No Script

نحو ألق ثقافي

الرأسمالية... الوغد الوسيم لوليد الرجيب

تصغير
تكبير
صدر للروائي وليد الرجيب عن دار الفارابي كتاب بعنوان «الرأسمالية... الوغد الوسيم في بعض مستجدات العصر».

يقدم الرجيب، في 261 صفحة من القطع العادي، قراءته في «ازدهار الرأسمالية»، انطلاقاً من «مفاهيم ماركسية».

طرح الرجيب للنقاش في الكتاب، مجموعة كبيرة من العناوين، تراوحت بين فورة الرأسمالية التكنولوجية، ولا أخلاقيتها، ورخائها الزائف، ومعاداة عولمتها للديموقراطية، من دون السهو عن تناول سقوط الماركسية، وكذلك بنية وأفكار الربيع العربي، وملفات أخرى مجاورة كتساؤله «هل التفكير التغييري جديد على العرب؟»، وحقيقة وجود «الإخوان المسلمون على رأس السلطة» وهل كان وصولهم كـ «ثورة مضادة»؟، متسائلا «هل حصدت الثورات الثمار النهائية؟».

في كتابه، يحاول الرجيب أن يكشف فظاظة وقسوة الرأسمالية، و«نزعتها الاستهلاكية»، وترويجها لكابوس «الحلم الأميركي..»، حتى على مستوى «المنتجات الطبية»، واستحالة اختراعها وتطويرها أي جهاز كخدمة للبشرية، «إلا أذا كان يأتي لها بالربح».. كما أنه اتخذ من «التفتيش» سبيلا للكشف عن الآليات باحثا عن منفذ يتم عبره تجاوز الانسداد التاريخي، الذي أعقب الربيع العربي، معتبرا- بطبيعة الحال- أن تضخيم «الثورة التكنولوجية»، هدفه «إلغاء دور الأحزاب والقوى السياسية المنظمة!

ككاتب ماركسي، يؤكد الرجيب في مقدمة الكتاب، ضرورة انفتاح العقول- الماركسية- على تغيرات العصر تحت لواء المنطق، والتعلم بسرعة منها، مشيرا إلى خطورة أن يقع الدياليكتيك أسيرا للجمود»النصي«للنظريات، الذي لا يعدو أن يكون مجرد بلاغة جديدة.، وهذه النقطة لا يمكن الاستخفاف بها، فالكاتب- برأيي المتواضع- إن لم يكن شديد الصرامة مع أفكاره، يراجعها من وقت لآخر، سيتحول إلى كاتب تلقيني، يعزز الفقر الثقافي..

بالنسبة لي، يعني صدور»الرأسمالية... الوغد الوسيم«، أن النظام العالمي الجديد لم ينجح حتى الآن، في مصادرة حلم الرجيب – كأي ماركسي، بعد أن دوخت الرأسمالية الدنيا بدوامة/ضوضاء الاستهلاك.

ويجلو من خلال الكتاب، أنه لا أحداث الربيع العربي ولا»النظام العالمي الجديد«، ولا حتى أية متغيرات عنيفة أخرى قادرة على أن تجعل الرجيب، يتخلى عن مرتكزاته الماركسية، رغم أن الكثير من التقدميين العرب، نكصوا عنها إلى الوراء، تارة بدعوى أنها مشروع إنساني وردي غير قابل للحياة، وتارة باعتبار أن انهيار الاتحاد السوفيتي، عنى انهيار الماركسية بالنسبة إليهم.

ورغم دعوة الرجيب القراء، إلى تأمل مقولة»غوته«، بأن»النظرية رمادية اللون يا صاح لكن شجرة الحياة خضراء إلى الأبد«، وكذلك دعوة إنجلز»أن تكتسب المادية صورة جديدة مع كل اكتشاف هام«، فإن المراجعة التي يدعو إليها الرجيب ليست من ذلك النوع البريسترويكي عند غورباتشيف، وإنما دعوة معمقة للقوى الماركسية، للتمسك أكثر فأكثر بكارل ماركس، وأدبيات الفكر الماركسي، مضفيا نوعا من التقدير الكبير لعقلانية وإنسانية هذا الفكر، حيث لا يبدو أن انهيار الاتحاد السوفياتي، قد عنى لدى الكاتب انهيار قيم ماركس.

يبدو من خلال»الرأسمالية… الوغد الوسيم»، أن موقف الرجيب ثابت من فترت الأنوار العالمية، بعيد عن كل الانسدادات التي وقعت في العقود الثلاثة السابقة، معتبرا الواقعية في التعامل مع الماركسية، أحد أشكال الاستسلام والهزيمة واليأس...

ويبدو أيضا أن الرجيب لم يستسلم حتى الآن، وهو يرى شعوب الخمسينيات والستينيات، التي كانت تتوقد حيوية، تتمرغ بثقافة الاستهلاك، مؤكدا في كتابه، أن الأمل وإن كان شاحبا، لكن الأفق ما زال غير مسدود!

* أستاذ النقد والأدب

aliali2222@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي