No Script

دونالد ترامب يعزف نشيد «صليل الصوارم» في آذان «داعش»

تصغير
تكبير
يدفع تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) بالعالم إلى إعلان الحرب على المسلمين القاطنين في القارات الغربية القريبة والبعيدة عن مسرح الصراع في الشرق الاوسط، لمعاملتهم معاملة سيئة، وتالياً دفع هؤلاء الى «دار الإسلام»، تحت حكم «داعش»، وإلى هجر «بلاد الكفر» التي ولدوا فيها أو تربوا في كنفها او هاجروا إليها.

عندما يعلن المرشح الاميركي للرئاسة دونالد ترامب انه «ينبغي على اميركا ان تغلق الباب امام المسلمين كافة»، فهو يعزف نشيد داعش، المعروف بصليل الصوارم في آذان قادتها، لأنه يذهب مباشرة الى مبتغاهم ومرادهم. فقد أعلن زعيم داعش أبو بكر البغدادي في 13 مايو الماضي، ان بلاد العالم «ستقفل وجهها امام المسلمين الذين سيُعامَلون معاملة سيئة وسيندمون على بقائهم في دار الكفر»، هذا لأن البغدادي كان يعلم انه يخطّط لضرب فرنسا، وأن باريس يمكن ان تنتفض بعنصرية ضد المسلمين بعد أحداث دامية ارادها هو، ولأنه تنبّأ ايضاً بما يمكن ان يقوله امثال ترامب.

لا ينبغي على المسلمين الذين يمثّلون ربع سكان العالم الدفاع عن أنفسهم والاعتذار عما يفعله «داعش»، لانهم الضحية الاولى للإرهاب في بلادهم، حيث يقتل التنظيم المسلمين وخصوصاً السنّة منهم، وفي بلاد العالم لأنه يجعل المسلمين يدفعون ثمن عملياته عبر المعاملة المريبة التي يتسبب بها ارهاب هذا التنظيم. فاذا جمعنا عدد اللذين قتلوا على يد «داعش» خلال شهر واحد في سورية والعراق ومصر وليبيا وافغانستان وتونس ولبنان ونيجيريا، فإن الرقم يتخطى عدد ضحايا أحداث 11 سبتمبر في أميركا، ويتخطى يومياً عدد ضحايا التفجير الانتحاري والعمل الارهابي الذي طال لندن عام 2007 او باريس الشهر الماضي.

إن مهاجمة المسلمين على خلفية ما يفعله «داعش»، يصب في صلب اهداف هذا التنظيم ويحقق مطالبه بتنظيم حال من التوحش وإدارتها، وهي الحال التي ساهم هو والغرب في إيجادها. فهناك ملياران ونصف المليار من المسلمين في بقع مختلفة من العالم، ولا تمثل التنظيمات الدينية المتشددة سوى جزء صغير جداً، وعدد من قتلتهم او تسبّبت بقتلهم لا يساوي ضحايا حرب واحدة بين «ملوك المخدرات» في المكسيك او اميركا اللاتينية او غيرها.

الاعلام يتحمّل مسؤولية قيام «مجتمع رعب» مما يفعله «داعش» لنقله «انتصاراته العظيمة» وعدم تسليط الضوء على هزيمة هذا التنظيم وتقهقره في العراق والشام، بل العمل على إبرازه الجوانب «المثيرة» التي يبثها هذا التنظيم من خلال استخدامه التكنولوجيا الحديثة. فهذا الاعلام يتحمّل في نهاية المطاف مسؤولية توجيه الرأي العام وتجييشه ضد الإسلام، وليس نحو الهوية الارهابية لـ «داعش»، ويتجاهل في الوقت عينه شرح الفرق بين عقيدة «داعش» ومنهجه وبين عامة المسلمين.

وينتقل الاعلام من خطأ الى خطأ من خلال الترويج للسياسة الخارجية للغرب التي تغمز من قناة احتمالات قيام «دول كردية» في سورية والعراق لأن «الاكراد هم افضل من قاتل داعش». في حين ان هذا الاعلام الغربي يتناسى كيف ان اربيل العراق طلبت مساعدة العالم عندما وصل «داعش» الى ابوابها وكيف سقط 80 في المئة من كوباني السورية قبل تدخّل الطيران والوحدات الخاصة من البيشمركة والبريطانيين والاميركيين لمنع سقوطها، ثم يعود الحديث عن تقسيم العراق وسورية وكأن اخطاء السياسة الغربية في الشرق الاوسط لا تكفي.

عندما دخل الاتحاد السوفياتي الحرب على افغانستان، دعمت اميركا المجاهدين العرب والافغان الذين اصبحوا ألدّ اعدائها وولدت «القاعدة» من رحمهم، وعندما دخلت الولايات المتحدة العراق عام 2003 للقضاء على «ترسانة الاسلحة الشاملة التي لم تجدها» ولد من جراء سياستها ما يعرف بـ«داعش» اليوم، خصوصاً بعد قرار السفير الاميركي بول بريمر اجتثاث البعث الذي افضى الى إرسل مئات الآلاف من المنتمين للحزب المنحل الى منازلهم، ومنهم خرج عدد كبير من قادة «داعش» اليوم الى «العمل الجهادي»، والنتيجة ان الغرب يتهم الان المسلمين بما صنعه هو نفسه لبلدان الشرق الاوسط وله على السواء.

عندما لا يعترف الغرب بسياسته الخاطئة في الشرق الاوسط ولا يعترف بانه يقتل ابرياء اثناء حربه على الارهاب، وبأنه هو من يعطي الحطب اللازم لـ «داعش» لرميه في النار، يكون هذا الغرب هو المسبّب الرئيس لما يحصل، اولاً في بلاد المسلمين وثانياً في البلاد الاخرى، ولهذا فإن المسلمين هم الذين ينتظرون اعتذار الغرب منهم وليس المطلوب من المسلمين الاعتذار عما يفعله «داعش».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي