No Script

المحكمة استندت إلى مبدأ «اختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى إسقاط وسحب الجنسية الكويتية»

«الإدارية» تعيد جنسيات مسحوبة إلى 46 مواطناً: للمحاكم تقرير وصف عمل الحكومة إن كان سيادياً

تصغير
تكبير
أوراق الحكومة خلت مما يثبت أن المدعي نال الجنسية بغير حق لعدم صدور أي حكم نهائي في هذا الخصوص

القضاء مختص بإثبات أو نفي الحصول على الجنسية بغش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة

تمكين المواطن من حق التقاضي وسيلة لحماية الجنسية وضمان فاعليتها

استثناء القرارات الإدارية من رقابة القضاء يقتصر على منح الجنسية أو رفضها لارتباط ذلك بكيان الدولة

لا يتحقق إخضاع سحب الجنسية أو إسقاطها للقانون إلا برقابة القضاء على قراراتها

المشرّع اكتفى بوضع المبادئ وترك تحديد مفهوم «أعمال السيادة» للقضاء

إذا تعارض قانونان بين اختصاص نظر قضايا الجنسية أو عدمه وجب حسم الأمر بتوحيد وجهتي النظر
قضت المحكمة الادارية أمس بإلغاء قرار مجلس الوزراء الذي سحب الجنسية الكويتية من مواطن و45 شخصا اكتسبوها منه بطريق التبعية، مع ما ترتب عليه من آثار، مؤكدة أن القضاء الجزائي يكون المختص بإثبات او نفي جريمة الحصول على الجنسية الكويتية بناء على غش او اقوال كاذبة او شهادات غير صحيحة ينطوي على جريمة جزائية، وبالتالي فانه كان يتعين على جهة الإدارية ان تتربص صدور الحكم النهائي في الدعوى قبل إصدار القرار المطعون فيه.

وكان دفاع المدعين المحامي خالد عايد العنزي قد طالب، بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بسحب جناسي المدعين، وقدم حافظة مستندات اشتملت على صورة شهادات الجنسية للمدعين ثابت بها انهم جميعا كانو يحملونها وفقا للمادة الاولى، مطالباً بالغاء القرار المطعون فيه.


ورأت المحكمة في حكمها ان قرار سحب الجنسية من المدعين جاء فاقدا لسببه الذي يبرره ومخالفا للقانون. لأن النص في المادة (21) من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 وتعديلات في شأن قانون الجنسية الكويتية على أنه «يجوز اثبات الجنسية الكويتية - على الوجه المبين بهذا القانون - بتحقيق تجريه لجان تعين بمرسوم بناء على عرض رئيس دوائر الشرطة والامن العام، ولهذه اللجان ان تستدل على وجود الجنسية الكويتية بأوراق تثبت ذلك، ولها ان تسمع شهودا موثوقا بشهادتهم وان تأخذ بالشهرة العامة أو بأي قرينة أخرى تراها كافية في اثبات هذه الجنسية، وتقدم اللجان تقريرا بنتيجة التحقيق الى لجنة عليا تعين بمرسوم بناء على عرض رئيس دوائر الشرطة والامن العام، ولا يكون تقرير اللجان نافذا إلا إذا صدقت عليه اللجنة العليا، ويصدر مرسوم - بناء على عرض رئيس دوائر الشرطة والامن العامة بتنظيم هذه اللجان وبالاجراءات التي تسير عليها في اعمالها، والنص في المادة (21) مكرر (أ) منه على ان تسحب شهادة الجنسية الكويتية إذا تبين انها اعطيت بغير حق بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة، ويكون السحب بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الداخلية، وينبني على ذلك سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريق التبعية، والنص في المادة (21) مكرر (ب) منه على أن كل شخص أدلى ببيانات غير صحيحة الى الجهات الادارية المختصة بتحقيق الجنسية الكويتية أو اللجان المشكلة لهذا الغرض سواء لاثبات الجنسية الكويتية لنفسه أو لغيره أو لتسهيل كسبها طبقا لاحكام هذا القانون، وسواء حصل الادلاء شفاها أو كتابة، ولم يثبت انه بذل جهدا معقولا للتأكد من صحة ما أدلى به، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز مئتي دينار أو باحدى هاتين العقوبتين، فإذا كان قد أدلى بالبيانات سالفة الذكر مع علمه بعدم صحتها كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات، ويجوز ان تضاف اليها غرامة لا تجاوز خمسمئة دينار مفاده انه لا يجوز تطبيق الجزاء الاداري المنصوص عليه في المادة (21) مكرر (أ) وهو سحب شهادة الجنسية الكويتية إلا بصدور حكم جزائي نهائي وبات يثبت فعلا الحصول عليها بناء على الادلاء ببيانات غير صحيحة وفقا للمادة (21) مكرر (ب).، ولا ينال من ذلك ان المادة (21) مكرر (ب) جاءت في القانون لاحقة على المادة (21) مكرر (أ) باعتبار أن هذا الأمر لا يعدو عن كونه مجرد خطأ في الترتيب وقع فيه من صاغ القانون آنذاك، كما ان المادة (21) مكرر (أ) من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 وتعديلاته في شأن قانون الجنسية الكويتية غير دستورية، ذلك ان عبارة «إذا تبين انها اعطيت بغير حق» فضفاضة لا توجد لها أي ضوابط موضوعية وتنطوي على تعد صارخ من السلطة التنفيذية على اختصاص اصيل من اختصاصات السلطة القضائية بالمخالفة للمواد (32) و (34) و(50) و(167) من الدستور، ولما كانت نتائج تنفيذ القرار المطعون فيه يتعذر تداركها بسبب الاضرار الجسيمة التي ألحقها بالمدعين بمعاملتهم وأسرهم في كل ما يتعلق في أمور معيشتهم على أساس انهم أجانب وليسوا مواطنين كويتيين، وكانت جهة الادارة لم ترد على تظلمهم الذي قدموه الى رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 5/9/2016، الامر الذي حداهم على رفع الدعوى الماثلة بما سلف من طلبات.

وحيث ان المدعين يستهدفون القضاء بقبول الدعوى شكلا، وقبل الفصل في الموضوع بوقف نظر الدعوى باحالتها الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية المادة (21) مكرر (أ) من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 وتعديلاته في شأن قانون الجنسية الكويتية، وفي الموضوع بالغاء القرار رقم 1143/2016 الصادر من مجلس الوزراء بتاريخ 17/8/2016 فيما تضمنه من سحب شهادة الجنسية الكويتية من المدعي الاول وممن يكون قد اكتسبها عنه بطريق التبعية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبالزام جهة الادارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وحيث انه في مجال اختصاص المحكمة الولائي بنظر الدعوى وما إذا كانت تتعلق بعمل من أعمال السيادة من عدمه، فإنها تشير بداءة الى ان محكمة التمييز قررت في الحكم الصادر في الطعون أرقام 647 و659 و694 لسنة 2015 اداري في جلسة 23/3/2016 ان النص في المادة (166) من الدستور على ان «حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الاجراءات والاوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق»، والنص في المادة (169) على ان «ينظم القانون الفصل في الخصومات الادارية بواسطة غرفة أو محكمة خاصة يبين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء الاداري شاملا ولاية الالغاء وولاية التعويض بالنسبة الى القرارات الادارية المخالفة للقانون، والنص في المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 في شأن انشاء دائرة ادارية بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الادارية على ان «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ادارية... وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية، وتكون لها فيها ولاية قضاء الالغاء والتعويض: - أولا:... خامسا - الطلبات التي يقدمها الافراد أو الهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية واقامة وابعاد غير الكويتيين وتراخيص اصدار الصحف والمجلات ودور العبادة يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على ان الاصل الدستوري هو ان حق التقاضي مكفول للناس كافة، فيكون لكل ذي شأن حق اللجوء الى قاضيه الطبيعي بما في ذلك الطعن على القرارات الادارية النهائية واخضاعها لرقابة القضاء، لذلك كان الاصل في حق التقاضي هو خضوع الاعمال والقرارات الادارية لرقابة القضاء وحظر تحصين أي منها من هذه الرقابة، وان وجد هذا الحظر فهو استثناء وقيد على أصل الحق، فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه بما يمحو الاصل أو يجور عليه أو يعطله أو يتغول عليه، فيقتصر أثره على الحالات وفي الحدود التي وردت به، ولما كان ذلك، وكان المشرع - اعمالا لنص المادتين (166) و(169) من الدستور سالفتي البيان - قد أنشأ بالمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 دائرة ادارية بالمحكمة الكلية تختص دون غيرها بنظر المنازعات الادارية المبينة به، وكان النص في البند خامسا من المادة (1) من هذا القانون سالفة البيان - بعد ان قرر الاصل العام في اجازة طعن الافراد والهيئات في القرارات الادارية النهائية الصادرة في شأنهم - استثنى من ذلك بعض القرارات الادارية ومنها القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، وكان هذا الاستثناء يعد قيدا على حق التقاضي لما ينطوي عليه من حرمان ذوي الشأن من اللجوء الى القضاء والطعن على القرارات الادارية الصادرة في مسائل الجنسية وباعتبارها ان حق التقاضي هو وسيلة حمايتها وضمان فاعليتها، والاصل فيه - كما سبق القول - خضوع الاعمال والقرارات الادارية لرقابة القضاء، ولذلك فان هذا الاستثناء يتعين قصر نطاقه على القرارات المتعلقة بمنح الجنسية أو رفض منحها باعتبار أنها ترتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من يتمتع بجنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره في هذا الشأن وفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، ومما يؤكد هذا النظر ان المادة (27) من الدستور الكويتي قد نصت على ان الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز اسقاط الجنسية او سحبها إلا في حدود القانون»، وهذا الامر لا يتأتى تحققه إلا بالرقابة القضائية على عمل الادارة، ومن ثم يجوز الطعن عليها الغاء وتعويضا أمام الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية، ولا محل للقول بأن القرار الصادر في هذا الشأن يعد عملا من أعمال السيادة التي لا يجوز للمحاكم نظرها وفقا لنص المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990، ذلك انه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، ان المشرع لم يورد تعريفا أو تحديدا لاعمال السيادة التي نص عليها في المادة سالفة الذكر، وانما ترك أمر تحديدها للقضاء اكتفاء باعلان مبدأ وجودها، ومن ثم تكون المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من الحكومة وما إذا كان يعد من اعمال السيادة من عدمه، وتخضع محكمة الموضوع في تكييفها هذا لرقابة محكمة التمييز، وانه وان كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لاعمال السيادة أو حصر دقيق لها، إلا ان قضاء هذه المحكمة جرى على انها القرارات التي تصدرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم وليس بصفتها سلطة ادارة،. وتصدر في اطار وظيفتها السياسية كسلطة عليا تتخذ ما ترى فيه أمن الوطن وسلامته والمحافظة على سيادة الدولة وكيانها ووحدتها الوطنية، أما القرارات الادارية التي تصدرها بصفتها سلطة ادارة، فإنها يجب ان تصدر في اطار القانون المنظم لها وتلتزم ضوابطه وحدوده، وتخضع بالتالي لرقابة القضاء.

وحيث انه لما كان ذلك، وكان الثابت مما سبق بيانه وجود مبدأين قانونيين متناقضين قررتهما احكام سابقة صادرة من محكمة التمييز يقضي أولهما باختصاص القضاء الاداري بنظر الدعاوى المتعلقة باسقاط وسحب الجنسية الكويتية، بينما يقضي المبدأ الثاني بعدم اختصاصه بنظرها باعتبارها من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم، فإن المحكمة تشير الى ضرورة احالة الدعوى من قبل المحكمة المختصة الى الهيئة العامة لدوائر محكمة التمييز لحسم هذا التناقض وتوحيد وجهتي النظر عملا بالمادة (4) من المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 في شأن قانون تنظيم القضاء، وإذ كانت الدائرة الحالية - باعتبارها من الدوائر الادارية بالمحكمة الكلية - لا تملك اجراء مثل هذه الاحالة، فانها تمضي في نظر موضوع الدعوى استنادا الى المبدأ القانوني الاول القاضي باختصاص القضاء الاداري بنظر الدعاوى المتعلقة باسقاط وسحب الجنسية الكويتية.

وخلصت المحكمة إلى الحكم: أولا: بعدم جدية الدفع بعدم دستورية المادة (21) مكرر (أ) من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 وتعديلاته في شأن قانون الجنسية الكويتية.

ثانيا: بإلغاء القرار رقم 1143/2016 الصادر من مجلس الوزراء بتاريخ 17/8/2016 فيما تضمنه من سحب شهادة الجنسية الكويتية من المدعي الاول وممن يكون قد اكتسبها عنه بطريق التبعية مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وقال المحامي خالد عايد العنزي لقد انتصر القضاء للمواطن الكويتي وهذا ابسط رد لكل من حاول ان يشكك بقضائنا النزيه ولله الحمد نحن في بلد الحريات والقانون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي