No Script

كلاكيت الفساد... هل من جديد؟!

تصغير
تكبير

يدرك سمو رئيس مجلس الوزراء جيداً الحال الذي وصلت إليه الكويت في انتشار الفساد... جاء ذلك في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حسب ما تناقلته الصحف اليومية نتيجة لتراجع مركز الكويت في مؤشر مدركات الفساد لعام 2017 الصادر من منظمة الشفافية الدولية.
وقبل البدء، فإن المؤشر الذي يصدر سنوياً يقوم على أساس قياس مستوى الفساد وحدة انتشاره بين الأجهزة الحكومية، ومدى جدية تلك الحكومات في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة بين إداراتها المختلفة. وفي كل عام ننصدم بحجم تراجع الكويت في هذا المؤشر، حتى بات مادة أساسية سنوية لكتابة مقالي الإسبوعي!
الجيد في الموضوع، أن مجلس الوزراء أعلن للعلن استياءه لتراجع مركز الكويت ولما يمثله من «إساءة لمكانة الكويت وسمعتها»، وقرر تشكيل لجنة للوقوف على كل الحقائق والسعي نحو الإرتقاء بمركز الكويت ومحاولة تطبيق عملية الإصلاح المنشودة، لعل وعسى أن ينصلح واقع الحال المزري جداً.


لقد ذكرت في مقال سابق، ولعل الذكرى تنفعهم، أن الكل في الكويت يدعو إلى تطبيق القانون، والكل يدعو إلى مواجهة الفساد والصفقات السياسية وترسية المناقصات المشبوهة والتلاعب بالقانون والمحافظة على المال العام والتصدي للواسطة والمحسوبية، ورغم كل ذلك ورغم ما نعانيه ونسمعه ونراه، لم نرَ مسؤولا واحدا يحاسب أو يعاقب. أليس سبب الفساد وجود فاسد... فاسد واحد فقط، أم أن الفاسد ضمير مستتر لن يظهر في هذا الوطن؟
ولعل تفشي الفساد أضحى اليوم ظاهرة طبيعية، لم تعد كما كانت مستغربة، لذلك فإن تشكيل اللجان والأجهزة المتخصصة وسن القوانين والبحث والتحري عن حالات الفساد، وحدها لم ولن تجدي نفعاً.
فالمشكلة اليوم مشكلة مجتمعية بحتة، تحتاج إلى غرس مفاهيم المواطنة وتهيئة جيل كامل يعي ويفهم أنهم هم أبناء هذا الوطن، وأن ممتلكاته وموارده هي ممتلكاتهم ومواردهم هم وحدهم.
على الدولة أن تدرك تماماً أنها يجب أن تتخذ إستراتيجية طويلة المدى - إن كانت ترغب فعلاً في معالجة أوجه القصور الذي أدى إلى تفشي الفساد في أجهزة الدولة - تعتمد على التربية السليمة للجيل الجديد في المنزل والمدرسة، وتقوم على أساس غرس مفاهيم العدل والمساواة وحب الوطن والإخلاص في العمل وغيرها مما لا يسع المجال لذكرها، وليس عن طريق الأوبريتات والاحتفالات الوطنية ومسيرات شارع الخليج! أما غير ذلك، والعمل على أساس خطة آنية، فإن ذلك لن يجدي نفعاً، وكما يقول المثل العامي، «لا طبنا ولا غدى شرنا»!
استذكرت حديثاً دار بيني وبين أحد زملاء العمل السابقين حول بعض المعاملات الحكومية، فذكرت له «من الأفضل أن تشوف لك واسطه لتخليص هذه المعاملة، لأن الروتين والبيروقراطية راح يذبحك والواقع مع الأسف صعب ومخيف». فأجاب باختصار وبكل صراحه «يا بوخالد، الواسطة ما عادت تنفع، دينارك وبس»... والله المستعان!

boadeeb@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي