No Script

أصبوحة

قيادة المرأة والثقافة

تصغير
تكبير

التغيرات الثقافية والاجتماعية لا تحدث تلقائياً، كما أنها لا تحدث فجأة بحكم القانون، فالثقافة مرتبطة جدلياً بالواقع الاقتصادي الاجتماعي، فحتى وإن حصل الإنسان على تعليم عالٍ، لا يعني ذلك بالضرورة أن تتغير ثقافته تلقائياً، فالعلاقة بين التعلم الأكاديمي وبين الوعي الثقافي، علاقة ضئيلة.
فحصول المرأة على حق من حقوقها في المجتمع بقوة القانون، دونه الكثير من العوائق الثقافية، ومنها جانب القناعات والعادات والأعراف، التي لا تتغير بسهولة، وتجربة الدولة السوفياتية التي استمرت 70 عاماً أثبتت هذا الأمر، إذ أعطيت للمرأة بعد الثورة الروسية الحقوق كافة، التي نص عليها الدستور وقوانين الدولة، لكن علاقة الرجل بالمرأة بالكاد تغيرت، حيث ظلت المرأة تعاني العنف الأسري، والدونية خصوصا في الثقافات القروية والصحراوية.
فتغير البنية التحتية وهي الوضع الاقتصادي الاجتماعي، لا يعني التغير الفوري للبنية الفوقية، وهي المؤسسات الحقوقية والسياسية والثقافية... الخ، فتغير العقليات والقناعات قد يحتاج إلى أكثر من قرن، رغم وجود القوانين.


والمرأة الكويتية التي حصلت على حقوق مهمة، مثل الحق السياسي والحصول على مناصب قيادية ونيابية، ما زالت منقوصة الحقوق سواء في قوانين الدولة، مثل حق تجنيس أبناء المتزوجة من غير كويتي، أو في بيئتها الاجتماعية، حيث ما زالت تتعرض للعنف الأسري، وتعاني من النظرة الدونية وتحكم الرجل في مصيرها.
وما حدث في التحول الأخير الهائل للمرأة السعودية، التي أتاحت لها الإرادة السياسية والقانون قيادة السيارة، فهذا لا يعني إلغاء قرون من الثقافة السائدة في المجتمع، ولا يمنع المزدرين لها من الرجال ذوي الثقافة المتخلفة.
فخطر مضايقة المرأة السائقة، ما زال يهدد سلامتها في الكويت وبعض بلدان الخليج، وتنشر الصحف سلوك بعض المستهترين من الشباب، ومضايقتهم للمرأة الذي يؤدي في بعض الأحيان، إلى حوادث بشعة تزهق حياة السائقات.
لكن خطوة السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، تعتبر خطوة أولى في الألف ميل، نحو التغير الثقافي واعتبارالأمر طبيعيا، بل يحظى باحترام السائقين في الطريق، إذ حتى ثقافة القيادة باعتبارها ذوقا وفنا تراجعت بسبب الثقافة السائدة في الكويت.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي