الجائحة ترمي بك في مكان سحيق، أم تقف مطمئناً، وتحاول أن تتلمس بين هذه الضوائق مأمنا يهديك إليه الفكر الصائب؟
يقول ديل كارينجي:
1 - أتسأل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟
2 - ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات.
3 - ثم أشرع في انقاذ ما يمكن انقاذه.
لا شك أن الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر فيما حوله، هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة!
ويؤكد ذلك قول الشاعر:
اقول لها وقد طارت شعاعاً
من الأبطال ويحك لن تراعي
فإنك لو طلبت بقاء يوم
على الأجل الذي لك لن تطاعي
المؤمن الراشد يفترض أن أسوأ ما يقلقه قد وقع بالفعل، ثم ينتزع مما يتبقى له عناصر حياة تكفي، أو معاني عزاء تشفي!
أعرف رجلاً قطعت قدمه في جراحة أجريت له، فذهبت إليه لأواسيه، وكان عاقلاً عالماً، وعزمت أن أقول له: «إن الأمة لا تنتظر منك أن تكون عداء ماهراً، ولا مصارعاً غالباً، إنما تنتظر منك الرأي السديد والفكر النير، وقد بقي هذا عندك ولله الحمد» وعندما عدته قال لي:
(الحمد لله، لقد صحبتني رجلي هذه عشرات السنين صحبة حسنة، وفي سلامة الدين ما يرضي الفؤاد) وللحديث بقية بإذن الله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي