No Script

مرارات وانتصارات وإنجازات وأحلام في «جلْسة» لم تخْلُ من الدموع

«فراشات» الرئيس عون الثلاث تحدّثن إلى «الراي» عن حكاية الأب و«الجنرال» و... سيّد القلب والقَصر

تصغير
تكبير
  • ميراي «عقل الرئيس» ومستشارة رئيسية... وشانتال «قلْبه» ونقطة ضعفه... وكلودين «الذراع» و«الجوكر»

3 فارسات شعارهنّ  «الكل في سبيل الواحد  والواحد في سبيل الكل»

ميراي «مميزة ومثقفة  وصلبة وثائرة  ولديها وسائل إقناع  وتشبهني بالكاراكتير»

كلودين لا يُتْعِبُها  تعدُّد المهمات  من رئاسة الهيئة  الوطنية لشؤون المرأة  إلى الهمّ البيئي

شانتال «عند الحاجة  موجودة»... همُّها  مكتومو القيد  والصحة النفسية

التغيير يبدأ خطوة خطوة  وهو في يد المواطن  وعلى مرمى صندوقة  الاقتراع

ساحات النضال تعرفنا  وكنا بجانب الرئيس دائماً   فهل نتركه الآن؟

الكلام عن الإقطاع  العائلي والتوريث  «رغوة إعلامية»  في ظل وجود انتخاباتٍ

لسنا بحاجة إلى دور  فما نقوم به يحتاج  إلى تعب وفيه جهد  وليس وجاهة

هدفنا تحقيق إنجازات  على مستوى قضايانا  ونحن لا نحتاج ألقاباً

مسؤولات حيال  إنجاح العهد انطلاقاً  من مستوى آمال العونيين  ولنثبت لمَن لم يؤيدوا  الجنرال أنه كان  «لازم تحبّوه من قبل وأكثر»

العلاقة كانت وطيدة  كثيراً بين الجنرال  وجبران باسيل وهي  لم تأتِ من صدفة  أو بسحرٍ بل بُنيت  بالتجربة والامتحان

لا يعنينا القيل والقال  عن صراع الأصهرة...  علاقتهم عائلية ونتغدّى  معاً كل يوم أحد  والجلسة مهضومة بيننا

الرئيس القوي هو الذي  لا يأتي وحيداً  ويحمل شرعية شعبية  عبر كتلة وازنة

أصبحتْ لدينا مناعة  لكثرة ما تَعرّضنا لحملات  إعلامية وادعاءات

نحن عائلة برأسٍ  واحد هو ميشال عون

الوالدة كانت صخرة  لم تفارق الجنرال يوماً  لا في المنفى  ولا في لبنان

رأي الوالدة «ما بصير تنين»  وهي حافظتْ على العائلة  وشعارها كان دائماً  «العائلة ثم العائلة ثم العائلة»

الجنرال غالباً ما يردّد  إن الأهم هو الوحدة الوطنية ... «مية حرب مع برّا  ولا حرب جُوّا»

لم نشعر يوماً بأن هناك  أي عائق يحول دون  أن نتحدث مع الجنرال  بأي موضوع على الإطلاق ... فلا «تابوهات»

«الجنرال إنسان  إيجابي جداً لا يعرف  الإحباط ولا اليأس


الخوف والقلق دائمان  على الرئيس...  وهذا الإنسان لا يستحق  نظَر البعض إليه بسلبية

تعلّمنا من الرئيس  أن ما من تجربةٍ سيئة  في الحياة فكل تجربة  تعلّمك شيئاً

 

... من القصر، وإلى القصر... من 13 أكتوبر 1990 إلى 31 أكتوبر 2016، 26 عاماً من عمر وطنٍ وعائلة و«جنرال» أُجبر على مغادرة مقر الحكم (شغله كرئيس حكومة عسكرية انتقالية) على متن دبابةٍ ذات صباح قبل ربع قرن ونيف ليعود إليه رئيساً «كامل المواصفات» بعدما «أَجبر» خصومَه على فتْح أبواب القصر أمامه في ما يشبه عملية «إنزالٍ سياسي» خلف «خطوط فراغٍ» استمرّ لنحو 30 شهراً.
... بين الـ «تشرينيْن» مرّ في السياسة أكثر من عهد، ولكن في «روزنامة الجنرال» بدا وكأن «الزمن الرئاسي» بقي متوقفاً ليس عند محطةٍ طواها وحملتْه إلى المنفى الباريسي 14 عاماً، بل عند عهدٍ قطعه بأنه «رح نرجع نتلاقى» في «بيت الشعب»... وهكذا كان.
... 3 «فارسات» ميراي، كلودين وشانتال، هنّ عقله وذراعه وقلبه... كنّ معه «عالحلوة والمُرة»... و«يوم الرجوع» إلى القصر الذي غادرْنه بـ «رأس مرفوع» كانت الدموع موصولة إلى فوق... إلى السماء حيث الشهداء الذين لم تمت قضيتهم بل نتصرتْ ولو... بعد حين.
... هكذا قلن قبل نحو 15 شهراً، يوم وقفْن أمام باب الملجأ في القصر الذي «حَبسن» ذكرياتهن فيه، وليس الدمعة التي حكتْ ألف قِصةٍ وغَصّة عن يوم 13 أكتوبر حين طلبتْ كلودين من «الضابط منير» أن يطلق النار عليها وعلى شقيقتيْها ووالدتهن (السيدة ناديا) «إن حاول أحد أسْرنا لمقايضتنا بالجنرال»، وحين رفضت «الست ناديا» المغادرة (بعد دخول الجيش السوري) قبل إطلاق كل المدنيين «الذين كانوا يختبئون معنا».
أمام باب الملجأ في 2016، كان صدى الألم الآتي من بعيد أقوى من لحظة الفرح بـ «عهد الأمل» الذي احتفلن به يومها مع «الشعب اللبناني» على أن «يبدأ العمل غداً»... فماذا في حصاد عام انطوى من عهدٍ تطلّ سنته الثانية خارجياً من الكويت التي يزورها «فخامة الجنرال» اليوم والتي تجمعها أوجه شَبَهٍ كثيرة مع لبنان؟
مع «فراشات» الرئيس عون، أو «بنات الجنرال» اللواتي لم يسبق أن اجتمعْن في إطلالةٍ صحافية معاً، تقلّب «الراي» الأشهر الأولى من عهدٍ «تعهّد» سيّده بأنه سيبدأ «بعد الانتخابات»... عهدٌ وُلد من رحم 3 تفاهمات وطنية أوصلت «عماد الجمهورية» إلى الرئاسة: مع «حزب الله» و «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية»، ورغم ذلك تبدو طريقه أبعد من أن تكون «مفروشة بالورود»، وكأن «أشواك» التناقضات بدأت تثقله في لحظةٍ إقليمية وضعت المنطقة أمام مفترقٍ يشي بأن ينعطف معه تاريخها وتوازناتها... لحظة يجد لبنان نفسه «في قلبها» وعيْنه على الحدّ ما أمكن من «تشظياتها».
«الراي» خلف «أسوار» عائلة الرئيس،«صندوقة أسراره» التي جعلتْ منه رجلاً طبع تاريخ لبنان الحديث وتحوّل ظاهرةً، باعتراف خصومه والمؤيدين... عاش «المجد» وتَعايش مع الخيبة، لامس «الانتصارات» وتلمّس طريقه من «الهزائم»... وفي كل الحالات كان بالنسبة الى بناته الثلاث «الثورة الدائمة» وهنّ... ثروته الأكبر.
... أكثر من ساعة ونصف ساعة في ضيافة «بنات العهد»، السيدة ميراي عون الهاشم، السيدة كلودين عون روكز، السيدة شانتال عون باسيل... في جلسةٍ حول «طاولة مستديرة» حضرتْ عليها عناوين «بنت الساعة» وأخرى من زمنٍ «دار دورته» ولكنهن لا يحملن منه أيّ «ثارات» فـ «الأحقاد ليست سوى أثقال تكبّل المرء وتأسره في الماضي وتمنعه من التطلع الى المستقبل وطبعاً من التقدم».

... 3 سيدات حول الرئيس لسان حالهنّ أنهن «تلات دقات في قلب واحد» الى جانب «الجنرال»الذين يدركن ان «ما حدا بعبي مطرحهنّ في قلبه»... بـ «لمْعةٍ» كأنها «بريقُ» فخرِ واعتزاز تتلألأ عيونهنّ كلما تحدّثن عن «فخامة الأب»الذي يراه كثيرون «رجل الجبهات» في الميدان والسياسة، فيما يبقى بالنسبة إليهن ابن مدرسة...«الجباه المرفوعة».
وخلف الـ «لمْعة»، احتجبتْ أكثر من دمعة انهمرتْ أكثر من مرة خلال الحوار الذي كان «بلا قفازات» ويشبه «بنات الرئيس» اللواتي يعشن «حقيقتهنّ» تحت الضوء بعدما خرجن من الظلّ ليصبحن مرآةً لعهدٍ يختزل في أحد وجوهه مسيرة نضالٍ عمرها نحو 3 عقود ولم «تسترِح» يوماً ولن تفعل... اليوم.
... من المكان الى الزمان، من المشاعر الى الخُلاصات، كلّها «إشارات» الى طبيعةِ علاقة «الكل في سبيل الواحد والواحد في سبيل الكل» التي تربط بين «الفارسات الثلاث» اللواتي تعيش اثنتان منهنّ في المبنى نفسه (كلودين وميراي) فيما تقطن شانتال «على بُعد دقيقتين».
وهذه «الجغرافيا» ليست إلا «ترسيماً» لرابطٍ «فوق الدم» يجمع بين شقيقاتٍ سبق ان قارنتهنّ شانتال بالخاتم الثلاثي Trinity بحلقاته الثلاث المتشابكة والمترابطة «وكل منها بلون» ولكن «المعدن واحد» ومحفورٌ عليه «معاً إلى الأبد».
وفيما تؤكد ميراي «ان ما يجمعنا أكبر من ان يفرّقه أي إنسان أو شيء، هكذا كان الحال منذ الطفولة مروراً بما عشناه في فترة 13 أكتوبر وما بعدها، وصولاً إلى ما حققناه في حياتنا الشخصية والمهنية»، تشدّد كلودين على «ان المحبة التي تربطنا هي قيمة أساسية ترعرعنا عليها في البيت إلى جانب الاحترام والتسامح وقبول الآخر كما هو، والتربية التي ترتكز على القيم هي الكفيلة بتنشئة أجيالٍ تحكمها في علاقاتها مع الآخرين وحياتها ثوابت وركائز تكون دليلها في عالم مليء بالتحولات». أما شانتال فتقول:«صحيح اننا ملتصقات ببعضنا» ولكننا لسن «مستنسَخات» عن بعضنا كما أننا لا نحمل أفكاراً أو خيارات «معلّبة»، فنحن نشأنا وتأثّرنا بوالدٍ لديه حس القيادة الذي زَرَعَه فينا، وبوالدةٍ لا تقلّ صلابةً وتأثيراً. نعم نتشارك المبادئ نفسها ولكن لكل منها فرادتها، وليس بالضرورة ان نتفق على كل شيء ولكن الأكيد «أننا قلب واحد وأنّ ما يجمع بيننا لا يمكن أن يفكّه أحد».
وهذه «الروح العائلية» تفسّر وجود الشقيقات الثلاث في «المدار الرئاسي»، كلّ في «مهمة» ولدورٍ ولكن بلا أي راتب من الدولة... ميراي «عقل الرئيس» لأنها «مميّزة ومثقفة وصلبة وثائرة ولديها وسائل إقناع وتشبهني بالكاراكتير» كما سبق للرئيس عون أن وصفها، هي مستشارةٌ رئيسية في «القصر» حيث لها مكتب خاص، وهي ساهمتْ في تشكيل فريق العمل الاستشاري والمعاون للرئيس عون، ودورُها تنسيقي في هذا المجال إلى جانب متابعتها شخصياً بعض الملفات ولا سيما الاقتصادية، وهي تجتمع بالرئيس صباح كل يوم في سياق اللقاءات التي يعقدها مع فريقه الاستشاري بين الـ 7.30 والعاشرة قبل بدء اجتماعاته الرسمية.
كلودين، «ذراع» الرئيس و«الجوكر» والـ Special Assistant، يتركز اهتمامها على مجال التواصل، وكان لها دور في تأسيس فريق التواصل في القصر حيث تتولى الإشراف على مختلف النشاطات التي يشهدها «بمعزل عن الأجندة اليومية التي يهتمّ بها مكتب الرئيس».
ولا يُتعب السيدة روكز ان تتعدد مهماتها، هي التي تتولى رئاسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التي تتصدّر أولوياتها إلى جانب الهمّ البيئي الذي تقاربه بعناية كبيرة، ناهيك عن عملها الخاص كرئيسة لمجلس إدارة شركة الإعلانات Clementine.
وإذا كانت ميراي وكلودين تتمتعان بصفة رسمية ضمن فريق العمل الرئاسي، فهذا لا ينطبق على شانتال «قلب الرئيس» و«نقطة ضعفه» والتي يصحّ فيها «عند الحاجة موجودة» بمعنى أنها جاهزة للمساعدة «في أي مكان وزمان». وإلى جانب بقائها «على سلاحها» للدعم، فهي تهتم بالعديد من الملفات الاجتماعية مثل مكتومي القيد (الأفراد اللبنانيون غير المدوّن اسمهم في الدوائر الرسمية بعدما أُهمل بطريقة ما أو لظروف استثنائية - كوفاة الأهل والحرب وغيرها - تسجيل قيدهم في دوائر الأحوال الشخصية)، الذين تحاول المساعدة على تسهيل إنهاء وضع «أنا ما حدا» الذي يجعلهم غير قادرين على ممارسة أبسط حقوقهم و«هذا من أفظع الفظائع». وأيضاً ملف التوعية على الأمراض النفسية بكافة تصنيفاتها الـ 450 «باعتبارها ليست عيباً ولا Taboo وقابِلة للعلاج».
ورغم ان «بنات الرئيس» صرن من «الحلقة الأضيق» حوله في موقعه على رأس الدولة تماماً كما حين كان «رأس حربة» المعارضة، إلا إنهن لا يعترفن بـ «فوق وتحت» عندما يتعلق الأمر بمقاربتهن لشؤون الوطن وشجون الناس، «نحن لم نكن يوماً إلا مع الناس، ونحن منهم ولهم ولم ننظر إليهم يوماً من فوق... وهكذا كان وهكذا سيبقى عليه الحال».
واذا كان رنين هاتف كلّ منهن الذي لا يهدأ يعكس حرصهنّ على «إبقاء الأذن مفتوحة لما يريده الناس الذين لم يتركونا يوماً»، فان «العين» التي باتت ترى عن كثب كيفية دوران عجلة الحكم لم «تلتقط صورةً» كاملة بعد عن مسار الواقع اللبناني والعهد مع إطفاء «شمعته الأولى».
وإذ تبدأ كلودين مقاربتها من «العِبرة - المفتاح» التي يعبّر عنها وصول العماد عون الى سدة الرئاسة بعد كل فترة النضال وما تخللها من معاناة ومعوقات ومفادها «ان الصمود والصبر والإيمان بالحق لا بد أن يوصل الى انتصار القضية ولو احتاج الأمر أكثر من ربع قرن»، تشير الى «أننا أمام تحدي أن نكون على قدر المسؤولية بعدما انتهت مرحلة سوء التمثيل في الموقع الرئاسي وتتّجه إلى الانتهاء على مستوى التمثيل النيابي بفعل قانون الانتخاب»، موضحة «ان مسيرة التغيير بدأتْ، وحققنا إنجازات أمنية باهرة، الى جانب قانون الانتخاب والعديد من التعيينات والموازنة العامة، وكلها ركائز تحضيرية لبدء مرحلة استنهاض البلد».
بدورها تؤكد ميراي أهمية قانون الانتخاب وما ستعبّر عنه الانتخابات النيابية المقبلة استكمالاً لما أسّس له انتخاب العماد عون «الذي أَدرك بعد التجربة السيئة جداً بانتخاب الرئيس ميشال سليمان العام 2008 ان تحقيق الإصلاح الفعلي يحتاج الى وصوله شخصياً الى الرئاسة وليس (توكيل) او(تفويض) أحد هذه المهمة»، لافتة الى ان «سوء التمثيل شكّل مشكلة محورية في ما عاناه لبنان من أزمات، ونظامنا في ذاته يستولد أزمات سياسية، والخلل الأساسي هو قانون الانتخاب الذي يشكل ألف باء أي نظام ديموقراطي على قاعدة أن يوفّر التمثيل الصحيح وانتظام عمل المؤسسات بما يسمح، مع الاستقرار الأمني وتفعيل عمل القضاء، بجذب المستثمرين ووضع البلد على سكة الازدهار».
أما شانتال فترى «ان العهد يحمل معه رواسب ما عاشته البلاد منذ العام 1990 من إدارة سياسية واقتصادية»، مذكّرة «بما قاله الجنرال حين عاد إلى لبنان العام 2005 من ان معركة التحرير انتهت وبدأت معركة التحرر، وهذا مهم جداً، وقانون الانتخاب الجديد ان شاء الله يتيح للناس، مع ما تضمّنه من اصلاحات، التحرّر من قيود عدة بما يسمح بوصول برلمان يؤمن التمثيل الصحيح وانتظام اللعبة السياسية ضمن الأطر الديموقراطية».
خلال العام الأول من العهد برزت مطبّات عدة وصعوبات في السياسة وغيرها، ما جعل البعض يسأل هل ما زال يمكن القول «ايه في أمل» أم ان قدَر لبنان أن يدفع أثمان الجغرافيا والا يتعلم من التاريخ؟
ترفض «بنات العهد» محاولات تيئيس الناس، وإن كنّ يعتبرن ان الجواب الفعلي «يكون بعد الانتخابات» مع تأكيد «ان التغيير يبدأ خطوة خطوة» وفق شانتال، لتلاقيها ميراي:«التغيير في يد المواطن وليس اي أحد آخر، والمطلوب ان يقتنع الناس ان الدولة دولتهم وان تغيير الواقع ليس إلا على مرمى صندوقة الاقتراع والاقتناع بأن قيام دولة يستحقّها اللبنانيون تستأهل النضال من أجلها».
وجود الشقيقات الثلاث في الواجهة منذ انتخاب العماد عون قارَبه البعض على انه قدّم صورة ايجابية عن العهد نظراً الى خصال «بنات الرئيس»، في حين ذهب البعض الآخر الى اعتبار أن حضورهن مع الأصهرة حوّل القصر في مكان ما و «التيار الحر» الى ما يشبه «حزب العائلة» وكأنه «إقطاع عائلي».
 تسارع كلودين الى الردّ بـ «ان ساحات النضال تعرفنا، وكنا بجانب الرئيس ومن رفاق درب النضال كما كل الذين ساروا معنا في هذا الطريق. عايشنا مرحلة القمع والقهر، وشانتال وانا عدنا الى لبنان (بعد زواجنا) وكان ذلك في 1997 و 1999. وهل المطلوب ان نستقيل من أدوارنا الوطنية وان نكتفي بـ «التلقي» والتفرج عن بُعد وترْك الرئيس اليوم حين انطلقت مسيرة بناء الدولة، فقط لأننا بناته رغم ان كلاً منا أسستْ نفسها مهنياً وشخصياً على مدار الأعوام السابقة وتالياً لسنا باحثات عن أدوار ننظر اليها في اي حال على انها مسؤوليات نبذل في سبيلها الوقت والجهد؟».
بدورها ترفض ميراي منطق «ان يُطلب منا الجلوس في البيت اليوم في حين لا ينفك الناس يقصدوننا لمساعدةٍ في هذا المجال أو ذاك، هم الذين يعرفوننا منذ 20 أو 25 عاماً». وتضيف: «نحن فريق عمل وليس علاقات عامة، ونحن وراءنا التيار والعونيون، وأسهل طريق بالنسبة إلينا الانكفاء ولكننا مناضلات بتربيتنا ومسيرتنا. ثم ان الكلام عن الإقطاع العائلي والتوريث وكأن بالإمكان فرض شخص على الناس هو (رغوة إعلامية). إذ في ظل الانتخابات لا أحد يمكنه أن يفرض على الناخب انتخاب ابن هذا السياسي أو ابنة ذاك. وما دام الناس هم الذين انتخبوا انطلاقاً من عاطفة تجاه بعض العائلات أو الشخصيات، فهذا لا يمكن تسميته إقطاعاً».
أما شانتال، فتؤكد «لسنا بحاجة إلى دور، فما نقوم به يحتاج الى تعب وفيه جهد وليس وجاهة»، وتضيف: «يحكى الكثير في هذا السياق عن (الوزير) جبران (باسيل). وأنا تعرّفتُ إليه مناضلاً في التيار وربطتْنا قيم مشتركة وهو سُجن في سياق نضاله. وهذا رجلٌ عمل بجهد وصعد السلّم (درجة درجة) ولم يتولّ وزارة لأنه صهر الجنرال، وميراي ليست مستشارة لأنها ابنته بل لأنها تستحق، وكلودين تعمل على قضايا البيئة لأنها مناضلة بيئية في الأساس».
سبق الرئيس عون في مستهل عهده ان تحدّث عن انه يعدّ خليفته، أي واحدة من «بنات الرئيس» تشعر بأنها المعنية والأقرب لأن تكون «السيدة الأولى» المقبلة، أطال الله بعمر «الجنرال»؟
بعد ان تشير كلودين الى ان الرئيس «لم يقل ذلك تماماً»، تجيب ميراي:«ما من شك ان الوزير باسيل هو اليوم رئيس حزب (التيار الوطني الحر) وهي فرصة بعدما اختاره الجنرال، وهذا حقّ كل مؤسِّس في العالم بأن يكون له أفضليات بالنسبة الى مَن سيخلفه، والناس والعونيون تبنّوا ما اختاره الجنرال، ومن هنا وصاعداً على جبران ان يثبت جدارته وان يكون على مستوى الآمال. وكل اربع سنوات هناك انتخابات داخل الحزب، وتالياً فإن الأمر مرتبط بأدائه فإما يجري التصويت له وإما لسواه إذا كانت هناك خيارات أخرى».
وحين نكرر سؤال: أي منكن تشعر بأنها أقرب لأن تكون السيدة الأولى؟ تسارع كلودين الى القول:«السيدة الأولى، أي زوجة الرئيس؟... لا... لا»، لتضيف شانتال:«لماذا لا يكون أحدهم زوج الرئيسة؟»، فتلاقيها السيدة روكز:«عليكن ان تنتبهن نحن مناضلات من اجل حقوق المرأة».
اما ميراي فتقول:«المجتمع الشرقي لطالما كان متقدماً عن المجتمع الغربي فيما خص دور المرأة ونفوذها تاريخياً. عندما عُينت بنازير بوتو رئيسة حكومة باكستان لم نكن رَأَينا في فرنسا رئيسة حكومة، إضافة إلى انديرا غاندي في الهند».
وهل يمكن ان يكون لديكن طموح على هذا المستوى؟ تؤكد كلودين:«لا ليس هدفنا. كل واحدة منا لها قضية... ميراي في الاقتصاد، شانتال في الاجتماع وانا في البيئة، هدفنا تحقيق إنجازات على مستوى قضايانا، نحن لا نحتاج ألقاباً كسوانا، يكفينا ما حققناه منذ العام 1988 وما نطمح الى تحقيقه في القضايا التي نهتمّ بها».
وتحرص شانتال في هذا السياق على تأكيد «ان الهدف ليس الموقع الذي يتبوأه الانسان، فالأهمّ ماذا سيفعل من خلال هذا الموقع. وهذه من المفاهيم التي نحتاج اليها والتي بدأت تترسّخ في لبنان، فمَن يُرد الوصول الى النيابة او الوزارة او اي مسؤولية أخرى فسيكون على موعد مع التعب والتضحية وبذل الجهد بلا حساب». وتأخذ ميراي دفة الكلام وتقول:«الوظيفة وسيلة لضمان نجاح مشروع معين... أُسأل كل يوم لماذا لا أترشح للانتخابات النيابية، وخصوصاً في ظل الجو الايجابي تجاهي في التيار او في المتن (لان نفوسي في المتن). وطبعاً لن أترشح اليوم، أولاً اذ حتى لو نجحتُ بذاتي فان أحداً لن يعترف بأنني نجحتُ لأنني كفوءة بل سيقال إنني فزتُ لأنني ابنة الرئيس، وهذا أمر مهين بالنسبة لي لأنني ناضلتُ طويلاً في صفوف التيار ومن أجله، وثانياً لأن تعاطينا مع هذه المسألة يستند الى مفهوم خاطئ. أترشح للنيابة إذا كان مشروعنا يقتضي أن أَعْبر النيابة او أشغل منصب النيابة، وعندها أفعل ذلك، لكن ان تكون النيابة او الرئاسة مجرّد هدف في ذاته، فهذا أمر لا يعنينا».
وتضيف:«بصراحة، وكما قالت كلودين، الجنرال وصل الى الرئاسة بعدما كنا كأفراد أسسنا حياتنا وعائلاتنا ونجحنا في حياتنا المهنية. ونحن عشنا تجربة السلطة في العام 1988، والأهم اننا عشنا تجربة ما بعد السلطة، أي الهبوط، وهو هبوط حتمي، ولذا لم أرَ الرئاسة الآن بذهول، ولسنا (مأخوذين) بها، لأننا نعرف ان الأمر مسؤولية». وتتابع:«هاجسُنا تحقيق كل هذه الوعود التي وُعدنا نحن بها قبل الناس لجهة ان يكون لنا بلد مزدهر وعلى مستوى آمالنا وثقافتنا وعلْمنا كلبنانيين... نحن نشعر بأننا مسؤولات حيال إنجاح العهد انطلاقاً من مستوى آمال العونيين ولنثبت للذين لم يؤيدوا الجنرال بأنهم كانوا على خطأ وأنه كان (لازم تحبّوه من قبل وأكثر)».
غالباً ما كان يقال ان الوزير باسيل هو بمثابة الابن الذي لم يلده الجنرال... ما سرّ هذه العلاقة بين الرئيس عون والوزير باسيل؟ تقول كلودين: «هذه علاقة بُنيت منذ العام 1993»، لتضيف شانتال: «إنها علاقة تراكمية مرّت بصعوبات واختبارات وتَعزّزت».
ولكن هل الانطباع صحيح؟ تجيب كلودين: «ما حدا عم ينكرو». ويجب عدم إغفال ان القرب أيضاً يلعب دوره. وعندما يكون المرء مناضلاً سياسياً وعلى مقربة من رئيس حزبه، إضافة الى انه يتمتع برابط عائلي معه، فهذا يعطيه فرصة، ولكن الأهم هو كفاءته.
وتأخذ شانتال الكلام عن زوجها:«ليس ضرورياً التشبيه بالابن ولو كان هذا التشبيه متداوَلاً... العلاقة كانت وطيدة كثيراً بين الجنرال وجبران وهي لم تأت من صدفة او بسحرٍ بل بنيت بالتجربة والامتحان والاختبار عبر مسارٍ طويل واكب خلاله جبران الجنرال».
لبنان على أبواب انتخابات نيابية، وغالباً ما يجري الحديث في الإعلام عن «صراع أصهرة» في عائلة الرئيس عون، ويُقصد بذلك الوزير باسيل والعميد شامل روكز، اللذان سيخوضان الانتخابات ولو كلّ واحد في دائرة، العميد للانتقال من صف العسكر الى مقاعد النيابة، والوزير للعبور الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، اضافة الى السباق على وراثة التيار في ظلّ ما يقال عن شرعيةٍ شعبية عند روكز وشرعية حزبية - سياسية عند باسيل... فما مدى صحة هذا الانطباع؟
تبادر كلودين:«يحكى ويقال أشياء كثيرة وتُنسج قصص أكثر في لبنان... الآن كل يوم نقرأ مقالات عن تركيب اللائحة في كسروان (يتزعمها زوجها العميد روكز). لا يمكن ان نبني على كل ما يقال حقائق وآراء ومشاعر. نحن عائلة من ثلاث بنات، الواحدة للكل والكل للواحد. وفي كل ما له علاقة بالسياسة والنيابة، هناك قواعد في الحزب يلتزم بها الجميع، ونحن نفصل على هذا المستوى».
وعن علاقة الأصهرة بعضهم ببعض؟ تؤكد كلودين «انها عادية، علاقة عائلة تلتقي كل يوم أحد و(نتغدى) معاً». وتضيف ميراي (مقاطِعة وممازِحة) «عايشين فوق بعضنا» (في إشارة الى وجود منزل كلودين وميراي في المبنى عيْنه). و«طول عمرنا في تَنوُّع»، والجلسة مهضومة بيننا، كل واحد له رأي لأن كلاً منا يأتي من تجربة مختلفة. وتجربة جبران غير تجربة العميد، وتجربتهما مختلفة عن تجربة روي (الهاشم)، وتجاربهم غير تجاربنا نحن وهو ما يجعلنا أمام آراء متنوعة، وفي نهاية المطاف يأخذ الرئيس الخلاصة «منا كلنا سوا». وثمة قواعد نعتمدها، فالعائلة شيء والسياسة شيء. والسياسة يحكمها نظام الحزب، النظام الانتخابي، إضافة الى ان هدف الحزب هو تشكيل أكبر كتلة حول الرئيس، وهي الكتلة التي ستكون مكوّنة من حزبيين ومستقلين غير حزبيين مقربين من التيار ولهم حيثياتهم... وهذا هو الرئيس القوي اي الذي لا يأتي وحيداً ويحمل شرعية شعبية عبر كتلة وازنة.
وتضيف:«أصبحتْ لدينا مناعة لكثرة ما تعرّضنا لحملات إعلامية وادعاءات، وما يقال يبقى حيث قيل. المهمّ ما نحن عليه، لدينا آراؤنا وهي غالباً ما تكون متنوّعة، ولسنا نسخة طبق الأصل نعبر عن أنفسنا في إطارنا السياسي والحزبي».
وهل يشاطرن مَن يعتبر أنكم عائلة برؤوس كثيرة؟ تجيب الثلاث معاً...«ماذا يعني عائلة برؤوس كثيرة؟... نحن عائلة برأس واحد هو ميشال عون (يضحكن)».
ولماذا روي الهاشم (الذي يتولى ادارة تلفزيون OTV) بعيدٌ عن الواجهة السياسية، هل لأن لا مكان له ام لأن ميراي «مكفاية وموفّاية»؟ تجيب الأخيرة: «روي في السياسة يحرّكنا كلنا سوا»، وهو «أكثر واحد لديه نفوذ وتأثير علينا جميعاً لأنه لم يأخذ دوراً في الواجهة ما يجعله يتمتع بهامش أوسع. علماً ان روي مسيّس كثيراً لكنه لا يريد ان يأخذ دوراً في السياسة».
واذ تلاقي شانتال شقيقتها ميراي قائلة «مثلي، أنا لا دور لي في السياسة»، تقول كلودين:«الوالدة، لا دور لها في السياسة رغم انها مؤثّرة جداً».
وحين نسأل: يقال ان السيدة ناديا هي «سيدة الظل» و «امرأة حديدية» ولها تأثير كبير، رغم اننا لا نسمع عنها كثيراً ولم نرَها في الاعلام، تجيب كلودين:«لا تحبّ الاطلالة عبر الإعلام أبداً».
وأي صفات تتميز بها؟ تردّ كلودين: «الصفات التي يتحدّث عنها الناس... اسألوا عنها الحزبيين الذين ترددوا الى بيتنا على مدى أعوام طويلة». وتضيف شانتال: «الوالدة لا تحبّ الظهور كثيراً ولا الكلام... تسمع كثيراً، هادئة، ولها رأيها».
العائلة اجتازت مراحل صعبة جداً، فما كان دور الوالدة؟ تقول كلودين: «وقفت بصلابة، غيرها ربما كان انسحب. كانت صخرة، لم تفارق الجنرال يوماً لا في المنفى ولا في لبنان».
وتروي شانتال انه «بعدما تزوجتُ، كنت في لبنان وحين اقتربتُ من وضع مولودي، طلبنا من الوالدة اليها المجيء من فرنسا، ولكنها لم تشأ ذلك... بيننا وبينه (اي الجنرال) اختارتْه فلم تأتِ، وغالباً ما كانت تردّد ذهبنا معاً (الى المنفى الباريسي) ونعود معاً».
هذه الروح في عائلة الجنرال وبين بناته مَن زَرَعها، هل صاحب اللباس المرقّط (فخامة الجنرال) ام الجندي المجهول (السيدة ناديا)... تقول كلودين: «الاثنان معاً»، لتضيف ميراي: «هما سوياً. فرأيها (السيدة ناديا) ما بصير تنين، وهي حافظتْ على العائلة وحضنتها وشعارها كان دائماً العائلة ثم العائلة ثم العائلة».
يُعرف عن الجنرال أنه «الرجل الذي لا يُتوقع»، فهل لبناته الانطباع عيْنه في علاقتهن به؟ وهل فاجأهنّ في موقف ما كالآخرين؟ تجيب كلودين: «في السياسة، في بعض المواقف أكيد، ولكنها ليست كثيرة».
وتضيف ميراي: «في موقفه الأخير خلال ازمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، نحن كعائلة، وأكيد في (التيار)، لم نستغرب ولا نستغرب الموقف الذي اتخذه الرئيس، لكن عندما نرى كيف تَفاجأ جمهور الرئيس الحريري و (تيار المستقبل) بموقف الرئيس عون، تدركون ان البعض لم يفهمه بعد... الجنرال كانت مواقفه دائماً هكذا عندما يمسّ الأمر بجوهر الوطنية، وهو غالباً ما يردّد ان الأهم هو الوحدة الوطنية.(مية حرب مع برّا ولا حرب جُوّا) وهذا ما فعله إبان حرب يوليو 2006. وهذه المواقف كانت متوقَّعة بالنسبة الينا لكنها غير متوقَّعة بالنسبة الى الاخرين».
وكـ «أب» هل كان غير متوقَّع أحياناً في مواقف تتعلق ببناته؟ تجزم كلودين «بالنسبة لي لا»، لتقول ميراي: «في بعض المواقف أرى نفسي متحفظة أكثر منه، في تَحرُّره وجرأته. ورغم تجربته وعمره يتمتع بجرأة وبحداثة لافتتيْن».
وتضيف شانتال: «لم نشعر يوماً نحن بنات الرئيس بأن هناك اي عائق يحول دون ان نتحدث معه بأي موضوع على الإطلاق، أي شيء، بمعنى لا محرمات او (تابوهات)، وأجمل الدروس تلقّيناها منه».
اذا كان ثمة قرارات غير متوقَّعة للجنرال، هل يمكن ان يستشير اي احد منكن؟ تقول كلودين: «لا يستشير بالمعنى المتعارَف عليه، فإلى جانبه فريق عمل...»، لتضيف شانتال (مقاطِعة وممازحة): «لا يحتاج لأن يستشير. نحن كلنا (منطبّ عليه)». وتتابع ميراي:«الى جانب الرئيس فريق عمله. يستشير نعم، لكن ليس على طريقة ان يجمعنا لأخذ رأينا، والأكيد أنه ما من مرة اتخذ قراراً إلا بعد ان يكون سمع آراء الجميع، وأحياناً يتصل. وفي الأزمة الاخيرة إبان استقالة الرئيس الحريري، سمع للجميع واتصل بالكل واتخذ الموقف. وعادةً يكون هناك موقف مبدئي للجنرال وربما يكون اتخذ قراره، ولكنه مع ذلك يحرص دائماً على ان يستمع الى الجميع في محاولة لتحقيق إجماع على الموقف».
يصف الرئيس عون ميراي بـ «عقله» وبـ «الكنار»... إذا أردتِ العودة بـ «الأبيض والأسود» إلى ذكريات الطفولة، أيّ صورة هي الأكثر التصاقاً بذاكرتكِ؟ تجيب: «يوم كنتُ في الرابعة من عمري ويصطحبني الى ثكنة الجيش في صيدا... ورغم مرور أحداث كبيرة وكثيرة وصاخبة في حياتنا، لا أنسى هذا المشهد الحاضر دائماً في ذاكرتي... في ثكنة صيدا برْكة فيها بطّ وأتذكر بـ (الأبيض والأسود) والدي (هو ماشي عمّ بيفكر وانا ماشية الى جانبه والبطّ في البركة). هذه الصورة غالباً ما تراودني في هذه الأيام وأشعر كم أنها حفرت في داخلي من دون ان أدري... وهو ما ظهر الآن في ثقافتي العسكرية والأمنية (لست خبيرة طبعاً) عندما أتحدث في أمور عسكرية وهو ما يثير استغراب مَن حولي».
كلودين، «ذراع الجنرال»، صاحبة الشخصية الديناميكية والمبدعة، كيف تصف العلاقة مع الرئيس التي طغى فيها لقب الجنرال على كلمة بابا... وما أكثر لحظة «مجد وخيبة» تتذكرينها في حياة فخامة الرئيس؟ تردَّ:«الجنرال امام الناس جنرال لكن في البيت هو البابا... بيي papi، وكل ذلك. صحيح أنني ذراعه، لكنني لا أتذكر إلا انني في طفولتي أعانقه وأقبّله، لانه كان يغيب عنا لفترات طويلة وعندما يعود (يغنّجني) كثيراً».
شانتال «قلب» فخامة الرئيس، هل كان يوماً قلبك على الجنرال؟ وهل بكى يوماً؟ تأخذ كلودين الكلام:«بكى يوم عرسي». وتسألها ميراي: «بكى يوم عرسك؟»، فتتدخل شانتال:«ويوم عرسي ايضاً». وتضيف «أكثر اللحظات خوفاً على الجنرال كانت عندما انفصلنا عنه وفقدْنا القدرة على الاتصال به، حدَث ذلك على مدى عشرة أشهر عندما بقي هو في السفارة الفرنسية في بيروت وانتقلنا نحن الى باريس. لم نكن نريد المغادرة إلا سوياً، لكنهم قالوا لنا يومها انه سيلتحق بنا بعد 48 ساعة. وبقينا أربعة أشهر لا نعرف عنه شيئاً ولا نسمع صوته. وفي أحد الايام رنّ الهاتف في بيتنا في فرنسا، وكان هو على الخط. أنا رددت على الهاتف ولا يمكنني وصف تلك اللحظة حين سمعتُ صوته». وتُكْمِل شانتال باكيةً:«اعتقدتُ بمجرّد الاتصال بنا انه خرَج من لبنان، وعندما فهمتُ انه ما زال في السفارة، لا أدري ما الذي حصل لي، شعرتُ بأن شيئاً وقع على رأسي».
وتتابع:«الخوف والقلق عليه، شعورٌ ينتابنا على الدوام، ونخشى على صحته لا سمح الله، او ان يؤذيه أحد ولو بكلمة او ان يهاجمه أحد او يصيبه بالخيبة. هذا الانسان لا يستحق نظَر البعض اليه بسلبية».
ونقول لـ «الفارسات الثلاث» انتن بالنسبة الى الرئيس عون ثروته وهو بالنسبة اليكم كأنه ثورة دائمة... هل تعتقدن انه مع وصوله الى الرئاسة ما زالت شعلة الثورة موجودة لديه؟ تجيب شانتال:«أكثر، وهو يقول إنه في المعارضة كان مرتاحاً أكثر، والجميع شاهدوا كيف تصرف إبان أزمة الرئيس الحريري».
«الجنرال الجَدّ» له 10 أحفاد كيف هي علاقته بهم؟ وهل لأحدهم ميزة خاصة عند الرئيس؟ تجيب شانتال:«لا يميز بينهم، لكن بحسب مَن يأتي اليه أكثر ويجلس معه، فهم الذين يأتون اليه».
وتضيف ميراي:«هو ليس كالجد التقليدي الذي نعرفه، ففي النتيجة هو رجل مسؤول وليس لديه متسع من الوقت»... وتتابع شانتال:«حتى معنا كذلك، فحياته لم تسمح له بأن يكون غير ذلك لكن دائماً ذراعه مفتوحة لمَن يأتي اليه ويتدلل عليه».
وأي كلمة يمكن ان تتوجّهن بها الى الرئيس - الأب؟ تجيب ميراي (بعد ان تضحك) «مش على الاعلام». اما كلودين فتقول: «أشكره على كل شيء، على القيم التي علّمنا إياها وعلى العاطفة والمثال الذي قدّمه لنا وعلى المشاعر التي عشتُها معه، وهذه المشاعر لا تتاح لكثيرين، المَشاعر الوطنية والمجد، وعلى الحياة الاستنثائية».
ولم تتأخر شانتال وميراي في مشاطرة كلودين هذه الرسالة.
تتشارك «بنات الرئيس» الإعجاب بمسرحية «بترا»، ومما يقال فيها «في اشياء نقالت واشياء ما نقالت بعدها ورا الدمعة مخباية... وشو كلف النصر؟ فنسألهنّ: الدمعة شو مخباية عند كل واحدة منكن؟»
تقول كلودين: «كل الاوجاع والخيبات» مشيرة الى «ان حتى وصول العماد عون الى الرئاسة لم يغطّ على ما حدث في 13 اكتوبر»، وتضيف ميراي: «بعد كل هذه التضحيات وصل الجنرال الى الرئاسة وهو يملك القدرة على النجاح، لكن الخوف ألا يستمر الجهد من بعده و (ما يبقى شي) وان تضيع تضحياته، وان تنتهي الأمور بأن رئيساً قوياً جاء ونجح، ومن بعده نعود الى نقطة الصفر...». تبكي وتمسح دمعتها: «هذا خوفي وهذا ما قد يكون موجعاً، ولهذا السبب قلت في ما خص الإنجازات، جوابي أتركه الى ما بعد نهاية العهد».
اما شانتال فتقول: «الدمعة هي كل الوجع والخسارات والشهداء الذين كانوا بيننا والمآسي والخيارات التي لم نستطع تحقيقها... إضافة الى قصصٍ شخصية. صحيح اننا لا (نربّح العالم جْميلة) بتضحياتنا الشخصية، لكن هذا لا يعني اننا لم ندفع اثماناً شخصية، لقد خسرنا سنوات في مسيرتنا التعليمية».
وهنا تتدخل ميراي: «هناك وظائف أقفلت بوجهي رغم نجاحي بمجرد انني ابنة ميشال عون. أنا تعلّمتُ منه ان ما من تجربةٍ سيئة في الحياة، فكل تجربة تعلّمك شيئاً. إضافة الى عبارة لطالما ردّدها الجنرال عون عن الرئيس الراحل كميل شمعون انه انسان يعيش دائماً لغده ولا يعيش لحظة للماضي، ومن المهم دائماً ان ينظر المرء الى الأمام».

على الهامش

فراشات الرئيس الثلاث

• السيدة ميراي عون الهاشم هي الابنة الكبرى للرئيس اللبناني، وتخصّصتْ في المعلومات الإدارية في الجامعة اليسوعية في بيروت قبل ان تنال ماستر من جامعة Paris Dauphine. لعبتْ دوراً رئيسياً في «مأسسة» التيار الوطني الحر وصياغة نظامه الداخلي. وفي الانتخابات الحزبية الأخيرة، فازت بعضوية المكتب السياسي حاصدة العدد الأكبر من الأصوات.
• السيدة كلودين عون روكز، الابنة الوسطى لـ «الجنرال»، حائزة على ماجستير في السينما والدراسات السمعية والبصرية من جامعة «السوربون» في فرنسا وهي المؤسسة ورئيس مجلس الادارة في شركة الاعلانات Clémentine.
• اما السيدة شانتال عون باسيل، فدرست الترجمة لسنتين في باريس قبل ان تعود الى اختصاصها الذي تحبه وهو تصميم الأزياء الذي نالت فيه شهادة جامعية.

«خلّي راسكم مرفوع  انتو رح تروحوا ترتاحوا  واللبنانيين رح يبلشوا يتعبوا»

في حديثها عن أي لحظة مجد ولحظة خيبة مرّ بها الجنرال؟ تجيب ميراي: «مهما يكن إحساسه بالخيبة فلم يكن يُشْعِرُنا بها». لتضيف شانتال: «أعتقد ان المجد والخيبة اجتمعا في اللحظة نفسها. نهار 13 اكتوبر عندما دخلنا الى السفارة الفرنسية كانت لحظة مجد وخيبة في الوقت نفسه». وتوضح كلودين: «نزلنا من السيارة وكان الجنرال ينتظرنا على الباب، وأول كلمة قالها لنا (دمعتْ عيناها) خلّي راسكم مرفوع، انتو رح تروحوا ترتاحوا واللبنانيين رح يبلشوا يتعبوا... كلمة قلبتْ مشاعرنا».
وتكمل شانتال: «الجنرال انسان ايجابي جداً، لا يعرف الإحباط ولا اليأس، حتى في زمن المنفى لم يَشعر بهما».

«تلات دقات» من النظرة الأولى

هكذا صار الوزير باسيل ... هديةً في علبة

تَجمْع بين «بنات الرئيس» الثلاث مفارقة «تلات دقات» من النظرة الأولى الى أزواجهنّ.
هذا ما حصل مع كلودين التي وقعت من النظرة الاولى في حب العميد شامل روكز الذي لها منه ولدان جاد (6 سنوات) وعماد (5 سنوات) الى جانب ابن وابنتان من زواج أول وهم جوزف (20 عاماً)، ايما (19 عاماً) وميشيل (17 عاماً).
والأمر نفسه تَكرّر مع ميراي، في حبْها من النظرة الأولى لروي الهاشم الذي تزوّجته العام 1999 بعد نحو 7 أشهر من تعارفهما ولها منه ولدان ماريا (17 عاماً) وايلي (16 عاماً).
اما شانتال، فطبعت حبّها للوزير جبران باسيل علامتان فارقتان، الأولى «الكيمياء» السريعة التي جذبتْهما (وكان ذلك العام 1996) وتُوّجت بزواجٍ بعد نحو 3 سنوات نتج منه 3 أولاد هم يارا (15 عاماً) وغابريلب (12 عاماً) وجورج (11 عاماً). أما الثانية فهي المفاجأة التي قام بها باسيل وكان بعد مسؤول «التيار الوطني الحر» في منطقة البترون، اذ لم يتوانَ عن التخفي داخل علبة ضخمة لُفت كهدية في عيد ميلاد شانتال التي تم ايهامها بأن حبيبها لن يتمكن من الحضور الى باريس لمشاركتها فرحة عيدها وأنه أرسل إليها هذه العلبة التي ما ان فتحتْها حتى كان باسيل هو... الهدية.

حكاية الرئيس مع الحيوانات والزراعة

عُرف عن الرئيس اللبناني ميشال عون اهتمامه بالحيوانات. وقليلون يعرفون ان القصر الجمهوري يحتضن كلبيْن نوع Golden Retriever يعيشان في حديقته.
وقبل فترة وضعتْ الكلبة 5 جراء، حرص الرئيس عون، بحسب ما كشفت كريماته لـ «الراي» على الاحتفاظ بواحد منها وتوزيع الأربعة الآخرين لعائلاتٍ تعمّد «التحري» عنها بدقة للاطمئنان على ما سيكون عليه حال الكلاب الصغار التي «حط» أحدها عند ابنته شانتال زوجة الوزير جبران باسيل وكان هذا أوّل كلب ينضمّ الى عائلتها.
وفي «الذاكرة» عن الجنرال الذي يهتمّ بالحيوانات رواية أوردها الصحافي فارس خشان العام 2005 عن العماد عون خلال وجوده في فرنسا اذ «بقي ثلاثة ايام يقنع الوزّ بأن تقترب منه ليطعمها من يده. وبعد محاولات حثيثة نجح. وأحفاده لم يصدقوا ان الوز يمكن ان تكون قريبة منهم إلى هذه الدرجة».
وكما الحيوانات، يهوى الرئيس عون الاهتمام بالزراعة، وهو ما كان يفعله إبان وجوده في فرنسا وتحديداً في «هوت ميزون» حيث نُقلت قصة شهيرة عن إصراره على زراعة الملوخية «بعكس التيار المناخي القارس» الذي يحول دون ذلك، الى ان «روّضها» وكان له ما أراد في السنة الثالثة... ملوخية في هوت ميزون.
واذا كانت فترة بقائه في دارته في الرابية بعد عودته الى لبنان من المنفى الباريسي مكّنتْه من الاستمرار بمواصلة هوايته بالزراعة، فإن مسؤولياته في القصر منعتْه من المضي فيها.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي