No Script

في رحاب الأحاديث القدسية / قسمت الصلاة بيني وبين عبدي...

u0633u0648u0631u0629 u0627u0644u0641u0627u062au062du0629... u0644u0647u0627 u0645u0646 u0627u0644u0641u0636u0627u0626u0644 u0648u0627u0644u062eu0635u0627u0626u0635 u0627u0644u0643u062bu064au0631 u0648u0647u064a u0623u0645 u0627u0644u0643u062au0627u0628
سورة الفاتحة... لها من الفضائل والخصائص الكثير وهي أم الكتاب
تصغير
تكبير
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) وفي رواية: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

مفردات الحديث

مجدني عبدي: عظمني وشرفني.

فوض إلي عبدي: رد الأمر إلي.

منزلة الحديث

هذا الحديث يبين فضل سورة الفاتحة ومنزلتها من الدين، ولذا قال بعض السلف مبينا ما لهذه السورة من شأن عظيم عند الله: «أنزل الله عز وجل مائةً وأربعة كتب، جمع علمها في أربعة وهي: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وجمع علم الأربعة في القرآن، وعلم القرآن في المفصَّل، وعلم المفصَّل في الفاتحة، وعلم الفاتحة في قوله: «إياك نعبد وإياك نستعين» (الفاتحة: 5)».

فضائل الفاتحة

ومما يؤكد أهمية هذه السورة العظيمة ما ثبت لها من الفضائل والخصائص التي صحت بها الأخبار منها أن الصلاة لا تصح إلا بها، ولهذا سماها الله صلاة كما في حديث الباب، ومنها أنها أعظم سورة في القرآن ففي البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: (كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: «استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم» (الأنفال: 24)، ثم قال لي: لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ قال: «الحمد لله رب العالمين» هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).

والفاتحة نور فتح لها باب من السماء لم يفتح من قبل، ونزل بها ملك لم ينزل قط، واختص بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - دون سائر الأنبياء، ووُعِد بإعطاء ما احتوت عليه من المعاني، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضا من فوقه - أي صوتاً كصوت الباب إذا فتح - فرفع رأسه فقال: (هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملَك فقال: هذا ملَك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعْطِيتَه) رواه مسلم.

وهي أم القرآن، فإن أم الشيء أصله الذي يرجع إليه، وهذه السورة ترجع إليها معاني القرآن وعلومه، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما أنزل الله عز وجل في التــوراة ولا فــي الإنـجـيـــــل مـثــــــــل أم الــــــــقـرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعـــبدي مـــــــا ســـــــــأل) رواه أحمد والنسائي.

والفاتحة رقية ففي الحديث عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتوا على حي من أحياء العرب فلم يُقْرُوهُم - أي يضيفوهم ويطعموهم - فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق، فقالوا: إنكم لم تُقْرُونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأَتَوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسألوه، فضحك وقال: (وما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي بسهم) رواه البخاري.

أسماؤها

ومما يدل على شرفها كثرة أسمائها، فإن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمَّى، وقد ذكر الإمام السيوطي رحمه الله في كتابه الإتقان أنه وقف لها على ما يزيد علي عشرين اسماً، فمن أسمائها: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والقرآن العظيم، والصلاة، وغيرها.

معنى الحديث

وقوله في الحديث: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) يعني الفاتحة، وسميت صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها، كقوله - صلى الله عليه وسلم - الحج عرفة، فبين الحديث أن الله عز وجل قد قسم هذه السورة العظيمة بينه وبين عبده نصفين، فهو سبحانه له نصف الحمد والثناء والتمجيد، والعبد له نصف الدعاء والطلب والمسألة، فإن نصفها الأول من قوله سبحانه: «الحمد لله رب العالمين» إلى قوله: «إياك نعبد» تحميد لله تعالى، وتمجيد له، وثناء عليه، وتفويض للأمر إليه، ونصفها الثاني من قوله تعالى: «وإياك نستعين» إلى آخر السورة، سؤال وطلب وتضرع وافتقار إلى الله، ولهذا قال سبحانه بعد قوله «إياك نعبد وإياك نستعين» وهذه بيني وبين عبدي.

دعاء الفاتحة

ختمت السورة بالدعاء بأهم ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه، فإن حاجة العبد إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم، أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب والنَّفَس، فهو مضطر إلى مقصود هذا الدعاء، ولا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الهداية، قال الإمام ابن تيمية عن دعاء الفاتحة: «وهو أجل مطلوب، وأعظم مسؤول، ولو عرف الداعي قدر هذا السؤال لجعله هجيراه - يعني ديدنه -، وقرنه بأنفاسه، فإنه لم يدع شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه».

وبذلك يكشف لنا هذا الحديث الصحيح عن سر من أسرار اختيار الله لهذه السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة أو ما شاء الله له أن يرددها، كلما قام يدعوه ربه ويناجيه في صلاته، فلا يقوم غيرها مقامها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي