لم يكن اختيار موضوع هذا المقال بالأمر السهل، ففصل الصيف عادة ما يكون بارداً من الناحية السياسية، حتى مع تجاوز حرارة الجو للخمسين درجة مئوية، ويبدو أن البرود السياسي أصبح عادة لا بد منها، فلم نجد أي تحرك - سياسي - ملموس بعد الحكم النهائي في قضية دخول المجلس، سوى بيانات بعض القوى السياسية، لحقها البيان الخجول لمجموعة من النواب، حيث اعلنوا خلاله أنهم «تشاوروا» واتفقوا على مواصلة الجهود والتحركات الدستورية لتحقيق العفو الشامل، من دون توضيح ماهية تلك الجهود والتحركات أو تحديد ما يجب أن يدرج تحت بنود العفو الشامل، ولعل ذلك بسبب وجود اقتراح بقانون للعفو الشامل قد قدم لمجلس الأمة وقد تم «تفصيله» للعفو عن المحكومين في قضية دخول المجلس فقط.
لا أختلف على ضرورة حل قضية دخول المجلس سياسياً وطي صفحتها من خلال قانون للعفو الشامل حسب نص المادة 75 من الدستور، إلا أن الأزمة السياسية الممتدة منذ ما يقارب الثمانية أعوام لا يمكن حصرها في تلك القضية فقط، فنحن نعيش تلك الأزمة منذ الكشف عن مصاريف ديوان رئيس الوزراء السابق مروراً بالكشف عن الشيك المقدم لأحد النواب، ثم فضيحة تضخم حسابات بعض النواب أو قضية الايداعات والتحويلات المليونية، ثم أحداث دخول المجلس، وحل مجلس 2009 وتنحي رئيس الوزراء السابق، وصولاً لإبطال ما عرف بمجلس الاغلبية واقرار مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء ومسيرات كرامة وطن المناهضة له... نتيجة لتلك الأحداث - السياسية - كانت ردة الفعل القوية من الحكومة، سواء من خلال سحب واسقاط الجناسي من بعض الشخصيات السياسية، أو من خلال تضييق الخناق على الحريات العامة عبر إقرار العديد من القوانين المقيدة للحريات، التي راح ضحيتها العديد من الشباب بسبب تغريدة أو موقف سياسي.
لقد مضى من عمر هذا المجلس عامان، لم يتمكن خلالهما النواب من حل القضايا الأبرز في الأزمة السياسية، فقد فشل نواب المعارضة أو العائدون من المقاطعة بتحقيق وعودهم فترة الانتخابات بحل قضية سحب واسقاط الجناسي واقرار قانون يحصن المواطنة، كما فشلوا باقرار قانون للعفو الشامل... ناهيك عن تعديل قانون الانتخاب، ذلك الفشل بسبب أنهم ما زالوا لا ينظرون إلى الصورة الأكبر، فالعمل البرلماني ما عاد كافياً لتحقيق الاصلاح، وتغييب الجماهير عما يحدث خلف الابواب المغلقة لم يعد مجدياً في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك على نوابنا أن يوسعوا افقهم وينظروا للصورة الأكبر...