كثر الحديث في الفترة القصيرة الماضية عن احتمال التعديل الوزاري، خصوصاً بعد تقديم وزير الأشغال استقالته التي لا تزال منظورة أمام مجلس الوزراء، والأنباء المتداولة عن احتمال تقديم وزراء آخرين لاستقالاتهم في الأيام القليلة المقبلة، كذلك بعد وأد استجواب رئيس الوزراء وتحويله للجنة التشريعية، مما ينهي أي أوهام لدى البعض حول قوة مجلس الأمة أو قدرته على المحاسبة الجدية.
وفي ظني أن احتمال التعديل الوزاري في الوقت الحالي هو الأكثر منطقية، خصوصاً للمتابع للشأن السياسي الكويتي والطريقة الحكومية التقليدية في التعامل مع الأوضاع السياسية، فالحكومة اعتادت عدم التصدي للمشكلات الكبيرة التي تواجهها؛ بل الالتفاف عليها من خلال الاستقالة أو التدوير الوزاري وأحياناً أخرى الدفع بحل مجلس الأمة، وهذه المرّة لا تختلف عما سبقها؛ فالحكومة وإن حاولت جاهدة «ترقيع» فضيحة الأمطار، إلا أن الواقع يقول بأن تلك الأمطار كشفت فساداً لا يمكن السكوت عنه ولا ينفع معه «الاستياء» فقط، وبالتأكيد لم يمض الكثير على الفضائح التي انتشرت الصيف الماضي كقضية الشهادات المزورة أو الحيازات الزراعية... الخ، ولا أعتقد أن الحكومة قادرة على إقناع الشارع السياسي ولا المجتمع بقدرتها على حل تلك الملفات، كما يبقى ملف الأزمة السياسية الممتدة منذ العام 2011 عالقاً حتى يومنا هذا، بسبب المماطلة في حلحلة ملف الجناسي المسحوبة وملف سجناء الرأي والتجمعات، لذلك فإن الحل المتوقع من هذه الحكومة هو تقطيع وكسب الوقت لأقصى حد ممكن، عبر تعديل وزاري يتم من خلاله تغيير وجوه بعض الوزراء المتوقع استجوابهم في المرحلة المقبلة، فالحكومة لا تملك أن تستخدم ورقة تحويل الاستجوابات للجنة التشريعية مجدداً، حيث ان هذا التصرف قد يؤدي لاستفزاز الرأي العام وتأجيجه بقوة ضدها، ولا أعتقد بأن الحكومة تريد ذلك في هذا الوقت.
المهم في الأمر هو ما سيحدث في حال تم التعديل الوزاري، فهل سيشكل ذلك التعديل المزعوم فارقاً في الحياة السياسية أو الحياة العامة؟ الحقيقة لا أعتقد بأن التعديل الوزاري سيشكل أي فارق إذا ما اعتمدت الحكومة النهج المتكرر نفسه، وأقصى ما يمكن تحقيقه هو كسب المزيد من الوقت وتفادي الاستجوابات والشحن الشعبي، لذلك فهذا هو المكسب الحكومي الوحيد من التعديل الوزاري، أما المشاكل العالقة فلن تتمكن الحكومة من حلها لسبب مهم، وهو أنها لا تمتلك خطة أو برنامجا وبالتأكيد، هي لا تعمل بروح الفريق الواحد، بدليل أنها عندما تقوم بتغيير وزير ما؛ يأتي الوزير الجديد بسياسات جديدة وقرارات مغايرة لقرارات الوزير الذي سبقه! لذلك نجد المشاكل العالقة ذاتها التي أدت للتعديل الوزاري تعود لتتفاقم لاحقاً، فالحكومة لم تأتِ بأي جديد بل هي كما يقال باللهجة المصرية «تلف وترجع تاني».