العارف بالإسلام ومنطقه لا يمكن أن يقول إن نظرة الإسلام تنحصر بالعلوم الدينية فقط، بل هو جامع لكل ما أفاد العقول، مشتمل على جميع العلوم؛ علوم الدنيا والدين؛ فإن دخول الناس في سائر العلوم مطلوب، وكلها علوم داخلة في إطار الإسلام، ومن المعلوم أن قدماء المسلمين قد تعرفوا على علوم الدنيا كالطب والأدب والتاريخ، ففي كل تخصص إنجاز، وكلها مكملة لبعضه؛ فالطبيب لا يعالج بلا أجهزة وهندسة! والمساجد لا ترتفع إلا ببنيان! ولم يبق مجال في العلم مما نعرفه اليوم إلا وكان المسلمون قد أسسوه وبرعوا فيه.
وظل فضل هذا العلم حتى الآن، ولن ينقطع فضل العلم لمن تعلّمه، وعلّمه، ففي الحديث الشريف: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»... لفظ: «علم ينتفع به»، دل أن العلم بكل أنواعه يبقى نفعه، ويستمر أجر من نشره حتى بعد انقطاعه عن الدنيا.
لا خلاف أن معرفة أمور الدين واجبة على المسلم، وحضور مجالس الذكر لها فضل عظيم؛ ولكنها لا تمنعه من التخصص في علوم أخرى تفيد الناس، ومع ذلك لا يظن من جلس في حلقات الذكر والمواعظ صار متخصصاً في علم دقيق من علوم الشرع كالفقه أو التفسير حتى لو حضر واستمع فلا يعني أنه وصل مرحلة المعلم؛ فالتخصص في علوم الدين لا يؤخذ بالمشاركة في المجالس الشرعية، والاستماع إلى الندوات، والاشتراك في دورات، ولكنه يبقى طالب علم.