No Script

بوح صريح

«الشق عود» (1)

تصغير
تكبير

لاحظت منذ فترة، أنني كلما طرحت موضوعاً أو انتقاداً، أملاً في حوار أو نقاش مفيد يفضي لنتيجة وعلاج، يكون الرد:«الشق عود»، أي الفجوة كبيرة أو الصدع خطير لدرجة أنه يصعب علاجه أو استيعابه أو الإلمام به و وضع حلول له، وهي عبارة أشبه بهروب سهل من المسؤولية.
فلو تأملنا المشهد المجتمعي العربي اليوم، فسنجد أننا بصفتنا مجتمعاً واحداً يعاني مشكلات متشابهة متقاربة مع اختلافات البيئة والعادات وتفاصيل تمليها الصفة التاريخية - الجغرافية - الثقافية، لذا نحتاج استنباط الخلاصة الحضارية بناء على المستجدات، مع تحليل الوقائع على أسس إيديولوجية فكرية فلسفية مبسطة تصب في مصلحة المجتمع المحلي والعربي ومعالجة وضع الفرد فيه، للنهوض به وغرس الوعي الأخلاقي النهضوي المتجدد المواكب للتغيرات.
مع التركيز على الأسباب وليس بالضرورة الوقوف طويلاً عند النتائج، والبعد عن سياسة «جلد الذات»، التي بات يتقنها الناس وهو نوع من الضعف والانهزام أمام التعقل والوعي وإدراك مسؤولية التغيير، حتى لا نغرق في الإحباط والخيبة والحيرة، بل يجب أن يكون منحى الطرح إيجابياً يعي الحاضر لكن بالتفاؤل مع عين على الغد المشرق.


وهنا لا بد من التذكير بأهمية فك القيد وتشجيع الفنون والعلوم والسينما والمسرح، وإعادة القيمة للسؤال والنقاش والدهشة والتفكير والمعرفة وإيقاظ الفلسفة مجدداً؛ لأن معها سيتم إعادة القيمة الجمالية والروحية السامية، في سبيل انتشال روح الفرد الكادح المغترب التائه والمظلوم نحو الضياء الحضاري والرقي النهضوي التوعوي المطلوب للدفع بالمجتمع إلى التطور والإصلاح، الذي يليق به في العصر الحديث، مع النقد البناء الذي يهدف إلى الإصلاح والتطور.
وحتى يتم ذلك فلا بد من إعادة القيمة المعرفية للاطلاع والثقافة والفكر والقراءة، كنوع من مداواة النفس وقدم شرارة الفضول وإنعاش الدهشة، مع طرح مفهوم «الفرد» كمشروع فكري تركيبي متراكم.
والتركيز على مخاطبة الشباب: التعرف على الذات من خلال مفاهيم الفلسفة الأولى مع التدريب على اكتشاف القدرات والمواهب والدعوة إلى الذكاء والابتكار والإبداع والعطاء والمشاركة ضمن روح الفريق الواحد المتماسك.
ثم لا يكتمل المشروع من دون الدعوة إلى عودة الأخلاق، الذوق والإتيكيت، الضمير ونبذ العنصرية والطائفية والعنف ضد الإنسان، وإعادة التأكيد على أهمية نموذج الأسرة التي تعاني من تزايد نسب الانفصال وشتات الأبناء وتعطل مستقبلهم من جهة، وعزوف الشباب عن الزواج من جهة أخرى وهنا لا بد من التطرق لتحليل مفهوم الأسرة المتينة وأسباب التفكك الذي حل بها مع كثرة الطلاق والاعتماد على المربية والخدم وتعدد العلاقات والخيانة والإهمال واللامبالاة، الذي أدى إلى انحراف الأبناء وضياعهم واغترابهم مع تفاقم الفجوة بينهم وبين الوالدين.
والتأكيد على أهمية التسامح كسلاح لا ادعاءات فارغة، ثم كيفية تقبل الآخر والتحاور معه، وأهمية تطبيق القانون على الجميع والعدالة الاجتماعية في اتجاه مفهوم السلام الإنساني... وللحديث بقية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي