No Script

نفسياسي

«الآيلتس»... والعنصرية!

تصغير
تكبير

في الزمانات - على «قولة» القدماء - كنا عندما نتخرج من الثانوية العامة ونتقدم لطلب الالتحاق ببعثات دراسية، كان قبول الفرد منا مشروطاً باجتيازه لاختبارات اللغة الإنكليزية، وكثيراً ما كان أحد المقبولين يمضي سنة أو أكثر بقليل حتى يستطيع تحصيل التعليم اللازم لاجتياز تلك الاختبارات، وكانت الحال كذلك حتى تم تغييره بالقبول الفوري للطلبة وابتعاثهم مباشرة للدول الأجنبية لدراسة اللغة قبل التحاقهم بالدراسة الجامعية هناك، وهو ما حدث - إن لم تخنّي الذاكرة - قبل عشر سنوات لا أكثر.
ما حدث بعدها هو مشكلة كبيرة بكل المقاييس، فالعديد من الطلبة تعثروا في دراسة اللغة في البلدان التي ابتعثوا إليها، ما نتج عنه إلغاء بعثاتهم وتحمل الخزينة العامة للدولة عشرات الملايين من الدنانير كان من الممكن توفيرها لو استمررنا بالعمل في النظام القديم الذي يشترط النجاح في اختبارات اللغة قبل مباشرة الابتعاث فعلياً، ناهيك عن ضياع العديد من المقاعد الدراسية والتي كان من الممكن أن تكون من نصيب طلبة كويتيين آخرين... وهو الوضع الذي قصدت وزارة التعليم العالي تغييره قبل أشهر قليلة بقرارها القاضي بالعودة للعمل بالنظام المعتمد... أيام «الزمانات»!
 هذه هي القصة بكل اختصار، إلا أننا في الكويت اعتدنا - وبفعل تخبط حكوماتنا المتعاقبة - على التشكيك في كل ما تقوم به الحكومة والبحث عن أسباب تآمرية تفسر قرارات الحكومة وتحركاتها، وهو ما حدث أيضاً في موضوع اشتراط اجتياز اختبار «الآيلتس» للحصول على بعثة دراسية، فكان أن سمعنا من ينادي بإلغاء هذا القرار الإصلاحي بحجة أنه يخدم خريجي المدارس الأجنبية على حساب المدارس الحكومية، وهي حجة متهافتة، فهي تفترض أن الدرجة المطلوبة في الامتحان المذكور هي درجة استثنائية لا يتحصل عليها إلا طلبة المدارس الأجنبية، وهو كلام غير صحيح، فالدرجة المطلوبة في متناول الجميع ومن غير الصعب أبداً أن يحصل عليها طلبة المدارس الحكومية رغم قناعتي بتخلف مناهج اللغة الإنكليزية في التعليم العام!


 ورغم رفضي لحجج من يريد إلغاء اشتراط النجاح في الاختبار المذكور، إلا أن النقاش في هذه الحدود هو نقاش موضوعي ومقبول، لكن ما طرأ أخيراً من تصعيد عنصري يرى في ذلك القرار استهدافاً لأبناء القبائل والطلبة المتدينين، باعتبار أن أغلبهم يدرسون في المدارس الحكومية، هو أمر يكشف عن حالة عارمة من التسييس في تناول أي قضية في مجتمعنا بما لا يدع مجالاً للنقاش المنطقي ذي الأبعاد الفنية ليأخذ وضعه الطبيعي في حل نزاعاتنا!
 كلنا مع نقد الحكومة بلا أدنى شك، ولكن معارضة الحكومة «عمال على بطال» ستدفعنا مجبورين لتطبيق مقولة الراحل خالد النفيسي في مسرحية حامي الديار، ولكن بصيغة مختلفة، فقد قال الراحل:
«ترى انتو تحدونا نصير معارضة»...
ولكننا سنضطر للقول للمعارضة الخاوية...
«ترى انتو تحدونا نصير حكوميين»!

 alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي