No Script

رواق

ماريا المجد

تصغير
تكبير

عشية عيد العشاق استضاف برنامج ليالي الكويت الدكتورة أنوار الابراهيم ووالدتها ماريا، مدة المقابلة نحو نصف ساعة، شاهدت الدقائق الثلاث الأولى على عجالة فلم أستطع التوقف عن مشاهدته لعمقه!
رغم حديث دكتورة الهندسة الشيق حول جامعة الشدادية، التي سمعنا عنها صغاراً وتمنينا ألا ندرس فيها كباراً، والحمدلله الذي حقق لنا هذه الأمنية لنتخرج في الجامعة ونترك طلبتها وأساتذتها «يبتلشون» في جامعتهم الجديدة!
إلا أن الأكثر تشويقاً وعمقاً وجود أم الدكتورة إلى جانب ابنتها كلتاهما فخورة بالأخرى، كل الأمهات يفتخرن ببناتهن إن صرن «دكتورات»، ولكن ليس كل البنات يفتخرن بأمهاتهن إن كن أجنبيات!


مع الأسف الشديد، في مجتمع تزايد فيه التنمر ضد كل ما هو وافد، حتى وصل إلى أبناء الوافدين من الكويتيين، وهو مصطلح أثار غضب البعض عندما كتبته للمرة الاولى إذ اتصلت بي ابنة أم غير كويتية، لتعاتبني عليه وتتمنى مني إزالة المصطلح، لتخترع مصطلحاً جديداً نفرق فيه بين الأمهات الوافدات والأمهات اللاتي ذهب الآباء الى ديرتهن للزواج منهن والإتيان بهن معززات مكرمات، وفي ذلك إقرار بأن الوافدة إن لم تتزوج كويتياً فلن تعيش معززة مكرمة في الكويت!
أمراض كثيرة يرفض المجتمع الاعتراف بها لتشخيصها وعلاجها... تمكنت حرم عبدالعزيز الإبراهيم - الإيطالية - وضع يدها على الورم الخبيث وبإزالته نهائية بكلمة واحدة ختمت بها اللقاء: «أنا ما أسمح لأحد يقول عن عيالي أمهم أجنبية، واللي يقول لهم چذيه لازم يقولون له احنا كويتيين، وامنا كويتية وغصبن عليكم كلنا كويتيين!».
اثبتت ماريا كويتيتها سلوكاً لا جنسية بعبارة «غصبن عليكم»، ففي الكويت ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والقوة هنا قوة إرادة وعزيمة أن تكوني مسيحية وتربي مسلمين، أن تكوني إيطالية وتربي كويتيين، أن تستقل وتعتز بهويتك وتفاخر بها بدلاً من أن تذوب وتنصهر في هوية لفظتك بذريعة الحضارة، فلا طُلت حضارة ولا بداوة!
المجد، كل المجد لماريا، التي خطفت الأضواء، كل الأضواء، من ابنتها الدكتورة التي ظلت مثالاً حياً ونموذجاً مشرفاً يقتدى به للمرأة الكويتية، إذا تربت في بيت ينشر التسامح ففاقد الشيء لا يعطيه، والذي يتربى في بيت عنصري لا يمكن أن يكون غير عنصري!
ماريا المجد واجهت العنصرية بالتسامح، ذلك التسامح الذي منحها القوة والصلابة، لأنها على حق فلم تخفض جناح الذل من الرحمة، لتستجدي مجتمعاً كي يقبلها بين مواطنيه لحملها وثيقته، فالمواطنة سلوك وفعل مضاف للمجتمع، يكتسب قيمته منه، وكذلك يعطيه قيمة.
نصف ساعة من العفوية في برنامج تلفزيوني... قدمت فيها صورة حقيقية لكويت حقيقية، فشلت كل حملات العلاقات العامة في تصحيحها وبعض الإعلانات عمدت على تشويهها، ولنا في أغنيات العيد الوطني عبرة.
عشية عيد العشاق بادلت ماريا حب الكويت بالحب، فشحنت أرواحنا الوطنية بوطنية حقيقية لا يزايد عليها أحد في حب الوطن الذي يسكننا ونسكنه، وافدون أو كويتيون أو أبناء الوافدين... الكويتيون «غصبن عليكم»!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي