No Script

خواطر قلم

طعنات الغدر ... لا ترحموها!

تصغير
تكبير

ما زالت طعنات الغدر تتوالى، وما زالت الأرض ترتوي وكأنها لم تشبع من دماء المغدورين، وما زالت الأرواح الطاهرة البريئة المغدورة تصعد إلى بارئها تشكو إليه ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وما زال مسلسل الطعن بلا سبب منطقي أو سابق معرفة ينتشر بين جيل الشباب التائه، الذي لا يعرف قيمة الحياة ولا يقدس الروح البشرية ويريد لثقافة الموت الدخيلة أن تسود في مجتمع آمن مطمئن.
كتبنا مرات وتكلمنا مرات ومرات، وحذّرنا من خطورة انتشار هذه الثقافة المريضة في مجتمعنا الصغير، الذي يعرف فيه بعضنا بعضا، ولكن يبدو أن ثقافة العنف التي تروّج لها أفلام الاكشن الأميركية وحلقات المصارعة الحرة، التي يتم بثها بشكل شبه يومي على قنوات السوء العربية، وربطها العنف بالرجولة وتحقيق الأحلام وتراجع منظومة القيم الأخلاقية وعدم الحزم في تطبيق القانون فضلا عن القصور في مفهوم التربية الأسرية، أثرت بشكل كبير في تشكيل البنية العقلية لبعض أبنائنا المراهقين، ما يدفعهم إلى حل ما يعتقدونه خلافات مع الآخرين عبر العنف والطعن والأذى، الذي أفضى في حالات عدة إلى الموت وفي أحسن الحالات أدى إلى جراح بدنية عميقة وأخرى نفسية من الصعب جدا على المجني عليه تجاوزها.
ثقافة «ليش تخز؟» الشيطانية الدخيلة على مجتمعنا هي نتاج لمفهوم تربوي غريب ناشئ عن حرص الوالدين على غرس العنف في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم، وكثيرا ما سمعنا ونسمع الأب أو الأم وهما يوجهان الأبناء «اللي يطقك طقه» و«خذ حقك بإيدك» وغيرها من كلمات تعزيز الثأر والاعتداء على الآخرين، ولو علم الآباء والأمهات مدى كارثية هذه الجمل البسيطة على تكوين أبنائهم النفسي والسلوكي، وأنها قد تحولهم إلى مجرمين في المستقبل لاستعاذوا بالله كثيرا قبل ترديدها.


قبل ثلاثة أسابيع اعتدى شباب مراهقون طعناً بالسكاكين على محمد صالح الملا ذاك الشاب الخلوق الهادئ المؤدب بلا جريمة ارتكبها، ولا سبب يدعو إلى ذلك سوى الاستهتار والشعور بأن العاقبة ستكون آمنة، وفي أسوأ أحوالها طلب العفو من أهل المجني عليه والدخول في الاعتبارات الاجتماعية للحصول على العفو أو نشر الاعلانات لتجميع الدية وإسقاط حق المغدور.
وقبل أن تنتهي هذه القضية نتفاجأ بجريمة قتل سببها إشكالات شبابية بالقرب من سوق شرق، راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر أطفأ المجرم زهوة شبابه بطعنة غادرة، كما تعرض شقيقه التوأم لطعنة سكين غادرة أخرى!
أيها البشر يا أولياء الأمور، لمَ لا تتنبهون لسلوك أبنائكم ومَن يصاحبون ومع مَن يخرجون، ولماذا يحملون السكاكين والأدوات الحادة معهم حين خروجهم؟!
«الصاحب ساحب» فاحرص على أن يصحب ابنك العقلاء النابهون من أهل الدين والأخلاق والسلوك القويم، كي يسحبوه نحو الصلاح والهداية ليكون لك عوناً في دنياك وشفيعاً في أُخراك، وإياك أن تسهّل له صحبة السوء فتندم ويندم.
ثم نصيحتي لأولياء الدم ألّا يتساهلوا في العفو بمثل هذه الجرائم، حتى ترتدع النفوس المريضة المعتدية على ما حرم الله تعالى واستسهالهم القتل والذبح بلا مبرر ولا مسوغ شرعي.
كما أناشد الأجهزة الأمنية والقضاء أن ينزلوا أشد العقوبات بأمثال هؤلاء الجناة، كي يأمن المجتمع من شرورهم ونقتلع بمعاقبتهم نبتة سوء فاسدة وجدت إلى بعض النفوس المريضة طريقها، كي تستوطنها وتهلك بذلك النبت الصالح من شباب الكويت.
المهمة الأشد تعقيداً وصعوبة تقع على عاتق المجتمع في تغييره لمفهوم «الفزعة»، كي تكون بالحق لا بالباطل، فالمجتمع مُطالَب بتغيير نظرته لمرتكبي مثل هذه الجرائم واعتبارها أمرا شائناً طاعناً بالرجولة وليس العكس، فما ذنب الأم التي يختطف مجرم حياة ابنها بسبب نظرة عابرة أو خلاف على موقف سيارة أو غيرها من الأسباب الواهية، ما ذنب هذه الأم كي تعيش بقية حياتها منكسرة حزينة متألمة لفقدها فلذة كبدها؟ وما الذي ارتكبه الأب من جريرة حتى يكابد شظف العيش منكسر الجناح خاوي الفؤاد بسبب استهتار مراهق لم يراع حرمة الدماء والأرواح.
المجتمع مُطالَب بردع مثل هذه السلوكيات عبر ازدرائها والتحذير منها وعدم التعاطف مع أصحابها.

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي